31 أغسطس 2025

د .شوقي علام: طاعة الزوجة لا يعني قهرها... وهذه معانيها

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

للأسف... لا يزال كثير من الرجال العرب يؤمنون بأن من حقهم إجبار زوجاتهم على الحياة معهم بالإكراه، وأن تعاليم الدين تقف في صفهم إذا ما أرادوا قهر زوجاتهم، وإجبارهنّ على حياة لا يرغبن فيها، ولذلك يبادر بعض هؤلاء إلى إقامة دعاوى قضائية لإجبار المرأة على الحياة معه، في ما يعرف بـ«بيت الطاعة»!

ذهبنا إلى الفقيه الأزهري د .شوقي علام، مفتي مصر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، حيث يؤكد بداية، أن العلاقة بين الزوجين لا يمكن أن تستقر إلا في مناخ من القبول، والحب، والاحترام المتبادل، والتفاهم، والله سبحانه وتعالى هو الذي حدّد هذه المعاني الإنسانية. يقول عز وجل: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة»، ومصطلح المودة والرحمة يشمل كل ما هو إنساني في علاقة الزوجين. لذلك، لا مجال للعنف، أو القهر، أو القسوة في العلاقة الزوجية.

مجلة كل الأسرة

طاعة حب ومودّة

  ولكن، هل يعني هذا أن الزوجة ليست ملزمة بطاعة زوجها؟ يقول مفتي مصر السابق: «الزوجة ملزمة بطاعة زوجها في ما لا معصية فيه للخالق، والطاعة هنا طاعة حب وحرص على المودة والرحمة، والتفاهم، والاحترام المتبادل، وهي في حقيقة الأمر وفي واقع الحياة «طاعة متبادلة»، فالزوج المحب لزوجته الحريص عليها يستجيب لمطالبها، ويعمل على إرضائها، وطالما الأمر لا يحتوي على معصية أو مخالفة شرعية فهو مقبول في العلاقة بين الزوجين.

وهنا أذكّر كل زوجة حريصة على رضا خالقها، قبل رضا زوجها، بقوله سبحانه: «الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله»، فقد أوجب الله تعالى على الزوجة أن تطيع زوجها، كما أوجب عليه القيام بحقوقها كاملة لقوله تعالى: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم»، ودرجة القوامة التي منحها الله عز وجل للأزواج لا تحطّ من قدر المرأة، ولا تقلل من شأنها، وإنما الغرض منها تنظيم المعاملة، وتطبيق القوانين واللوائح السماوية، والالتزام بالحدود الشرعية، حيث يقول تعالى: «وتلك حدود الله ومن يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه».

ويحدّد د. علام الطاعة ، بقوله «الطاعة في غير معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ويجب أن تكون الطاعة بالأساس في ما تزوّجها من أجله، وهو المتعة العاطفية ،حيث حذّرنا النبي صلى الله عليه وسلم، من إهمالها فقال: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضباً عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح». ومن الأمور الأخرى التي يجب أن تلتزم بها الزوجة كجزء من طاعتها لزوجها، ألا تخرج من البيت إلا بإذنه، وإلا أصبحت ناشزاً، وألا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، اللهم إلا إذا كان هناك عذر مقبول لتخليها عن أحد هذه الأوامر».

مجلة كل الأسرة

العناد يقتل المودّة والرحمة والاستبداد مدان شرعاً

وينصح د. علام  الزوجات اللاتي يتمرّدن على أزواجهن ويعاندن لمجرد العناد «لا مجال للعناد في العلاقة بين الزوجين، المرأة الصالحة هي التي تتفاهم مع زوجها، وتساعد على علاقة المودة والرحمة باتّباع أمر الله، وبطاعة زوجها وحفظها لكل ما يجب الحفاظ عليه ممّا يمس كرامته، وهذا ما أكد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قوله: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعتهن وإن نظر إليها سرّته، وإن أقسم عليها أبرّته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله». ولكن بعض الأزواج يفهمون قوله صلى الله عليه وسلم: «لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها»، إنه يأمر المرأة بالخضوع المطلق لزوجها... وهذا فهم عقيم، فكل تعاليم ديننا تمنع المرأة من الخضوع والذلة إلا لله، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يعني أبداً أن تتحول المرأة إلى جارية في بيت زوجها».

اقرأ أيضاً: ماذا تعني القوامة؟ هل هو «سي السيد»؟... الإجابة عند د. فتحية الحنفي أستاذة الشريعة الإسلامية