تُعد شبه القارة الهندية، حيث مرّ العديد من الحضارات المجهولة، موطناً للاكتشافات الأثرية المدهشة. ومنذ عهد بعيد، يحاول علماء الآثار تتبع هذه الحضارات، وفكّ رموزها. وقد اكتشف الباحثون في تلك المنطقة من العالم أخيراً، حضارة يزيد عمرها على 3000 عام، يعتقد أنها ازدهرت في شمال شرق الهند، قبل أن تغيب في عالم النسيان.
حضارة مجهولة
في منطقة جاركلاند، الواقعة في شمال شرق الهند، اكتشف باحثون آثار ثقافة قديمة كانت قد ضاعت في غياهب التاريخ. ومن أجل فكّ رموز تلك الحضارة، ومعرفة أسرارها، قام علماء الآثار التابعون لهيئة المسح الأثري الهندية (ASI)، بمسح العديد من القرى المحيطة ببلدة تشوباران، حيث عكفوا على دراسة القطع الأثرية التي اكتشفت في العقود الأخيرة، ودراسة العديد من المواقع القديمة، وقد دلّت كلها على حضارة غير معروفة هيمنت على المنطقة في الزمن الغابر.
ثقافات وحضارات وألغاز
في الواقع، ليس هذا الاكتشاف الأثري محاطاً بالغموض وحده، فثقافة الخزف الأسود المصقول التي تعود إلى العهد الحديدي في شبه القارة الهندية، والتي يرمز لها باختصار NBPW، ما زالت تشكّل لغزاً يحيّر الباحثين، وقد يعود ذلك إلى التكوين البيئي للمنطقة التي ترسخت فيها الحضارة. ففي منطقة هزاريباغ، حيث تقع بلدة تشوباران، والعديد من المواقع الأثرية التي تم التنقيب عنها، في السنوات الأخيرة، تغطي الغابات ما يقارب 45% من الأراضي، كما أن 92% من السكان هناك ريفيون. ولهذا السبب قد تكون عمليات التنقيب معقدة، وطويلة الأمد كما يرى الباحثون. وما يزيد الأمر تعقيداً وسوءاً هو غياب سياسة الحفاظ على التراث في تلك المنطقة حيث سُرق العديد من القطع القديمة، والنادرة للغاية، أو تعرّض للتلف على مدى الألفيتين الماضيتين.
أقدم موقع أثري في الهند
قد تكون القطع الأثرية التي تعود إلى العصر الحجري القديم، والتي عُثر عليها في الكهوف والملاجئ الصخرية في مانجار باني، بالقرب من دلهي، هي أقدم اكتشاف أثري في الهند، وهي مجموعة من الأدوات التي تحمل نقوشاً وفنوناً صخرية.
وفي عام 2014، شكلت أعمال التنقيب التي جرت في كيلادي مجداً كبيراً لولاية تاميل نادو، بعدما دُحضت النظرية الشائعة التي تقول إن ضفاف النهر في الولاية لم تعرف أيًّا من الحضارات، فقد أثبتت الأدلة العلمية أن مجتمعاً متعلماً قد ازدهر على ضفاف نهر فايجاي، منذ القرن السادس قبل الميلاد.
وقد أثبتت الحفريات التي أجريت في المدن الساحلية، بومبوهار، وألانجولام، وكوركاي، وفاسافاساموثرام، أن في هذه المناطق كنزاً دفيناً غنياّ بالأدلة العلمية على وجود نشاط تجاري قديم في حضارات تاميل نادو.
كما أن القطع الأثرية التي عثر عليها في أديشانالور أثبتت أن التاميل الذين عاشوا في تلك المناطق، كانوا متمرسين في التعامل مع جميع أنواع الحديد، بما في ذلك الحديد الخام، والحديد المطاوع، وغير ذلك. وكان الباحثون قد عثروا على ما يقارب 65 آنية، يُعتقد أن المزيد منها ما زال مدفوناً تحت الأرض. وعلى الرغم من أهمية هذه الاكتشافات، يبقى وقت صنعها والحضارة التي استخدمتها لغزاً غامضاً.
ولأن شبه القارة الهندية تُعد موطناً للحضارات وكنزاً للأثريات، فإن هذه البلاد ما زالت تواجه تهافتاً عالمياً على آثارها، وعلى الرغم من القوانين الصارمة التي سُنّت للحد من التصدير غير المشروع للتراث الهندي، الأثري والثقافي، لكن عمليات التصدير والنهب ما زالت تمثل تحدّياً كبيراً للسلطات بسبب الفقر الذي يغذي هذه الأعمال، ونقص العاملين في مجال مراقبة المواقع الأثرية.