أُصيب أفراد عائلة فتاة مُغتربة بالصدمة، بعد تلقيهم صوراً «خاصة» لها عبر خدمة التواصل الاجتماعي «واتساب»، من رقم هاتف لا يعرفونه، لتنهال عليها الاتصالات المملوءة بالاستفسارات، والاستهجان، والاستنكار.
قصة صور الفتاة، وكيف وصلت إلى أهلها، ومن يقف وراء إرسالها إليهم، اطّلعت «كل الأسرة» عليها من حُكم قضائي.
علاقة عمل وتهديد
تعود تفاصيل القصة إلى أن الفتاة تربطها برجل علاقة عمل، بعد أن عرض عليها العمل معه في أحد الأعمال، ثم وفّر لها مقر سكن مُشترك عبر نظام «الإيجار للسرير»، والذي كان يجمع قيمته شخصياً من المُستأجرين.
توطدت العلاقة بين الطرفين، واستمرّا في تعرفّهما عن قرب، لكن سرعان ما تحولت هذه العلاقة إلى خلاف كبير، وشجار.
تقول الفتاة عن هذا الخلاف «في أحد الأيام، حضر الرجل إلى مقر سكني من أجل أخذ قيمة الإيجار، فأبلغته أنه ليس لديّ المال الكافي لتسديد قيمة الإيجار حالياً، وطلبت منه أن يصبر علي قليلاً».
لم يُعطِ الرجل الفتاة أيّ فرصة، ورفض الأخذ بتبريرها، وبدأ يصرخ بأعلى صوته، ويسبّها بعبارات نابية، ويسبّ عائلتها، ثم تطور الأمر إلى سبّها بعبارات تتضمن إساءة إلى الأديان، بعد أن جُنّ جنونه بسبب ردّها عليه.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل شرع الرجل في تهديد الفتاة بنشر صور خاصة لها يمتلكها، لم يوضح كيف حصل عليها، ما أثار الرعب في نفسها، تقول الفتاة «كان يصرخ قائلاً، أنا سأفضحك، وسأنشر صورك على مواقع التواصل الاجتماعي، وعند أهلك».
تدخل «شاهد» فأوقف الشجار
في تلك الأثناء، تدخل أحد الأشخاص عند سماعه عبارات الصراخ والتهديد بحق الفتاة، لوقف الشجار، وقدّم، فيما بعد، شهادة تؤكد قيام الرجل بسب الفتاة بعبارات نابية، وتهديدها بنشر صورها.
توقف الشجار بالفعل، بعد تدخل هذا الشخص، إلا أن الأمر لم ينتهِ، فالرجل «الغاضب» قرر تنفيذ تهديده بحق الفتاة، وفي اليوم نفسه، نفذ بالفعل تهديده بحقها.
أرسل الصور إلى عائلتها
أقدم الرجل، الذي حصل على أرقام هواتف عائلة الفتاة، على البدء بإرسال صورها الخاصة لهم، حيث فوجئت العائلة بما شاهدته من صور، وبدأت الاتصالات تنهال عليها من موطنها الأم...، تقول الفتاة «بث الرعب في نفسي لكونه بالفعل نفذ تهديده، تواصل أهلي معي، وأبلغوني أن الصور تردهم من رقم هاتف، وهو رقم هاتفه».
الخوف من النشر للعلن
أُصيبت الفتاة بالصدمة والرعب في ظل الاتصالات التي وردتها من عائلتها، وفوجئت بتصرف الرجل الذي نفذ تهديده بالفعل، وبات الخوف لديها من أن ينفذ تهديده بنشر الصور علناً على مواقع التواصل الاجتماعي، ما قد يزيد من وقع «الكارثة» عليها.
وأسرعت الفتاة إلى التوجه إلى مركز الشرطة، وقدّمت بلاغاً بالواقعة لوقف ما قد يفعله الرجل بحقها، ليتم استدعاؤه وسؤاله عمّا فعل.
أنكر الواقعة
بعد مواجهته، ادّعى الرجل في إفادته، أن الفتاة والشخص الذي تدخل لوقف الشجار، «الشاهد»، يُقيمان معه في السكن المُشترك نفسه، وأنه لا يوجد خلاف معها، مُنكراً قيامه بسبّها، أو نشر صورها بأيّ شكل من الأشكال.
كما أنكر الرجل الشهادة التي قدمها «الشاهد» الذي رآه يسب الفتاة ويهدّدها بنشر صورها الشخصية، لأهلها، وعبر مواقع التواصل.
وحول ما حدث، ادّعى أنه في يوم الواقعة دار ما أسماه «حوار»، بينه والفتاة على خلفية اتهامها له بأخذ أموالها، على الرغم من أنه لم يفعل ذلك، مشيراً إلى أنه فوجئ بعد ذلك بتلقيه اتصالاً من الشرطة، وأنها قدّمت بلاغاً بسبّه لها، ونشر صورها عند عائلتها.
4 تهم..
ردّ الرجل، وروايته غير المُقنعة، وتصرفه بنشر صورها لعائلتها، دفع النيابة العامة إلى رفع قضية ضده أمام الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، تتضمن أربع تهم، أولاها: «سبّ المجني عليها في مواجهتها وبحضور الشاهد»، وثانيتها: «تهديدها بإفشاء أمورٍ خادشة للشرف والاعتبار على مواقع التواصل الاجتماعي»، وثالثتها: «استخدام شبكة معلوماتية ووسيلة تقنية المعلومات بقصد الاعتداء على خصوصية المجني عليها، ومن غير رضاها، بأن نشر صورها لعائلتها من خلال برنامج التواصل الاجتماعي واتساب»، أما التهمة الرابعة فتمثلت في «الإساءة إلى أحد الأديان بأن تلفّظ بلفظ مسيء للدين».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبة الرجل على التهم الأربع، عملًا بمواد المرسوم بقانون مكافحة الجرائم والعقوبات، والمرسوم بقانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، والمرسوم بقانون في شأن مكافحة التمييز، والكراهية، والتطرف.
غرامات مالية
نظرت محكمة الجنايات القضية، ورأت أن الواقعة ثابتة بحق المتهم، وأخذت برواية الفتاة والشاهد، وأكدت أن إنكار المتهم لما حدث لم يكن سوى وسيلة لدرء الاتهام، ودرب من دروب الدفاع، لم يُقصد منه سوى الإفلات من مغبّة الاتهام.
بناءً على ذلك، قضت المحكمة بمعاقبة الرجل عن التهمة الأولى «السب»، بتغريمه مبلغ 3 آلاف درهم، أما عن التهمة الثانية «التهديد» فغرّمته مبلغ ألفي درهم، وعن التهمة الثالثة «استخدام واتساب في إرسال صور الفتاة لعائلتها» غرمته ألفي درهم أيضاً، وأما عن تهمة «ازدراء الأديان» فغرّمته 3 آلاف درهم.
ورّط الرجل نفسه في غرامات مالية وصلت قيمتها إلى 10 آلاف درهم نتيجة أفعاله، وهذا الحكم يُتيح للفتاة رفع دعوى قضائية ضده أمام المحكمة المدنية للمطالبة بالتعويض المالي عمّا تعرضت له من إساءة.