20 أبريل 2025

محمد رُضا يكتب: السينما جناحان ومواسم

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

السينما ذات جناحين متوازيين. الأول يكمن في العروض السينمائية التجارية على الشاشات الكبيرة في صالات السينما، والثاني تلك الصغيرة التي يمكن مشاهدتها في المنازل والمكاتب، قوامها أفلام للترفيه من لون ونوع التي تتنافس على جيب المُشاهد، كما لو كانت تقول له: «تعال عندي سوف يعجبك ما ستراه».

الجناح الثاني هو أعقد قليلاً، لكنه مبنيّ بالكامل على تفضيل فن السينما على تجارتها. ليس لأنها لا تكترث للتجارة، لكنها مصنوعة كميادين فكرية وفنية في المقام الأول، تعرضها المهرجانات والمناسبات السنوية الأخرى، ويراها عدد أقل من المشاهدين.

واقعياً سنجد في كل سنة، من الخمسينيات إلى اليوم، ولادة مهرجان، ومن ينظر إلى قائمة IMDb سيجد ما يتجاوز حالياً 9000 تظاهرة، ومهرجان، ومناسبة تقع في كل ركن من العالم، وفي كل يوم من أيام كل سنة.

في البداية كان الأوسكار. تم إطلاق دورته الأولى سنة 1929 في مطلع نطق السينما على نحو كامل وشامل. ليس لأن السينما نطقت ـ ولو أن إضافة الصوت على الصورة كان أمراً يستدعي الاحتفاءـ بل تقدير للفنانين الذين يصنعون الأفلام. هكذا بدأت، وهكذا استمرت إلى اليوم.

بعد ذلك بعام وُلد مهرجان فينيسيا، ثم في 1939 أقيمت الدورة الأولى لمهرجان «كان». هذه توقفت بسبب احتلال ألمانيا لبولندا. الدورة الحقيقية الأولى لـ«كان» تأخرت حتى سنة 1946.

في مطلع الخمسينيات حطّ مهرجان برلين. وبعد ذلك كرّت السبحة بلا توقف: لوكارنو، سان سابستيان، جوائز بافتا، جوائز غولدن غلوبز، وكلها تنتمي إلى ذلك الجيل الأول من المهرجانات والمناسبات السنوية.

الجيل الثاني شمل موسكو، وكارلوفي فاري، وسان فرانسيسكو، وسيدني، وشيكاغو، ولايبزغ، وسواها. وفي الستينيات انطلق جيل جديد شمل تورنتو ولندن، ولاحقاً القاهرة وقرطاج، وتوالت المهرجانات حتى يومنا هذا، مع جيل جديد في المنطقة العربية، مثل البحر الأحمر، والجونا، من دون أن ننسى دبي وأبوظبي، اللذين كانا من المهرجانات المهمّة القليلة حول العالم التي اختير لها أن تتوقف.

عمر مديد، وتاريخ طويل، وعشرات ألوف الأفلام التي عرضت في المهرجانات منذ بداياتها، وإلى اليوم. الحال أنه إذا ما نظرنا إلى تاريخ المهرجانات الهامّة سنقدّر الخدمات التي أسهمت في تشكيل كنوز السينما إلى اليوم.