18 مايو 2025

ابتسام البيتي: القصة أداة لتشكيل وعي الطفل ونموّه العاطفي

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

برزت كأحد الأصوات المميّزة في عالم أدب الطفل، حيث جمعت بين خبرتها في التعليم المبكر، وشغفها بسرد القصص، وبدأت رحلتها من قلب فصول رياض الأطفال لتقدم حكايات تنبض بالمشاعر، وتلامس وجدان الأطفال...

في حوارنا مع الكاتبة ابتسام البيتي، تطلّ بنا على أهم محطات رحلتها التي ساعدتها على تحقيق حلمها الذي أصبح واقعاً يزدهر كتباً، عاماً بعد عام، وتؤكد حضور الأدب الإماراتي في المحافل الإقليمية، والعالمية:

مجلة كل الأسرة

في عالم الكتابة الواسع، ما الذي قادك لاختيار أدب الأطفال؟

لطالما رغبت في قراءة كتب الأطفال. ودائماً ما كنت أبحث عن الكتب المصوّرة. وعندما بدأت العمل كمعلمة في مرحلة الطفولة المبكرة، كان وقت القصة هو الجزء المفضّل لديّ في اليوم. وكنت كثيراً ما أتمنى أن أكتب قصة خاصة بي لأشاركها مع الأطفال،و لم أكن أعلم أن هذا الحلم سيتحول إلى حقيقة بهذه السرعة.

ما التحدّيات التي واجهتك كمؤلفة لكتب الأطفال، وكيف تغلبت عليها؟

كتابة القصة بحد ذاتها ليست الجزء الصعب، إنما ما يأتي بعد ذلك هو التحدي الحقيقي. أيّ شخص يمكنه أن يكتب قصة جيدة، إذا كان لديه فكرة قوية، لكن الصعوبة تكون في الخطوات التالية للكتابة، بدءاً من البحث عن محرر ومدقق لغوي، وكيفية الوصول إلى الرسام، أو المنصات التي تساعدني على الوصول، وما هو الإجراء الذي يتبع الانتهاء من الرسوم التوضيحية.. كل هذه الإجراءات تتطلب الكثير من الوقت، ولحسن الحظ وجدتها عند عدد من المؤلفين الراغبين في التعاون، والذين جعلوا من رحلتي في هذا المجال أسهل.

وكيف تختارين موضوعات كتبك، وما الرسالة الأساسية التي تسعين إلى إيصالها للأطفال؟

ساعدتني تجربتي التعليمية في مرحلة الطفولة المبكرة، قبل أن أصبح كاتبة، على فهم نمو الأطفال، وإدخال المواضيع التي تشغلهم في قصصي، والتي بكل تأكيد تناسبها الفئة العمرية المستهدفة، وغالباً ما أعود إلى مراحل تطوّر الطفل وأدمجها في السرد القصصي، مع التركيز بشكل خاص على النمو الاجتماعي والعاطفي له.

مجلة كل الأسرة

من وجهة نظرك ككاتبة، كيف تنظرين إلى دور أدب الطفل في تشكيل وعي الأجيال الجديدة؟

تلعب القصص دوراً كبيراً في تشكيل نموّ الطفل. فمن خلال السرد يتعرف إلى مفاهيم ومعلومات متنوّعة، إضافة إلى عالم الخيال، فكل كتاب يحمل رسالة يمكن أن يستفيد منها. ومن خلال تجربتي، وجدت أن استمتاع الأطفال بوقت القصة يجعلهم يتطلعون إليه بحماس، وخلال العديد من زياراتي للمدارس، عبّر الكثير من الأطفال عن رغبتهم في أن يصبحوا مؤلفين في المستقبل، وهذا بحد ذاته يحمل دلالة كبيرة.

شاركتِ في العديد من المهرجانات الأدبية الدولية، مثل مهرجان برادفورد الأدبي، ومهرجان تورونتو الدولي للمؤلفين.. كيف أسهمت هذه التجارب في تطوّرك كمؤلفة؟

عندما بدأت الكتابة، كان حلمي دائماً أن أصل إلى جمهور دولي. ولحسن الحظ، تمكنت من تحقيق ذلك في عام 2024، خلال مشاركتي في مهرجان تورونتو الدولي للمؤلفين، ومهرجان برادفورد الأدبي. أؤمن بشدة بوجود الكثير من المواهب المحلية الرائعة، وتمثيل هذه المواهب في الخارج يعد إنجازاً ليس للمؤلفين فقط، بل للدولة أيضاً. فتح الاعتراف الدولي والتواجد على الساحة العالمية أبواباً جديدة لي، أشعر بفخر كبير لكوني مؤلفة إماراتية، وأتطلع إلى تمثيل دولة الإمارات في المزيد من المحافل الدولية مستقبلاً.

ماذا عن مشاركتك في مهرجان طيران الإمارات للآداب، وكيف ترصدين تأثيره في المشهد الأدبي بالمنطقة؟

دائماً ما كنت أتطلع إلى المشاركة في مهرجان طيران الإمارات للآداب، وزادني شرفاً أني تمكنت من إطلاق كتابين من كتبي خلال فعالياته، فهو من أكبر الأحداث الأدبية في المنطقة، وإلى جانب الدور الذي يلعبه في تعزيز حب القراءة، يشكل منصة رئيسية تجمع المؤلفين والمتحدثين من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب المشاركين المحليين. كما يشارك في المهرجان العديد من الجهات التعليمية والمدارس والمؤسسات المختلفة من خلال فعاليات أدبية متنوعة، مثل المسابقات، ومنافسات كتابة الرسائل، والعديد من الأنشطة الأخرى التي تضمن بقاء الكلمة المكتوبة حية ومتجددة.

مجلة كل الأسرة

كيف تقيّمين العلاقة بين أدب الأطفال والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وهل تعتقدين أن هناك فجوة يجب سدها في هذا المجال؟

 يشير الكثير من المهتمين بالطفولة إلى وجود فجوة في هذا الجانب، إلا أني أختلف مع هذا الرأي بشدة. وبصفتي متخصصة في مرحلة الطفولة المبكرة، أؤمن بأن كتب الأطفال لا تزال تلعب دوراً مهماً للغاية. ففي السنوات الأخيرة، كان لتطوير ثقافة القراءة، وإطلاق المبادرات القرائية دور حاسم في البيئات التعليمية، لا سيما في محيطنا الإقليمي، لقد شهدنا ما يشبه «الانفجار» في المبادرات القرائية، التي أصبحت تحظى بأهمية كبيرة، وتلعب دوراً مؤثراً في العملية التعليمية، بدءاً من زيارات المؤلفين، إلى المبادرات المختلفة، فهناك دائماً شيء يحدث في هذا المجال. كما لابد من الإشارة إلى أهمية وجود زاوية مخصصة للقراءة ضمن كل صف دراسي في مرحلة الطفولة المبكرة، تتيح للأطفال استكشاف الكتب بحرية، إلى جانب تنظيم ورش ومبادرات تمكّن الأهل، والمعلمين، أن يكونوا رواة قصص فعّالين، لمساعدتهم على تطوير المهارات الأساسية لتقديم تجربة قصصية مشوّقة، وجاذبة للأطفال.

شاركت كعضو لجنة تحكيم في جوائز تعليمية مرموقة، ما المعايير التي تأخذينها في الاعتبار عند تقييم المؤسسات التعليمية؟

بالنسبة لي، المشاركة في عضوية هذه اللجان والجوائز دائماً ما تكون تجربة مشوقة، كل جائزة لها معايير محدّدة، يتم النظر فيها، تبعاً للفئة التي يتم تقييمها، وغالباً ما أحرص على تقيم جودة التعليم، والتجربة الشاملة للطلاب، ومستويات السعادة لدى الطلاب، وأولياء الأمور، والهيئة التعليمية.

كيف ترصدين أبعاد مشاركتك في معرض بولونيا لكتب الأطفال على انتشار الأدب الإماراتي وتعزيز حضوره في الساحة العالمية؟

أشعر بالفخر لتمثيل المواهب الإماراتية على المستوى العالمي، وجود مؤلفين من منطقتنا، جنباً إلى جنب، مع مؤلفين من مختلف أنحاء العالم في أكبر معرض للكتاب في أوروبا، يُعد دليلاً على جودة الأدب القادم من هذه المنطقة، وتلعب دار نشر ELF دوراً محورياً في إبراز المواهب المحلية على الساحة الدولية، ولولا إيمانها ودعمها لمؤلفيها، لما كانت هذه الفرصة ممكنة.

مجلة كل الأسرة

هل من أصدرات جديدة أو مبادرات تعملين عليها في الوقت الحاضر؟

بالتأكيد، أتحدّث والحماس يملأني لكوني في المراحل النهائية من إنجاز كتابي الرابع، الكتاب هو جزء تكميلي لكتابي الثالث «تنين يُدعى بلو»، وكلي شوق لأرى الأطفال وهم يقرأون القصة، إضافة إلى مشاركتي في عدد من المبادرات التي تنظمها وزارة الثقافة بعد شهر رمضان.

في رأيك، كيف يمكننا تعزيز تجربة القراءة للأطفال؟

على أولياء الأمور والمربّين أن يجعلوا وقت القصة ممتعاً، ويتعاملوا معه بحماس. فمن المهم إلا يتحول وقت القصة إلى نشاط أكاديمي بحت، يركز على تذكر الأطفال للأحداث فقط، بهدف الإجابة عن الأسئلة، بل يجب أن تكون تجربة مملوءة بالمرح تحدث ذكريات جميلة، وتلهم الأطفال لطلب المزيد من القصص.

ما النصيحة التي تقدمينها للآباء والمربّين حول أهمية غرس الإيجابية والثقة بالنفس لدى الأطفال من خلال القراءة؟

اختاروا كتباً تقدم مفاهيم الثقة بالنفس والإيجابية بطريقة ممتعة، وقريبة من عالم الطفل، وبدلاً من التصريح المباشر بالعبرة، أو الرسالة، دعوا الطفل يكتشف الدروس بنفسه، هذا يشجعه على التأمّل في ما قرأه، واستيعاب الرسالة بطريقته الخاصة، وجعلها جزءاً من تجربته الشخصية.