17 نوفمبر 2025

من مفكّرة ناقد... عشاء مع بروس ويليس

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

مجلة كل الأسرة

تقاعد الممثل بروس ويليس، منذ ثلاث سنوات، إثر إصابته بالخرف. قبل ذلك كان له حضور لافت في أفلام القوّة والأكشن. في أحد تلك السنوات تمّت مقابلتي معه، وخلال المقابلة دعاني إلى العشاء.. فهل لبيّت الدعوة؟

مجلة كل الأسرة

في عام 2018 ظهر بروس ويليس في خمسة أفلام حمل في كل منها سلاحاً، وقتل أشخاصاً. هذه الأفلام كانت: First Kill، وActs of Violence، وDeath Wish، وReprisal وAirstrike.

هذا كان منوال أدواره وأفلامه في عدد كبير من أفلامه السابقة، وأفلامه اللاحقة، حتى توقفه عن التمثيل عندما بدأ ينسى الحوارات والتصرّفات التي عليه تمثيلها، فانتقل من عداد نجوم اليوم، إلى عداد نجوم الأمس.

في 2018 كان لا يزال في تألقه المهني. خمسة أفلام في عام واحد (وسبعة أفلام في سنة 2019)، تؤكد ذلك.

كنت في زيارة للوس أنجلوس، بعد خمس سنوات من مغادرتي لها. قدت السيارة المستأجرة إلى مبنى «جمعية هوليوود للمراسلين الأجانب»، التي كنت عضواً فيها، وقابلت رفاقي فيها. أحدهم قال لي إن لديه موعداً مع بروس ويليس، لكنه لا يستطيع الذهاب. الجميع مدعوون إلى حفلة كبيرة، والسكرتيرة تقوم بالاتصال به، وهو لا يجيب. سألني إذا ما كنت مهتماً بمقابلته. قلت نعم. كان هناك شخصان آخران يريدان مقابلته، واتفقنا جميعاً على التوجه منفردين (كل بسيارته)، إلى الفندق حيث ينزل.

مجلة كل الأسرة

دخلنا القاعة وطلبنا الحديث مع الممثل، وأخبرنا الموظف أنه ينتظرنا لأن الموعد متفق عليه. دخل الموظف غرفة جانبية حتى لا نسمعه، وعاد وأخبرنا أن ويليس بالانتظار.

الجناح الذي نزل فيه هو أفضل ما لدى الفندق ذي الخمس نجوم. احترنا كيف نجلس قريباً منه لاتساع مساحة الصالون. طلب من مساعده ترتيب الكراسي. وبدأنا الحديث.

عادة إذا ما كانت لديّ أسئلة استفزازية، أو ملاحظات سلبية، أترك لسواي البدء بالحديث. ويليس كان ودوداً معنا، ومرّ الوقت سريعاً، فإذا به تجاوز المدّة المقررة. هبّ الصديقان للانصراف، ووقفت بدوري لأغادر معهما، فإذا به يقول:

«هل لديك وقت إضافي. أودّ أن أجلس معك قليلاً».

فوجئت، ونظر الزميلان كل للآخر في تعجّب، قبل أن يغادرا. جلسنا، وسألني إذا كنت أمانع في مشاركته العشاء: «أكره أن آكل وحدي». لم أمانع لكني، أصررت على أن يكون الطعام خفيفاً، و… «من دون لحم خنزير». طلب لي وله، ثم واجهني بقوله:

«أعجبتني أسئلتك. هل تعتقد فعلاً أنني مهتم بتمثيل أفلام الأكشن دون غيرها؟».

أجبت: «لم أقل إنك مهتم، لكن هذا ما تقوم به غالباً».

قال: «ماذا لو أنها الأدوار الوحيدة التي تُعرض عليّ؟».

لا أدري، ولا أقصد إحراجك، لكن هل سعيت، أخيراً، للبحث عن دور آخر؟

«بصراحة ليس كثيراً، لأن طبيعة أدواري لم تعد تسمح. هذا ما يُعرض عليّ، والتمثيل أفضل من عدم التمثيل».

سألني بعد ذلك عن تاريخي، ولماذا أنا ناقد، وماذا أفضّل من الأفلام (قال: «ما هو الفيلم المثالي بالنسبة إليك»).

مجلة كل الأسرة

أخبرني أنه مسافر صباح يوم غد لتمثيل فيلم آخر مع المخرج م. نايت شيامالان (Glass)، وسررت بأنه لم يسألني عن رأيي فيه.