31 مايو 2025

ما هي أحكام الأضحية؟ وهل يجوز شراؤها بالتقسيط؟

محرر متعاون

مجلة كل الأسرة

الأضحية.. من أعظم القربات إلى الله عز وجل، فثوابها جزيل، وعطاؤها الإنساني وفير، ولذلك يحرص على الوفاء بها كثير من المسلمين في كل بلاد العالم.. لكن يجهل البعض الكثير من أحكامها، ولذلك لا يحققون مقاصدها الشرعية، وأهدافها الإنسانية والتكافلية، خلال هذه الأيام المباركة.

ذهبنا إلى عدد من كبار علماء الأزهر للتعرف إلى تلك السنّة النبوية الشريفة، وضوابطها الشرعية لكى تحقق أهدافها ومقاصدها:

ما التوصيف الشرعي للأضحية؟

البداية مع العالم الأزهري د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، حيث سألناه عن التوصيف الشرعي للأضحية وأهدافها الإنسانية، فأجاب «الأضحية في منظور ديننا الإسلامي سنّة، وهي مطلوبة من القادر عليها. ويخطئ البعض عندما يتعاملون مع الأضحية على أنها مجرّد طعام للأسرة خلال أيام العيد، بل إن بعض الأسر تذبح وتأكل معظم لحومها، وقد تأكلها كلها، وهذه ليست أضحية.. الأضحية ليست مجرّد طعام للأسرة خلال أيام العيد، لكنها وسيلة لنشر التواصل بين الأهل والأقارب، وإدخال البهجة على الأسر الفقيرة خلال العيد»

إذن، الأضحية «سنّة مؤكدة» لها أهدافها الدينية، والإنسانية، والاجتماعية، وليست مجرّد طعام يوفره الإنسان لأهل بيته خلال أيام العيد، كما لا يجوز أن تتحول إلى مظهر من مظاهر «النفاق الاجتماعي»، كما يفعل البعض، من دون وعي بفضلها، وضرورة إخلاص النيّة فيها.

ويقدم العالم الأزهري النصيحة لبعض الأسر التي تذبح الأضحية وتكتفى بأكلها، ويقول «هؤلاء يحرمون أنفسهم من الأجر والثواب، فالذبح في هذه الأيام المباركة ليس هدفاً في ذاته، ومن أبرز أهداف الأضحية التوسعة على الفقراء والمحتاجين، وعندما يبخل الإنسان الذي يضحي على هؤلاء لا تكون هناك أضحية، ويضيع المسلم على نفسه الأجر والثواب».

وماذا تقولون للإنسان القادر مادياً ولكنه لا يهتم بالأضحية؟

يوضح د. هاشم «الأضحية مطلوبة شرعاً من كل قادر عليها، ويكره تركها بالنسبة إلى القادر، والقادر على الأضحية هو الذي يملك ثمنها فوق حاجاته الضرورية، فكل من يستطيع شراء أضحية من دون حرج، أو استدانة، مطلوب منه أن يضحي، اقتداء برسول الله صلّى الله عليه وسلّم الذي ضحى بكبشين أملحين أقرنين، أيْ خروفين يخالط بياضهما، سواد ولهما قرون.

والأضحية شرعت شكراً لله تعالى على نعمه، وللتوسعة على الفقراء والمحتاجين. فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم «إنا أعطيناك الكوثر. فصلّ لربّك وانحر. إن شانئك هو الأبتر». والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول في الحديث الصحيح: «إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا ـ أي في يوم عيد الأضحى ـ نصلّي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنّتنا، ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء».. ومعنى هذا الحديث الشريف أن الأضحية لا تذبح إلا بعد طلوع الشمس يوم العيد، بقدر ما يسع الصلاة، فمن ذبح قبل ذلك لا يأخذ ثواب الأضحية، وإنما يأخذ ثواب الصدقة إن تصدّق».

وما الوقت المفضل لذبح الأضحية؟

يبين د. حسن الصغير، أستاذ الشريعة الإسلامية والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر: «الوقت المفضل للذبح يكون في يوم عيد الأضحى بعد صلاة العيد، فإذا لم يتمكن المضحي من ذبح أضحيته في ذلك اليوم الأغر، جاز له أن يذبحها في الأيام الثلاثة بعد يوم عيد الأضحى.. ولذلك ينبغي أن ينتبه الجميع إلى ضرورة أن يكون الذبح بعد صلاة العيد، كما أمرنا ربنا سبحانه وتعالى».

لماذا نضحي؟

يقول د. الصغير «الأضحية ليست مطلوبة من الحاج وحده، كما يعتقد بعض الناس، بل هي سنّة مؤكدة تذكّرنا دائما بقصة الفداء لإسماعيل عليه السلام، عندما رأى إبراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ولده، فلما همّ بتنفيذ رؤياه واستسلم كل منهما لقضاء الله، جاء الفداء من السماء «وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم». كما أن في توزيع الأضحية والتقسيم الشرعي لها (ثلث لأهل البيت، وثلث للأصدقاء، وثلث للفقراء)، أهداف عدّة، فهي توسعة على أهل البيت في هذه الأيام الطيبة التي يلتقى فيها أفراد الأسرة على طعام واحد، وهي وسيلة لتحقيق التواصل الإنساني مع الأقارب والأصدقاء من خلال ما يقدم لهم من لحوم الأضحية، وأخيراً وهي الأهم، وسيلة لنشر التكافل الاجتماعي من خلال عطف الغني على الفقير، وتقديم لحم الأضحية له في هذه الأيام لكي يدخل السعادة والبهجة على أولاده».

كيف تختار الأضحية؟

يوضح د. الصغير «الشرع وسّع على المسلمين في عملية الاختيار، ولم يضيق عليهم، ولذلك فإن الأصناف التي يجوز للإنسان أن يضحي منها متنوعة، ويمكن للمضحي أن يختار من بين أصناف عدّة من الأنعام تيسيراً على المسلمين ودفعاً للحرج، فالأضحية تكون من الإبل، أو البقر، أو الغنم، من الذكور والإناث، ويجب أن يكون سن الإبل خمس سنوات، والبقر سنتين، والغنم سنة، ويدخل في الغنم الماعز، ويسّر الأمر بعض الفقهاء وأجازوا التضحية بالغنم التي تبلغ من العمر ستة أشهر.. أما الماعز فلا يقل عن سنة حتى يكون فيها لحم وتحقق الغرض منها. والناقة، أو الجمل، تكفي للتضحية عن سبعة أشخاص، أي يشترك فيها سبعة أسر، وكذلك البقرة.. أما الشاة فتكفي عن شخص واحد».

وهل يكفى شراء صك أضحية كما يفعل البعض؟

يقول د. حسن الصغير «الأفضل أن يضحي الإنسان بنفسه، وأن يأكل من أضحيته طالما كان قادراً على ذلك. لكن لو لم يكن بمقدور الإنسان أن يذبح بنفسه، فعليه أن يشتري صك أضحية من جهة مشروعة حتى لا يحرم نفسه من أجرها وثوابها».

وهل يجوز شراء الأضحية أو صكّها بالتقسيط؟

يؤكد د. علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق: «الأصل أن الأضحية مطلوبة شرعاً من القادر عليها، ومن باب القدرة عليها امتلاك ثمنها خلال الأيام القادمة بما لا يؤثر في قدرة الإنسان على التزاماته تجاه أسرته، والآخرين، أو يعرّضه للاستدانة.. فلو كان لدى الإنسان قدرة على سداد ثمن الأضحية، أو صكّها، خلال الأيام القادمة جاز له شراء الأضحية، أو صكّها بالتقسيط، وفي ذلك إعانة له على التقرب إلى الله».

اقرأ أيضاً: كيف نحتفل بعيد الأضحى المبارك؟ وكيف نتعامل مع الأضحية؟