
أثبت الممثل جو طرّاد قدرته على تقديم أدوار مختلفة، وشخصيات داعمة للأحداث. ممثل مجتهد، أداؤه متوازن، واستطاع أن يكون رقماً صعباً في أيّ عمل يشارك فيه نظراً لقدرته على الإقناع، وهو يركز نشاطه على الدراما المعرّبة التي أكسبته جماهيرية عريضة على مستوى الوطن العربي، بدأت مع «عروس بيروت»، ومستمرة حتى اليوم.

كيف تصف أجواء تصوير مسلسل «ابنة السفير»؟
فريق الإنتاج رائع، وهو الفريق نفسه الذي تعاملنا معه في مسلسل «عروس بيروت»، ونحن حالياً في مرحلة البروفات والتحضيرات، وكل الممثلين المشاركين فيه رائعون جداً.
وكيف تتحدث عن دورك فيه؟
ألعب دور شقيق البطلة الذي تؤديه كارمن بصيبص، ولكنه ليس أخاها الحقيقي، بل شاب قام والدها السفير بتربيته. هو دور قوي جداً، لأنني أقدم شخصية شريرة، ومستفزة جداً، تقوم بالاحتيال على الجميع، مغتصب، متحرش، ويحاول خداع أخت البطل الذي يؤديه محمود نصر. لم يسبق لي أن لعبت دوراً شبيهاً به من قبل، وبالنسبة لي هو دور جميل جداً، لأن فيه الكثير من التحدّي، ويبرز قدراتي كممثل. هناك من يردّد دائماً أنني لا ألعب إلا الدور الثاني، وأنا فعلاً لعبت الدور الثاني في مسلسل «لعبة حب»، وكنت صديق البطل الشاب اللطيف الذي يجمع دوره بين الكوميديا والدراما، وكنت في مسلسل «عروس بيروت» شقيق البطل، وقدمت دوراً فيه دراما، والكثير من التقلبات. صحيح أنني ألعب الدور الثاني، لكن أدواري ليست متشابهة. لكن ماذا بإمكاني أن أفعل إذا كانوا يسندون إليّ الدور الثاني، والذي يكون متعباً أكثر من الدور الأول، كما يكون محور العمل دائماً، هل أرفض مثلاً؟ لكن في مسلسل «ابنة السفير» الذي أصوّره حالياً يلعب وسام فارس دور صديق البطل، أما أنا فألعب بمفردي، ولديّ مجالي، ومشاهدي، ويمكن القول إنني ألعب في مساحتي الخاصة. هو دور خاص على مستوى الأداء، وأقدم من خلاله شخصية لم أقدم مثلها سابقاً، شكلاً وأداء.
يقال لي «أنت مكسّر الدنيا بالدور الثاني» لكن ماذا أستفيد من هذا الكلام إذا كنت لا أحصل في المقابل على ما أستحقه كـ«بزنس»؟
لكن الجمهور يجيد تقييم الممثلين ويعرف أن الأدوار الثانوية تكون أحياناً أهم من الأدوار الأساسية؟
أنا لا أتحدث عن الجمهور، وهو «على رأسي وعيني»، وأعرف أنني كممثل لبناني «مكسّر الدنيا»، وأن كل الجمهور العربي يحبني، وهذا الأمر يفرحني كثيراً، ولكن المنتجين يختارونني دائماً للأدوار الثانوية، وهذا الأمر يفرق معي كثيراً، لا أقصد مادياً فقط، بل انتشاراً وتسويقاً، مثلاً صورتي لم تكن موجودة في ملصق «عروس بيروت». لست مغروراً، ولا أملك ثقة زائدة بالنفس، ولكن عندما أشارك في عمل، الجميع يشيدون بي، بدليل أنني في مسلسل «لعبة حب» لعبت دوراً ثانوياً، ومع أنه كان «ميتاً»على الورق، لكنني وضعت فيه روحاً وحياة، وأضفتُ إلى شكل الشخصية، وجعلتها جميلة، خفيفة الظل وذكية ،لأنني كنت أعرف أنني لن أنال حقي كممثل كما هو مرسوم على الورق، ويجب أن أشتغل على نفسي، وهذا ما فعلته، ولذلك لم أظهر في المسلسل لأنني أشارك بدور ثانوي. لكن الدور الأول يختلف عن الدور الثاني، مادياً وانتشاراً، وحتى على الملصق، وهذه الأمور تهمني كثيراً، مع أنني لم أكن أهتم بها سابقاً، لأنني تعبت كثيراً، ويحق لي أن أقدم الأدوار الأولى، خصوصاً أن هناك اختلافاً شاسعاً في الأرقام بين الدور الأول والدور الثاني. دائماً يقال لي «أنت مكسّر الدنيا بالدور الثاني»، لكن ماذا أستفيد من هذا الكلام طالما أنني أثبت فعلاً ذلك، وإذا كنت لا أحصل في المقابل على ما أستحقه كـ«بزنس»؟

ولماذا لا تسند إليك أدوار البطولة الأولى؟
لا أعرف. ربما لأنني قبيح، أو لا أجيد التمثيل، أو لأنني غير منتشر، أو ليس لدي شخصية، ولا تليق بي أدوار البطولة الأولى. أنا أطرح على نفسي هذا السؤال دائماً، حتى أنني أصبحت أشكك في نفسي. ماذا ينقصني لكي يسندوا إليّ دائماً الدور الثاني، أي دور الشاب الذي تقع البطلة في حبه، ثم تتراجع فجأة، وتقع في غرام البطل. وأكثر ما يزعجني تعليقات الناس على «السوشيال ميديا»، والتي تتساءل: «لماذا تخلت عنه، ولماذا أصبحت تحب فجأة البطل، مع أن جو أجمل منه»؟ وهذا يعني أن الجمهور ليس غبياً، ويعرف أن ما يحصل ليس منطقياً.
شركات الإنتاج تقول إنها تختار الأبطال من منطلق أنهم قادرون على الترويج للعمل...
هذا ليس صحيحاً، والأعمال المعرّبة لا تبيع بسبب أسماء الأبطال، بل لأن العمل جميل، والناس أحبوه. لم يحصل في أيّ مسلسل معرّب أن تعلق الناس بالبطل، بل بمن يلعبون الدورين الثاني والثالث، وهل البطل هو «جيمس بوند»؟ وأنا لا أتحدث عن مسلسل «الهيبة» الذي تتمحور قصته حول شخص واحد، بل عن الأعمال المعرّبة التي تدور قصتها حول مجموعة أشخاص، وليس شخص واحد فقط.

لكن نيكولا معوض خرق في الأعمال المعربة وهو يلعب أدوار البطولة الأولى؟
لأنه قوي جداً. تمثيله رائع جداً، ومقنع جداً، وهو بارع جداً، وربما أنا لستُ مثله. أنا أحب نيكولا معوض كثيراً، وأتمنى له التوفيق و«صحتين على قلبه»، ولكنني أحزن على نفسي ولا أعرف ما الذي ينقصني.
ربما يكون السبب الرغبة في تكرار أسماء الأبطال من عمل إلى آخر؟
الأمر ليس كذلك، والسبب غير معروف، وهناك ممثلون يستحقون أن يكونوا الأوائل، ويلعبون الدور العاشر، وممثلون يستحقون أن يلعبوا الدور العاشر ويلعبون الدور الأول. أنا أذهب إلى العمل، أصور مشاهدي ثم أعود إلى البيت، وأحياناً أفكر لماذا يفعلون ذلك، ثم أعود وأقول: «لدي أولاد، وأريد أن أطعمهم، ولذلك يجب أن أعمل لكي أجني المال».
يبدو أن خيبات الأمل في المهنة كثيرة؟
هذا أمر طبيعي، ويحصل في أيّ مجال آخر. أنا اشتغلتُ قبل التمثيل، وخلاله، والفرق بينه وبين أي مهنة أخرى أنه متعب، جسدياً وذهنياً، فيشعر الممثل بأنه يكبر بسرعة، وأكثر من أيّ مهنة أخرى، لأنه يقوم بمجهود كبير، ولفترة طويلة جداً. أنا لا أعمل في مسلسل من 30 حلقة ،كما حال الممثلين الذين يشاركون في مسلسل واحد في رمضان مؤلف من 30 حلقة، ثم يجلسون باقي أشهر السنة في بيوتهم، أي أنهم يعملون 3 أشهر فقط، بينما يستغرق تصوير المسلسل المعرّب تسعة أشهر، وأحياناً عشرة أشهر، وبشكل يومي.

في رأيك لماذا يخف إبداع بعض الممثلين عندما يصبحون نجوماً وهل السبب الثقة الزائدة بالنفس والغرور؟
هناك ممثلون أسماؤهم كبيرة تعبوا ووصلوا، ولكن عندما وصل البعض منهم إلى ما كانوا يطمحون إليه فقدوا الرغبة في أن يُتعبوا أنفسهم، في حين أن كبار النجوم في هوليوود يضحون، ويتعبون، ويجتهدون من أجل أدوارهم، لأنهم يشعرون بالتحدّي دائماً، وهذا الكلام لا ينطبق على بعض النجوم العرب، ما يؤدي إلى تراجعهم، وخسارتهم للجمهور. عندما يفكر الممثل في أن رصيده هو الجمهور فقط، وإرضاؤه هو همه الوحيد فهذا يعني أنه لا يهتم بالمهنة، بل بالجمهور فقط، وأنا لست كذلك، بل أعمل في التمثيل لأنني أعشقه، وأشتغل على الشخصية لأنني أحب المهنة، وليس إرضاء للآخرين، وعندما أشعر بأنني لم أعد أحبها سوف أتركها وأرحل، بكل بساطة. الممثل دنزل واشنطن هو الرقم واحد بين الممثلين في أمريكا، ولكنه لا يملك حساباً على «إنستغرام»، ولا يستخدم وسائل تواصل اجتماعي، وعندما سئل «ألا يهمك جمهورك؟»، أجاب «كلا لا يهمني، لأنني لستُ تابعاً له، بل أنا أتبع الله ونفسي، ومهما فعلنا للجمهور فلن يرضى أبداً»، وأنا مثله.