منتدى الإعلام العربي يعزز تأثير وحضور «جيل زد» في المشهد الإعلامي

شهدت الآونة الأخيرة تغيّرات متسارعة في أدوات وأساليب الإعلام التي نجح جيل «زد» في توظيفها، وتغيير المشهد الإعلامي التقليدي، خصوصاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتقنيات الحديثة، فجعله أقرب، أسرع، وأكثر تأثيراً، خصوصاً في أوساط الشباب والمراهقين الذين يبحثون عن المعلومة السريعة، المغلّفة بقصة جذابة.. هذا ما كشفته جلسات ومناقشات اليوم الأول من منتدى الإعلام العربي كمنصة رائدة تدعم وتحفّز الطاقات الشبابية على الابتكار، والتجديد.

فقد أكد الإعلاميّون الشباب في أحاديثهم إلى «كل الأسرة»، إدراك دولة الإمارات أهمية تمكين جيل الشباب من الإعلاميين، بخاصة المنتمين إلى «جيل زد»، الذين يمتلكون فهماً عميقاً للتكنولوجيا، ولغة المنصات الرقمية. ففي كل دورة من دورات المنتدى، نجد مساحة خاصة يُمنح فيها الشباب فرصة التعبير، التعلّم، والتواصل مع كبار صنّاع القرار الإعلامي في العالم العربي، ما يعزز مكانتهم كقادة إعلام المستقبل. وها هو «جيل زد» يثبت، من خلال منصات التواصل، أنه قادر على إيصال الرسائل الإعلامية بشكل مبتكر، يلائم تطلعات المراهقين والشباب، بلغة تختصر، تحكي، وتلهم.

أنقل الأخبار والرسائل الاجتماعية بلغة بسيطة وقريبة من الناس
من جهته يقول طارق غانم، مقدم محتوى فني عبر منصة «بلينكس»: «نحن جيل تربّى على الإنترنت، نعرف كيف يفكر جمهورنا، وما الذي يلفت انتباهه. اليوم، الخبر لا يحتاج إلى نشرة أخبار تقليدية كي يصل، بل إلى فيديو قصير، أو قصة مؤثرة تُروى في أقل من دقيقة، فأنا أنقل الأخبار والرسائل الاجتماعية بلغة بسيطة وقريبة من الناس. هذا ما ينجح معنا: القصة، الإنسان، والتفاعل اللحظي، وهذا لا يعني أننا نستغني عن الإعلام التقليدي، فهو الأساس الذي لا غنى عنه كمرجع للمعلومات التي نحصل عليها لصناعة المحتوى الإعلامي الذي نقدمه».
منصة تعليمية وفرصة ذهبية للقاء قادة الإعلام
بصفتها طالبة إعلام إماراتية، تبيّن سارة محمد «أفتخر بأن دولة الإمارات تفتح لنا أبواباً كثيرة لنتطوّر كإعلاميين. منتدى الإعلام العربي، مثلاً، ليس مجرّد حدث سنوي، بل منصة تعليمية، وفرصة ذهبية للقاء قادة الإعلام. وخلال مشاركتي فيه، حضرت ورش عمل حفزتني على إطلاق بودكاست شبابي، يتناول قضايانا بلغة الجيل، حيث ندمج الترفيه بالوعي».

أقدّم الأخبار والتحليلات السياسية من خلال القصص
نجحت شذى يامان في جذب جيل الشباب للمحتوى السياسي، الذي كان يُقدَّم بلغة جافة ومعقّدة، كأنه مخصص للكبار، أو المختصين فقط. وتوضح «لقد آمنت بأن السياسة تمسّ حياتنا اليومية جميعاً، حتى الشباب والمراهقين، فقط تحتاج إلى أن تُقدَّم بلغة يفهمونها ويحبونها. على منصة بلينكس، أقدّم الأخبار والتحليلات السياسية من خلال القصص، وأحياناً بالكوميديا الذكية، من دون أن أفرّط في المعلومة، أو العمق. هذا المزيج جذب مئات الآلاف من المتابعين، لأنهم وجدوا في المحتوى السياسي روحاً جديدة قريبة منهم. جيل زد لا ينفر من السياسة، بل ينفر من الأسلوب القديم في تقديمها. نحن نعيد رواية الأحداث بلغة الجيل فقط».

جمهور المنصات لا يملك الوقت لقراءة مقال طويل
كما أوضح رزق طرفة، مدير شركة ايلوكس ميديا للخدمات الإعلامية الرقمية، أن «هناك فرقاً جوهرياً بين الكتابة للإعلام التقليدي، والكتابة لمنصات التواصل الاجتماعي، ففي الصحافة المطبوعة، أو البرامج الإخبارية، نعتمد على البناء الكلاسيكي للخبر، والتحليل المعمّق، بينما في الـ«سوشيال ميديا» نحتاج إلى السرعة، البساطة، والإبداع البصري. جمهور المنصات لا يملك الوقت لقراءة مقال طويل، لكنه يتفاعل مع قصة مصوّرة، أو عنوان ذكي في ثوانٍ. من خلال مشروعي، أعمل مع عدد من المؤسسات الإعلامية لمساعدتها على التحوّل الرقمي، ليس عبر نشر المحتوى فقط، بل عبر فهم خوارزميات المنصّات، وتوظيف أدوات مثل القصص المصورة، الفيديو القصير، والتفاعل اللحظي، لنقل رسائلها بفعالية أكبر. الإعلام لم يعد يُكتب فقط، بل يُصمَّم، ويُروى بطريقة تُقنع هذا الجيل».

التفاعل اللحظي خلق علاقة جديدة بين المذيع والمستمع
أما مذيع الراديو خالد غنايم، فقدم ورشة بعنوان «من الأثير إلى الشاشة»، تحدث خلالها عن التحوّل الكبير الذي نعيشه كمذيعين في هذا الجيل «لم يعد دور مذيع الراديو يقتصر على الصوت فقط، بل أصبح له حضور بصري وتفاعلي، من خلال منصات التواصل الاجتماعي. اليوم، أشارك لحظاتي في الاستوديو على «إنستغرام»، و«تيك توك»، وأتلقى تعليقات فورية من المتابعين، وأحياناً أتفاعل مع موضوع الحلقة بناء على تفاعل الجمهور المباشر. هذا التفاعل اللحظي خلق علاقة جديدة بين المذيع والمستمع، قائمة على القرب والمشاركة، لا على التلقين. جيل اليوم يريد أن يُسمَع صوته، وأن يشعر أن ما يُقال في الأثير يعبّر عنه. وهذا ما ننجح فيه نحن كمذيعي راديو من جيل جديد، نعرف أدوات التواصل، ونفهم جمهورنا».
ختاماً، جيل زد لا ينتظر الفرص، بل يصنعها، مستنداً إلى مهارات رقمية فطرية، ورؤية إعلامية حديثة. وبدعم قيادي ومؤسسي، كما في دولة الإمارات، يتحول الإعلام إلى تجربة حية يشارك فيها الجميع، ويصنع من خلالها الشباب حاضرهم، ومستقبلهم الإعلامي.