أقدمت عصابة على ابتكار طريقة لتهريب مادة الماريجوانا المخدرة إلى الدولة، من خلال دسّها وإخفائها في أكياس داخل حقيبة تحتوي على «مواد غذائية»، إلا أن المحاولة رغم «دقة تنفيذها» باءت بالفشل في المرحلة الأخيرة منها.
قصة «محاولة التهريب»، اطّلعت «كل الأسرة» عليها من حكم قضائي، بعد ضبط «موفد» العصابة وبحوزته المخدر، وصدور حكم مُشدّد بحقه.
بدأت تفاصيل القصة عندما وصلت طائرة قادمة من دولة آسيوية إلى أحد مطارات الدولة، ونزل المسافرون، كالمعتاد، إلى قاعة إنهاء الإجراءات، وختم جوازات السفر.
وكان بين المسافرين، رجل قادم من إحدى الوجهات السياحية، أنهى إجراءات دخوله الدولة، ثم اتجه بشكل طبيعي إلى صالة انتظار الحقائب.
في هذه الأثناء، كان المفتشون يدققون الحقائب التي أنزلها العمال من الطائرة، ووضعوها على سير نقل الحقائب، باستخدام جهاز كشف الأشعة السينية المُخصصة في هذا النوع من التفتيش.
غذاء بدل الملابس
أثناء عملية التدقيق، فوجئ ضابط التفتيش بوجود حقيبة لا تحتوي في داخلها على ملابس، وإنما معبّأة بالمواد الغذائية فقط، وهو تصرف غريب من مُسافر يحمل تأشيرة زيارة، فبدلاً من جلب الملابس ليرتديها، جلب مواد غذائية متوفرة في كل الأماكن.
وضع المفتش الحقيبة في إطار الاشتباه، وطلب مزيداً من التدقيق عليها، نظراً لهذا التصرف الغريب من المسافر.
يقول المفتش في إفادته حول الواقعة «كانت كثافة الحقيبة كما ظهرت في جهاز كشف الأشعة السينية غير طبيعية، ما استدعى التحقق من محتوياتها».
وبالفعل، تابع المفتش حقيبة المسافر إلى أن استلمها، ورفعها عن «السير» الخاص باستلام الحقائب، وعندما توجه إلى بوابة المغادرة من المطار، أوقفه وطلب منه السماح بتفتيش الحقيبة يدوياً،عملاً بالإجراءات والقوانين المُتعبة.
يضيف المفتش «قبل إجراء عملية التفتيش اليدوي، سألته عما إذا كان يود الإفصاح عن شيء غير قانوني في الحقيبة، فأجاب بالنفي».
12 كيساً.. ما هذا؟
باشر المفتش تفتيش الحقيبة يدوياً، وعثر في داخلها على أكياس من المواد الغذائية، فشرع في إخراجها كيساً، تلو الآخر، والتدقيق فيها، وعند وصوله إلى منتصف الحقيبة، أخرج كيساً وفتحه، فعثر في داخله على عشبة خضراء لها مظهر مخدر الماريجوانا المميّز الذي يعرفه جيداً.
أدرك المفتش أن الحقيبة «غير الطبيعية» تحتوي على المزيد من المواد المخدرة، فواصل فتح أكياس الطعام، وكان يعثر في داخلها على عشبة الماريجوانا، إلى أن وصل مجموع الأكياس التي تحتوي على المخدر إلى 12 كيساً، وهي كمية كبيرة تؤكد أن الغرض من جلبها للدولة هو الاتجار.
1.3 كيلوجرام
وفقاً لتقرير صادر عن الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، حول فحص محتويات الأكياس، فإنه أكد أنها تحتوي بالفعل على مادة الماريجوانا المخدرة، ويبلغ وزنها 1.3 كيلوجرام.
المُسافر: لا أعلم
بعد كشف أمره، حاول الرجل «المسافر» التهرّب من المسؤولية القانونية، عبر ادعاء عدم علمه بمحتويات الحقيبة، مشيراً إلى أنه خلال زيارته إلى الدولة الآسيوية السياحية، استلم الحقيبة من أحد الأشخاص لتسليمها إلى شخص آخر موجود في الدولة.
لائحة اتهام.. والمطالبة بالمؤبد
حجّة «المسافر» الضعيفة أمام الكمية الكبيرة من المواد المخدرة الموضوعة والمدسوسة بطريقة «مدروسة» في المواد الغذائية، دفعت النيابة العامة إلى رفع قضية ضده أمام الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، موجهة له تهمة «حيازة وجلب أكثر من 100 جرام من المواد المخدرة إلى الدولة في غير الأحوال المرخص بها قانوناً».
وطالبت النيابة العامة بإيقاع عقوبة السجن المؤبد والغرامة المالية التي تصل إلى نصف مليون درهم، مع الإبعاد عن الدولة، بحقه، نظراً لجلبه مادة مخدرة تزيد زنتها على 100 جرام، عملاً بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
المحكمة: مؤبد وغرامة وإبعاد
نظرت محكمة الجنايات القضية، واستمعت إلى أقوال المتهم، والدفاع المقدم من قبله، واستمعت أيضاً إلى شهادة المفتش، واطّلعت على تقرير الأدلة الجنائية وعلم الجريمة حول الكمية المضبوطة من المادة المخدرة، ونوعها، وزنتها.
رفضت المحكمة ادعاء المتهم بعدم معرفته ما في الحقيبة من مواد مخدرة، لكونه كان يحوزها شخصياً، ولم يثبت في أقواله قيام أحد الأشخاص بوضع المخدر في الحقيبة على غفلة منه، مُشيرة إلى أن أقواله هدفها درء الاتهام، والإفلات من العقاب.
دانت الهيئة القضائية في محكمة الجنايات المتهم بالتهمة الموجهة إليه، وقضت بمعاقبته بالسجن المؤبد، وأمرت بتغريمه مبلغ نصف مليون درهم إلى جانب الأمر بإبعاده عن الدولة بعد قضاء مدة السجن.