12 مايو 2025

محمد رُضا يكتب: مقابلات صحفية

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

ذات مرّة، قبل نحو ثماني سنوات، تقدّمت مني صحفية ناشئة وذكرت لي أنها نجحت في تحديد موعد لمقابلة المخرج وودي ألن، وسألتني إذا ما كان لديّ أسئلة تستطيع توجيهها له.

فكّرت حينها في الامتناع عن تقديم هذه الخدمة، لأنه ليس من المعقول ألّا تعرف هذه الصحفية، (أو أي صحفي آخر)، شيئاً عن وودي ألن، فضلاً عن أن تشاهد أفلامه. كيف يمكن لشخص مقابلة فنان، صغيراً كان أو كبيراً، من دون أن يعرف عنه شيئاً؟

لكني تحاملت على نفسي، وأعطيتها، هكذا على الواقف، خمسة أسئلة كتبتها على الدفتر الذي كانت تحمله، ثم شكرتني، وأضافت: «هل أستطيع أن أسأله إذا ما كان يفكر في زيارة بلد عربي؟».

قلت لها، هذا ليس سؤالاً جيداً، ولا أنصحك به. وعندما قابلتها في اليوم التالي، ذكرت لي أنها سألته هذا السؤال. «ماذا قال لك؟» سألتها، فأجابت: «قال لمَ عليه زيارة بلد عربي؟».

أسئلة بعض الصحفيين، (عرباً وأجانب)، كثيراً ما تنقصها الخبرة. والمخرج، أو الممثل يريد أن يعلم مدى مهنية وكفاءة الصحفي، بينما الصحفي لا يفكر إلا في نفسه.

وهناك أمثلة كثيرة عن صحفيين انطلقوا من السؤال الغلط، أو ختموا به جلساتهم. مثلاً في منتصف 2010 ذهبت، وصحفي بريطاني شاب، لمقابلة مخرج خلال تصويره فيلماً له. جلسنا في مواجهته، وتركت للزميل الذي يمثل صحيفة لندنية يومية إلقاء السؤال الأول.

بادر الزميل طارحاً السؤال التالي: «هل تستطيع أن تعطينا فكرة عن خلفيّتك كمخرج؟». ردّ عليه المخرج غاضباً، وقال في ما قال: «كيف تأتي لمقابلتي وأنت لا تعرف خلفيّتي؟. هذا تدرسه قبل حضورك». ارتبك الزميل، وانبريت لإنقاذ الموقف وطرحت على المخرج سؤالاً ارتاح له، لا يتضمن بالطبع تقديم نفسه.

السؤال الأول في أيّ مقابلة صحفية يجب ألا يطلب من المخرج، (أو الممثل)، تعريفاً بنفسه. وفي الحقيقة، لا يجب طرح هذا السؤال مطلقاً. المخرج كان على حق في رفضه الإجابة عن سؤال كان الزميل يستطيع البحث عن جوابه قبل المقابلة. لكن المخرج كان جافاً في ردّه، بدل أن يقول للصحفي الكلام ذاته بنبرة معتدلة.

وهناك الزميل في صحيفة عربية الذي قابل الممثل كريستوفر لي، وواجه الثورة ذاتها. لم يسأله عن خلفيّته، بل انطلق يسأله عن أدواره في أفلام دراكولا. قال له الممثل: «أليس لديّ أفلام أخرى غير دراكولا تسألني عنها؟».

كل هذا يذكّرني بصحفي (عربي)، لاحَق دريد لحّام عدة أيام، بهدف إجراء مقابلة، مؤكداً له أن أسئلته لم يسبق للممثل السوري أن سمعها من صحفي من قبل. قال لي لحام بعدما أجرى المقابلة مضطراً: «سؤاله الأول كان: كيف بدأتم حياتكم الفنية؟».