26 مايو 2025

إنعام كجه جي تكتب: ابنة المتحرّش

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

مجلة كل الأسرة

ليس هناك ما هو أصعب من موقف شابة ترى والدها وقد أصبح حديث الصحف، والمجالس، ونشرات الأخبار، لأنه متهم بالتحرش، بل والاغتصاب. هذه هي المحنة التي تعيشها الشابة جولي، ابنة الممثل الفرنسي جيرار ديبارديو.

وديبارديو ليس أيّاً كان. إنه النجم رقم واحد بين كبار فناني السينما الفرنسية. ونظراً لشخصيّته المتفرّدة، وجرأته في اختيار أدواره، وآرائه السياسية، فإنه يحتل مكانة مميّزة في قلوب ملايين الفرنسيين والفرنسيات. إنه اليوم في السابعة والستين من العمر، ازداد وزنه، وتضخّم حجمه، حتى أصبح بمثابة صنم لا يجوز المساس به. إنه معلَم من المعالم الفنية للبلد، مثل برج إيفل.

ثم فجأة، انقلب البرج رأساً على عقب. فقد تقدمت عدة نساء بشكاوى يتّهمن فيها النجم الكبير بالتحرش بهن. وبينهنّ واحدة تزعم أنه اغتصبها. وشهدت أخريات بأنه مبتذل في كلامه خلال التصوير، طويل اليد في تفقده أجساد الممثلات العاملات معه. وهي ملاحظات لم يتوقف عندها، لكنه نفى نفياً قاطعاً أن يكون أقام علاقة مع امرأة من دون رضاها. والدليل أن إحدى المشتكيات واصلت تردّدها على منزله بعد الواقعة التي اتهمته فيها بالاعتداء عليها.

صدر حكم ضد الممثل، لكن القضية ما زالت أمام محكمة الاستئناف. وهو يبدو غير مهتم بما يدور حوله، طالما أن هناك ممثلات، من زميلاته وشريكاته السابقات، يدافعن عنه. لكن من يشعر بالمهانة هي ابنته جولي. لقد رأت الصنم المعبود يتحطم أمام ناظريها. وكان لزاماً عليها أن تواجه تساؤلات الصحافة، وملاحقة كاميرات التلفزيون لها.

أخيراً، تكلّمت الابنة. وجاء كلامها على شكل رسالة موجّهة إلى أبيها. قالت له فيها إنها بدأت تشك فيه، وفي كل تصرّفاته. فقد تهرّب من الضرائب، ونقل إقامته إلى بلجيكا لكي يتخلص من المبالغ التي يطالبونه بها. وهو لم يدرك أن الهروب لا يفيده لأنهم سيقتنصونه ذات يوم. كتبت له: «سيجدونك، وستدفع ضرائبك. ثم هناك قضايا ثانية وثالثة... أنت لست في أحسن أحوالك».

الضرائب شيء، والتحرّش شيء مختلف تماماً. لكن البنت لم تفتح فمها بكلمة في ما يخص التهمة الثانية. أما ابنة عمّها دلفين ديبارديو، فقد كانت جريئة حين أعلنت أنها تجد صعوبة في أن تحمل لقب العائلة. لقد تلوّث الاسم، وما عاد المنتجون والمخرجون يطلبون النجم الكبير للعمل. كما توقفت قنوات التلفزيون عن عرض أفلامه. الكل يبتعد عنه كأنه الطاعون. فنحن نعيش في حقبة جديدة، عنوانها فضح الرجال المتحرّشين بالنساء.