103 آلاف دولار أمريكي، أو ما يعادل 378 ألفاً و298 درهماً إماراتياً، خسرها رجل بعد أن اشترى بقيمتها عملات رقمية، وتداولها افتراضياً عبر الاستعانة بمُحتال تمكّن من استغلاله، وسرقة المبلغ منه بعد أن طالبه ببيعها، وإعطائه الأرباح الموعودة.
تفاصيل قصة ضحية الاحتيال، وما حدث معه، وكيف خسر هذا المبلغ الضخم، اطّلعت «كل الأسرة» عليه من حكم قضائي صدر ضد الرجل الذي احتال عليه.
تعود تفاصيل القصة، وفقاً لرواية الضحية، إلى أنه تعرّف إلى المُحتال من خلال تعامل تجاري، وأكد له أنه يعمل في مهنة «مُبرمج لبرامج العملات الرقمية»، حيث توطدت العلاقة بينهما في ظل الحديث عن العوائد المالية التي يُمكن جمعها من الواقع الافتراضي للعملات الرقمية.
استطاع المُبرمج أن يُقنع الضحية بقدرته على استثمار ماله في شراء العملات الرقمية، مقابل الحصول على مبلغ مالي شهري...، يقول الضحية «في أحد الأيام، عرض عليّ الاستثمار في مجال العملات الرقمية مقابل أرباح بنسبة 4% شهرياً، فوافقت على ذلك فوراً، وبالفعل اشترى لي عملات رقمية من نوع USDT بقيمة 10 آلاف دولار أمريكي، بعد أن عمل على برمجة وتجهيز محفظة إلكترونية لي في منصة تداول لهذه العملات».
وتابع «بدأ بالاستثمار في المحفظة، يبيع ويشتري فيها، إلا أنه لم يُعطني أي مبلغ من نسبة الأرباح التي وعدني بها، بل كان يُماطل في إعطائي ما وعدني به من أرباح من المبلغ».
ورغم عدم إعطائه أيّ مبلغ، استمر المُبرمج في إقناع الضحية بضخ المزيد من المال من أجل الاستثمار في العملات الرقمية، وحفزه على التسجيل في إحدى المنصات الجديدة الخاصة التي تستخدم تقنيات التداول الافتراضي، فوافق على طلبه.
يبيّن الضحية «أقدمت على إيداع مبلغ 93 ألف دولار وشراء عملات من نوع USDT، لتصبح القيمة الإجمالية للمبلغ 103 آلاف دولار».
ربح المال.. سعادة مؤقتة
ربط المُبرمج عملية التداول بتطبيق افتراضي في المنصة ليُقدم من تلقاء نفسه على تداول العملات الرقمية في عملية شراء وبيع ذاتي.. يعلّق الضحية «بدأ المتداول الافتراضي في تلك المنصة بتداول العملات الرقمية، وارتفعت قيمة الأرباح إلى أن وصلت إلى مبلغ 119 ألف دولار أمريكي، بربح يقارب 16 ألف دولار».
شعر الضحية بالسعادة الغامرة من المبلغ الذي جمعه في رصيده بمدة بسيطة من الزمن جراء عمليات التداول، وسارع إلى الطلب من المُبرمج أن يبيع العملات فوراً، ويسحب كامل المبلغ المالي له، وبالفعل نفذ المُبرمج الطلب، وباع العملات الرقمية.
أين مالي؟
بعد بيع العملات الرقمية تفاجأ الضحية بعدم إيداع المبلغ المالي في حسابه الشخصي، فسأل المُبرمج، عدّة مرات، عن سبب عدم الإيداع، لكنه فوجئ بتجاهله له، ليكتشف أن المُبرمج خدعه، وأقدم على سرقته، وتحويل المال إلى حسابه الشخصي.
على الفور، لجأ الضحية إلى تقديم بلاغ للجهات الشرطية المختصة ضد المُبرمج، والتي أقدمت على فتح تحقيق في الواقعة، وإلقاء القبض عليه.
المُبرمج: هذا ما فعلته بالمال!
بعد القبض عليه، قال المُبرمج «تعرفت إلى الضحية في عام 2022، نظراً لطبيعة عملي في مجال العملات الرقمية، وعرضت عليه التداول في العملات الافتراضية، وأقدمت على تصميم برنامج عبارة عن متداول افتراضي يقوم بالتداول وقت صعود وهبوط العملات، من دون تدخل بشري، وقمت بعمل تجربة على إحدى محافظ المجني عليه، وربح مبالغ مالية، ومن ثم اقتنع بموضوع المتداول الافتراضي».
وأضاف «في البداية، أودع مبلغ 10 آلاف دولار لاستخدامها عن طريق المُتداول الافتراضي، مقابل نسبة 4%، ولم يحقق المتداول الافتراضي أية أرباح، وعرضت عليه موضوع الاستثمار في منصة تداول أخرى، وجهّزت له حساباً، وأرسلت له الرقم السري، واسم المستخدم عبر برنامج «الواتساب»، وأودع مبلغ 93 ألف دولار، وحقق أرباحاً هذه المرة».
وحول أين ذهبت هذه الأرباح، ادّعى المُبرمج «أنه كان قد تعرّض لأزمة مالية، فاستغل المبلغ، ولم يتمكن إثر هذه الأزمة، من ردّ المبلغ للضحية».
مُحتال إلى المحكمة
بهذه الحجّة برّر المُبرمج قيامه بسرقة أموال الضحية، وهو مُبرر غير مُقنع انتهى برفع النيابة العامة لائحة اتهام بحقه إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات بتهمة «التوصل للاستيلاء لنفسه على مبالغ مالية تقدر قيمتها بـ 103 آلاف دولار عائدة إلى الضحية».
وقالت النيابة «إن المتهم قام، بالفعل، بإيهام الضحية بالاستثمار في مجال العملات الرقمية مقابل أرباح شهرية تتعدى 4%، مُدعماً ذلك بإنشائه برنامجاً افتراضياً يقوم بالشراء وبيع العملات الرقمية من تلقاء نفسه باستخدام الذكاء الاصطناعي، مربوطاً بمنصة لتداول الأصول الافتراضية، من دون أن يكون لديه تصريح من الجهات المختصة»، مطالباً بمعاقبته عن هذه التهمة وفقاً لمواد قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي.
حبس وغرامة وإبعاد
رأت الهيئة القضائية في محكمة الجنايات أنه في ظل الروايتين المُقدمتين من الضحية والمتهم، فإنهما تثبتان أن الأخير اقترف جريمة الاحتيال الإلكتروني المُسندة إليه، وتمكن من الاستيلاء على أموال الضحية من دون وجه قانوني، مُشيرة إلى أن أي إنكار من قبله في هذه القضية يُعتبر ضرباً من ضروب الدفاع للإفلات من عقوبة الاتهام.
وقضت المحكمة بمعاقبة المُحتال بالحبس لمدة شهر واحد، وتغريمه قيمة المبلغ الذي اختلسه، وفي حال عدم السداد يُحبس لمدة يوم واحد عن كل 100 درهم، إلى جانب الأمر بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة الحكم.