لم يسبق لجوليا روبرتس أن حضرت مهرجان فينيسيا السينمائي من قبل. هذه المرّة قرّرت أن تستجيب للدعوة الموجّهة إليها لدعم فيلمها الجديد… ولكن.
كان اسم المخرج الإيطالي لوكا غواداغنينو، قد ذاع عالمياً عندما قدّم «ناديني باسمك» (Call Me By Your Name) في 2017. على الرغم من أنه حقق قبل ذلك أفلاماً عدّة، أولها سنة 1999 بعنوان «الأبطال» (The Protagonists).
بعد «ناديني باسمك» الذي تناول إعجاباً متبادلاً بين شاب ورجل، جرّب يده في سينما الرعب فأنجز «سوبيريا» (Suspiria) في 2018، ثم «عظام والكل» (Bones and All) في 2022. تبعهما دراما بعنوان «متحدّون» (Challengers)، وQueer في العام الماضي.
ليس من بين هذه الزمرة ما يبرهن على أن المخرج يتميّز بأكثر من قدر من الطموح، ومثله من الشطارة. «ما بعد الصيد» (After the Hunt) الذي تم تقديمه خارج مسابقة مهرجان فينيسيا السينمائي، أخيراً، هو دليل آخر على ذلك.
حصل أو لم يحصل
لكن هذه المرّة هناك الممثلة جوليا روبرتس في البطولة، هي ألما البروفيسورة في جامعة يال. امرأة محترمة متزوّجة من رجل يحبّها، (مايكل ستولبيرغ)، أكثر مما تحبّه. هناك زميل لها اسمه هانك (أندرو غارفيلد)، ربما يطمح إلى علاقة معها، لكنها لا تجاريه الرغبة. «ربما» هذه تلعب دوراً رئيسياً في هذا الفيلم، لأن واحدة من تلاميذها اسمها ماغي (آيو إيدبَري) تلجأ إليها طالبة المساعدة. تقول لها إن هانك تصرّف معها، وتمادى على نحو غير لائق. المشكلة هي إن ماغي لا تستطيع أن تقدّم أيّ دليل. ولا تفصح كثيراً. هانك يدافع عن نفسه، ويؤكد أن هذا لم يحصل. أما ألما فلا تستطيع الضلوع بمساعدتها لأنها لا تريد أن تصطف معها إذا ثبت أنها تكذب. لماذا تكذب، خصوصاً أن هانك اعترف بأنه دخل شقّتها (ليراجع معها نصّاً اعتبره مسروقاً من نص آخر، كما يقول).
الفيلم بدوره لا يريد الإفصاح عن هذه النقطة لأنه يبني موقف بطلته ألما عليها، على أن هذا الغموض مصطنع، كذلك تشخيص أدوار رجالية ونسائية ثقيلة الظل. تتحدّث كثيراً، وتفعل قليلاً. حتى شخصية ألما هي أقرب إلى واجهة لامعة ينقصها تصميم فني أفضل.
رغبة الفيلم في تمويه ما حدث وطرحه للنقاش على أساس وقع، أو لم يقع، يطيح بأهم ما كان يمكن توظيفه درامياً، وهو توفير حقيقة عوض أن يقلّبها بين يديه.
جوليا روبرتس تبقى المحور. فنانة في أداء الشخصية المسندة إليها، على الرغم من أن هذه الشخصية عليها أولاً أن تكون قابلة للتصديق من قِبل الجمهور، تجنباً للمغالاة. الممثلة اللافتة بامتياز هي إيدربَري التي تعلق في وسط نفق. ترفع دعوى ثم تتراجع عنها، ولأسباب هي (مرة أخرى) هلامية، وغير واضحة. في كل مرّة يفتح الفيلم نافذة تطل على جانب آخر من الموضوع، ينسحب إلى الوراء بحيث لا يمكن مشاهدة المنظر الماثل ككل.
بالتالي، هناك خيط من الريبة يخصّ دعاة التساوي بين الجنسين. خيط لا يمكن لحركات المرأة اليوم تقديره، لأنه في باطنه ضدها على نحو واضح.
بذلك يبدأ الفيلم كما ينتهي، رافضاً تحديد وتسمية الأشياء كما يجب: ألما تعبّر عن موقف السيناريو، والمخرج، والفيلم، هانك عن نفسه فقط. ماغي قد تستدعي العطف، لكنها تبدو مُدانة أكثر منها ضحية.