12 أبريل 2025

متحف زايد الوطني: صرح ثقافي يروي قصص الإمارات عبر 300 ألف عام

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

في قلب العاصمة أبوظبي، في جزيرة السعديات، يقف شامخاً صرح ثقافي فريد، يروي فصولاً من حكاية وطن عريق، تشبّع بأصالة الماضي، وتوشّح بحداثة الحاضر، ليحفظ صفحات من هذا الإرث العظيم في «متحف زايد الوطني»، وهو تحفة معمارية تحاكي أمواج الصحراء، ونافذة تطلّ على تاريخ ملهم، وقصة قائد استثنائي، هو المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.

وقبل الافتتاح الرسمي لـ«متحف زايد الوطني» حاورت «كل الأسرة» فاطمة الحمادي، أمين متحف زايد الوطني، لتأخذنا في رحلة عبر الزمن، نستكشف فيها كنوز هذا المتحف، ونستلهم من عبق التاريخ، ونستشرف آفاق المستقبل، ونحتفي بإرث عظيم، سيبقى خالداً في ذاكرة الأجيال، حيث يحتفي متحف زايد الوطني بتاريخ الدولة، وثقافتها، وقصصها، حيث كان الشيخ زايد، طيب الله ثراه، شغوفاً باستكشاف تاريخ هذه الأرض، وسكانها. ومن خلال المعارض، والبحوث، والبرامج العامة، يستكشف المتحف جذور هذه القصص على امتداد 300 ألف عام، مسلطاً الضوء على تاريخ المنطقة الغني.

مجلة كل الأسرة

ست صالات عرض رئيسية

تقول فاطمة الحمادي، أمين متحف زايد الوطني: «في متحف زايد الوطني، تتمثل مهمتنا في أن نكون منصة لتبادل المعرفة، من خلال إشراك الزوار في قصة الشيخ زايد، والتاريخ الإنساني الطويل لهذه المنطقة، وسيتمكن زوّار المتحف من استكشاف ست صالات عرض رئيسية دائمة، تأخذهم في رحلة متكاملة عبر تاريخ وتراث دولة الإمارات، في «حديقة المسار»، وتُعد بمثابة صالة عرض خارجية يبلغ طولها 600 متر، تتبع مراحل حياة الشيخ زايد، من خلال البيئات الطبيعية التي ألهمته، وتضم النباتات المحلية في ثلاث مناطق: الصحراء، والواحة، والمناطق الحضرية.

مجلة كل الأسرة

إرث الشيخ زايد

تسلط صالة عرض «بداياتنا»، الضوء على نواحٍ جديدة من حياة وإرث وقيم الوالد المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، من خلال سردٍ قصصي أصيل. بعد ذلك، ينتقلون إلى صالة عرض «عبر طبيعتنا»، التي تقدّم للزوار تجربة غامرة للتعرّف إلى التضاريس الطبيعية المتنوعة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتبحث في تأثيرها التاريخي على طبيعة الحياة فيها. بعد ذلك يستكشف الزائرون أدلة صالة عرض «إلى أسلافنا» التي تروي النشاط البشري الذي يعود تاريخه إلى 300,000 سنة، في هذه البقعة من العالم، وتسلط الضوء على حركة التجارة المبكرة مع المجتمعات الأخرى في منطقة الخليج.

استعراض حياة الشعب الإماراتي قديماً

سوف يتابع زوار المتحف جولتهم في صالة عرض «ضمن روابطنا» التي تستعرض الآفاق الواسعة التي تمتّع بها شعب الإمارات قديماً، والأثر الذي تركته ابتكاراته، والمواد، والمعارف، والتي بلغت أوجها مع تطور اللغة العربية، وانتشار الإسلام. بعد ذلك، يقودهم المعرض إلى صالة عرض «في سواحلنا»، التي تركز على تطوّر المستوطنات البشرية الرئيسية على سواحل الإمارات، عبر اعتمادها على الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، وصيد الأسماك، والتجارة، وتبرز دورها كعوامل محفزة لازدهار التبادل التجاري والثقافي، وأيضاً في تطور الهوية الإماراتية.

مجلة كل الأسرة

رأس الفأس

تحتضن صالة عرض «ضمن روابطنا»، قطعة «رأس الفأس» الأثرية، تعود إلى نحو 3,000 سنة، وهو على الأرجح مصنوع من النحاس المستخرج من الجبال المحلية. ومن النادر العثور على أمثلة مشابهة لرأس الفأس من تلك الفترة، وهو غير مكتمل من دون المقبض الخشبي، هذه الفؤوس كانت تُحمل بطريقة مشابهة لطريقة حمل عصا «الجرز» في المناطق الجبلية، وعلى ساحل الإمارات الشرقي، في الماضي القريب.

مجلة كل الأسرة

عملة أبيئيل

ومن أبرز مقتنيات معرض «ضمن روابطنا»، «عملة أبيئيل» التي تُعد مثالاً على أولى العملات المعدنية المسكوكة على أرض الإمارات، وهي مستوحاة من عملة الإسكندر الأكبر، في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، وتتميّز بنمط نقوشها الذي يصور البطل الإغريقي هرقل على أحد الوجهين، بينما يصوّر الوجه الثاني نقشاً لشخصٍ جالس مع حصان. ويحل الحصان، الذي يمثل الرمز المحلي للقوّة، محل الطائر الذي كان يظهر بانتظام على عملات الإسكندر الأكبر. وتحل كلمة (أبيئيل) الآرامية، التي تشير إلى لقب ملكي، محل كلمة الإسكندر التي كانت تكتب باللغة اليونانية. وصدرت بعض هذه المسكوكات في عهود حكمت فيها النساء، ما يشير إلى التاريخ العريق لتمكين المرأة في دولة الإمارات.

استكشاف الهوية الإماراتية

وفي صالة عرض «من جذورنا» يتم استكشاف الهوية الإماراتية من خلال عرض أساليب الحياة التقليدية، والعادات الاجتماعية والاقتصادية التي سادت مناطق الإمارات الداخلية، حيث يعد متحف زايد الوطني مكاناً ينبض فيه الماضي بالحياة، ويحفظ التاريخ، ويستمر إرث الشيخ زايد في إلهامنا، وتوجيهنا، حيث يشعر زوار المتحف، أثناء جولاتهم بين صالات العرض، بالإلهام ليس من الماضي فقط، وإنما من الدور الهام الذي يقع عاتق المتحف للحفاظ على تاريخ الإمارات وإرثها الغني للأجيال القادمة.

مجلة كل الأسرة

لؤلؤة أبوظبي

ومن أبرز مقتنيات متحف الشيخ زايد الوطني، أيضاً «لؤلؤة أبوظبي»، إحدى أقدم اللآلئ الطبيعية في العالم، حيث تُقدم هذه القطعة الرائعة، إلى جانب مجوهرات قديمة أخرى، لمحة عن براعة ومهارة مجتمعات الإمارات العربية المتحدة القديمة.

وتحمل «لؤلؤة أبوظبي» دلالات عميقة حول استخدام اللؤلؤ الطبيعي في العصور القديمة لدولة الإمارات العربية المتحدة. فكل قطعة تكشف جانباً من الثقافة، وحياة السكان الذين عاشوا على هذه الأرض.

مجلة كل الأسرة

المصحف الأزرق

يُعد «المصحف الأزرق»، وهو أحد أشهر مخطوطات القرآن الكريم في العالم، من أبرز مقتنيات المتحف، حيث يعود تاريخه إلى الفترة بين عامي 800 إلى 900 ميلادية، وهو معروف بصفحاته الزرقاء الزاهية، أو النيلية، وخطّه الكوفي الذهبي. تألفت المخطوطة من نحو 600 صفحة مصنوعة من جلد الغنم، ولم يتم حفظ منها سوى نحو 100 صفحة في مجموعات حول العالم، وسيتم عرض خمس صفحات منها في صالة عرض «ضمن روابطنا» في متحف زايد الوطني.

مجلة كل الأسرة

وعلى الرغم من جمالية الخط الكوفي في «المصحف الأزرق»، إلا أنه يُعد صعب القراءة، لاستخدامه الحروف من دون علامات التشكيل، وقد تمكن باحثو المتحف عبر استخدام تقنيات التصوير متعدّد الأطياف من اكتشاف نص مخفي تحت طبقة زخرفية من ورق الذهب على إحدى صفحاته.