يعود بألبوم من عشر أغانٍ... علاء زلزلي: أحاول تلبية الذوق الفني الصحيح للجمهور
في الثمانينيات «زلزل» علاء زلزلي الساحة الفنية، وقلوب الشباب، فاستحق عن جدارة لقب «الفيس برسلي العرب». صال وجال، ولفت الأنظار، في لبنان والعالم العربي، وقطف نجاحات أكبر من عمره، ومع ذلك، بقيت رجلاه على الأرض. فجأة، غاب عن الساحة الفنية، وطال الغياب، لأسباب خاصّة، وأخرى عامة، واليوم يعود بقوّة، حاملاً ألبوماً جديداً، ويُعلن انطلاقة متجدّدة في مسيرته الفنية.
الألبوم الذي يضم عشر أغانٍ منوّعة يشكّل محطة غنية بالألوان الموسيقية، ويعبّر عن نضج فني وتجربة طويلة. وللمناسبة أقام زلزلي حفل إطلاق مميّز في «فندق كمبينسكي – بيروت»، بحضور نخبة من نجوم العمل والإعلاميين والأصدقاء، في أجواء احتفالية أعادت الألق إلى نجم اشتاق إليه الجمهور. وعلى هامش الحفل التقيناه، وسألناه:
هل تعتقد أن التوقيت مناسب لإطلاق ألبوم غنائي؟
إذا كان القصد من التوقيت الظروف الأمنية والسياسية فقد يطول الانتظار إلى أجل غير مُسمى، لأننا نعيش في لبنان دوّامة لا تنتهي، وخوفاً دائماً، علماً بأني كنت حدّدت سابقاً شهر يونيو الفائت، أي أوائل الصيف، موعداً لإطلاق الألبوم، ولكني وجدت زحمة فنية وسط زوبعة الخوف من الحرب، فتمّ تأجيل الموضوع، ولكن يصل المرء إلى مرحلة لا يعود فيها قادراً على التأجيل أكثر، خصوصاً مع الالتزامات الكثيرة التي ترافق تحضير أيّ عمل فني مع شركة الإنتاج، والدعاية، والتسويق، لذلك، كان لا بُدّ من حسم القرار، خصوصاً في الوقت المناسب للأعياد.
ماذا تقول في هذا الألبوم؟
إنه ألبوم منوّع، لم أخرج فيه من «ستايلي»، وتعاملت فيه مع أصدقائي الذين نجحت معهم سابقاً، مثل وسام الأمير، سليم سلامة، نادر زلزلي من لبنان، إيهاب غيث، محمد شعت، فراس عودة وأيهم روزا من الأردن، عصام كاريكا من مصر، وغيرهم، إضافة إلى أغنية عراقية من أصل عشر أغانٍ يتضمنها الألبوم.
من اللافت تعاملك مع فنانين من الأردن...
الجميل في هذا التعاون أنه تمّ مع كتّاب وملحنين وموزعين، أعطوه أجمل ما عندهم بأسلوب من أغانٍ ذات طابع عربي شامل.
عشر أغنيات في عصر «السينغل»، هل هو تعويض عن طول الغياب؟
لا شك في أنها محاولة لتلبية الجمهور المشتاق، إضافة إلى أنه وقت مناسب مع عودة الذوق الفنّي إلى مساره الصحيح بعد فترة من الضياع، وهذا ما يؤكده ثبات كبار النجوم في الوقت الذي زالت فيه الفقاعات العابرة.
وكأن عصر النجوم انتهى؟
لأن الاعتماد على الأغاني المنفردة لا يُرسّخ النجومية، خصوصاً أن النجاح قد لا يُحالفها، بينما وجود عدد من الأغاني يُفسح المجال أمام النجاح أكثر، في ظل التنوع المطلوب، لجمهور عريض مختلف الأذواق. في الصيف صدر نحو 40 أغنية منفردة نجح منها عشر أغانٍ تقريباً، وأين الباقي؟! وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على خلل في مكان ما.
أطلقت أغنية منفردة في وقت سابق لم تأخذ حقها...
«بتعقّد بتجنّن»، كانت ضمن ألبوم لم يأخذ حقّه بالكامل، لأنه صدر في فترة «كورونا».
هل تفكّر في إعادة إطلاق أغاني منه لتأخذ حقّها؟
مع هذه المرحلة سيكون هناك استراتيجية، وخطة عمل جديدة، وسيكون العمل مستمراً من دون انقطاع، وعودتي جاءت بنفس الـ«ستايل»، والشكل الذي عرفني وأحبّني فيه الجمهور، لذلك قد أعمل على إحياء بعض الأغاني التي نجحت، ولم يتسنّ للجيل الجديد معرفتها.
هذه المرة العودة ثابتة؟
وتحمل معها غزارة في الأغاني، وتواجداً إعلامياً يترافق مع العمل، ولذلك، استغرق تحضير الألبوم أكثر من عام بقليل ليأتي على قدر التوقعات.
هل وجدت صعوبة في اختيار الأغاني؟
بالتأكيد، لأنه من الصعب جداً مخاطبة الجيل الجديد مع إصراري على عدم مواكبة الموضة لمجرّد أنها موضة، بعدما رسخت تاريخي واسمي، فكان لا بُدّ أن أواكبها بطريقتي.
وتراقب ذوق الجيل الجديد من خلال أولادك؟
طبعاً، وأستغرب ما أراه من عودة إلى الأغاني القديمة، خصوصاً تلك التي تُقدّم على طريقة «الريمكس».
نشهد اليوم موجة الفضائيات ومنصات العرض التي تعتمد على الدراما، فهل تفكر في التمثيل؟
وردني أكثر من عرض، ولكني أحاول دراسة إمكاناتي، ومعرفة اتجاهاتها، كي لا أقدم على خطوة ناقصة، وكل شيء وارد في هذه المرحلة.
هل هناك إدارة أعمال جديدة؟
كل شيء جديد في هذه المرحلة، وممنوع الخطأ.
أخطأت في السابق؟
لا أنكر أني قصّرت بحق نفسي، ولكن الظروف كانت أقوى مني، لأني لم أشأ الدخول في «معمعة المافيات»، ورفضت الخضوع في بعض الحالات، لأني لست أقلّ من أي فنان آخر، سواء كان لبنانياً أو غير لبناني، ممن يتعامل معه المتعهدون بحذر شديد، فأنا كنت أعتمد على حب الجمهور الحقيقي، وليس شراء الأعداد. وأنا بكل تواضع، نجم شباك، ونقطة على السطر.
بعد وفاة والدتك، شعرت بالضياع؟
غياب أمي كسرني، فأنا كنت أستند إلى جبل لا أشعر معه بالتعب، في حياتي وعملي، من حنان واهتمام، حتى بأقل التفاصيل، من الفرقة الموسيقية، إلى تسويق الأعمال وإدارتها، حتى لباسي لم أكن مشغولاً به، وكنت متفرغاً للغناء فقط، فجأة، وجدت نفسي مسؤولاً عن كل شيء.
ما هي العناصر التي تعتمدها كسبيل للنجاح؟
عندما أختار أغنية أول ما يتبادر إلى ذهني وقوفي على المسرح، وتفاعل الناس معي، ثمّ أعرض الأغنية على أولادي وأصدقائي، في استفتاء خاص حول أولوية الدعم، خصوصاً أني سأعمد إلى خطّة تسويق جديدة في دعم أغاني الألبوم، على طريقة الأغنية المنفردة، على مدار العام، لتأخذ كل أغنية حقّها.
هل للكلمة أولوية في اختياراتك؟
طبعاً، وتحديداً «القفشة» التي يُمكن أن تعلق بأذهان الناس، حتى لو كانت كلمة غريبة، مثل «تقبرني» التي استغربها كثيرون في البداية، وكانت كلمة صعبة في الخليج ومصر، ومع ذلك لاقت الأغنية نجاحاً منقطع النظير لا يزال مستمراً، حتى اليوم.
تعطي جمهورك الفرح والإيقاع للرقص، هل من رسائل معينة تمررها بين السطور؟
لا بُدّ من توجيه رسائل غير مباشرة تُركزّ على أهمية التمسّك بالحب الحقيقي، والاحترام المتبادل، والكلمة الجميلة الطيبة والوطنية، والعمل الإنساني البعيد عن الاستعراض مثلما حصل مع بعض الفنانين في الحرب، ممن وقفوا أمام الكاميرات لتسليم صندوق مواد غذائية، مثلاً، لعائلات فقيرة، وكان يُمكن أن يقدموا أعمالاً يعود ريعها لأعمال خيرية مثلاً، لأن الإنسان يُذكر بعمله، ولن يأخذ معه من هذه الحياة شيئاً.
