12 مايو 2025

بعد قرار ترامب.. سلبيات وإيجابيات تهيمن على أفلام هوليوود

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

الرئيس الأمريكي ترامب يرى أن على هوليوود تصوير أفلامها في أمريكا فقط. وبات مستقبل السينما الأمريكية مرهوناً بهذا القرار. ولكن، ما هي إيجابيات وسلبيات القرار الذي وعد الرئيس الأمريكي‫ بتنفيذه فارضاً 100% ضريبة على كل فيلم أمريكي يتم تصويره خارج الولايات المتحدة؟

مجلة كل الأسرة

‫أثار دونالد ترمب بلبلة كبيرة عندما قرّر، قبل نحو أسبوع، أن الوقت حان لفرض رسوم على كل فيلم أمريكي، أو غير أمريكي، يتم تصويره، وإنتاجه، كاملاً أو جزئياً، خارج الولايات المتحدة الأمريكية.

القرار الذي ينتظر صدور أمر تنفيذه ليس اعتباطياً، لكنه ليس صحيحاً أيضاً. أو بالأحرى، يضر بقدر ما ينفع. في كلمة مختصرة: قرار يصعب تطبيقه من دون أن يرتد سلبياً على من يطبّقه.

الأمثلة واضحة، وأقربها إلينا «مهمّة: مستحيلة- الحساب الأخير 2» Mission Impossible: The Final Reckoning

الذي سيعرض في مدار الأسبوع المقبل في مهرجان «كان» السينمائي الدولي.

تم تصوير هذا الفيلم في 15 دولة، من بينها جنوب إفريقيا، والنرويج، وبريطانيا. بدوره، انتقل فريق العمل إلى فيلم «الرائعون الأربعة: الخطوات الأولى» Fantastic Four: First Steps، الذي سينطق للعروض في الخامس والعشرين من يوليو، إلى بريطانيا وأسبانيا بالإضافة إلى مدينة نيويورك.

وفي الثاني من الشهر المذكور، ستنطلق عروض «جوراسيك وورلد: إعادة ولادة»، Jurassic World: Rebirth، الذي يتبع سلسلة معروفة ينتجها ستيفن سبيلبرغ، كلما شعر بأن الوقت حان لإنجاز فيلم يعود إليه بنجاح مادي كبير. تم تصوير الفيلم في مالطا، وبريطانيا، وتايلاند. ومثل سواه، ما تم تصويره داخل الولايات المتحدة لا يتجاوز 30 في المئة من مدّة عرض الفيلم الذي تزيد مدّة عرضه على الساعتين بقليل.

مجلة كل الأسرة

مسببات قرار التصوير خارج أمريكا

هناك أسباب عدّة تدفع هوليوود للتصوير خارج البلاد. ونسبة الأفلام التي تُقدم على ذلك لا تتجاوز ربع ما يتم إنتاجه في هوليوود. وأغلب الأفلام المنتجة لا تتطلب التصوير الخارجي، وليس لديها من الميزانيات ما يسمح لها بذلك. لكن هذا الربع المصنوع خارج الولايات المتحدة هو من تلك الأفلام الرباعية الدفع، أي تلك التي تحتوي على الفانتازيا، والبطولات الخارقة، والحكايات التي لابد لها أن تقع خارج أمريكا، والمناظر الخلّابة أو (على الأقل)، التي تستدعي الانتباه.

سبب آخر للتوجه إلى آسيا وأوروبا للتصوير فيها، يكمن في المغريات المادية. معظم الدول الغربية والآسيوية حالياً، تؤمّن حوافز مالية تتراوح ما بين 20 و42 في  المئة، ما يغطي نفقات السفر والإقامة بالنسبة إلى الشركات الأمريكية.

ردّات الفعل على قرار الرئيس الأمريكي

ردّات الفعل على الفكرة التي في بال ترامب كانت سلبية، داخل أمريكا وخارجها. هوليوود ستجد نفسها مرغمة على رفع ميزانياتها، لأن تصوير الأفلام الكبيرة في الخارج أرخص بنسبة تتراوح ما بين 20 و30 في المئة. كذلك لا يمكن تصوير حكاية تقع أحداثها في أكثر من مدينة أوروبية من دون الانتقال إليها. إضافة إلى أن المغريات المادية التي توفرها بعض تلك الدول ستتوقف إذا ما تم اتخاذ هذا القرار.

في المقابل، تتخوّف الدول الأوروبية والآسيوية من أن يؤثر القرار في المشاركة في الأفلام الأمريكية التي توزّع حول العالم، وبالتالي في أحد مصادرها السياحية.

وعلى الرغم مما سبق، يجب ألا يُلغي حقيقة أن وراء هذه الخطوة تكمن إيجابية مهمّة توازن الجانب السلبي لها. خلال السنوات الثلاث الأخيرة تراجع عدد العاملين في السينما الأمريكية دون مستوى المديرين، والفنانين، وأصحاب المهن الرئيسية، على نحو ملحوظ. وحسب «إنترناشنال ألايانس أوف ثيتريكال ستايج»، وجد 1800 شخص أنفسهم بلا عمل. هذا متصل بانحدار نسبة الأفلام التي يتم تصويرها إلى 22 في المئة، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. هذا ليس بسبب هجرة السينما الأمريكية إلى خارج الوطن فقط، بل- وعلى قدر مساوٍ في الأهمية- بسبب تفضيل صانعي الأفلام التصوير في ولايات أمريكية أخرى أرخص كلفة.

إيجازاً، هي فكرة وطنية بلا ريب، لكنها تقف على خيط رفيع بين النجاح والفشل.