10 أغسطس 2025

في أضخم عرض فني... هبة طوجي تحاكي الزمن بصوتها وتأسر العالم من بعلبك

فريق كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

قدّمت النجمة اللبنانيّة هِبة طوجي عرضاً فنياً موسيقياً عالمياً ضمن فعاليات مهرجانات بعلبك الدوليّة، إذ وقفت من قلب التاريخ، وفي حضن أعمدة الحضارة، وحاكت الزمن بصوتها وحضورها، في استعراض مسرحيّ ضخم بعنوان «حقبات»، تحت إشراف وإدارة فنية للمنتج والمؤلف الموسيقي أسامة الرحباني، صاحب الرؤية العامة لهذا العمل الذي أعاد إحياء ذاكرة بعلبك على مرّ العصور.

مجلة كل الأسرة

في ليلة استثنائية، تحوّلت معابد بعلبك إلى عالم افتراضي، ومسرح مفتوح على الزمن، حيث اجتمع الفن الراقي، والصورة، والموسيقى، والتقنيات والمؤثرات الحديثة، في عمل فني واحد، شارك فيه أكثر من 200 شخص، من تقنيّين وفنيّين، وأوركسترا ضخمة، وجوقة Voice Of Heaven Choir تحت إدارة جورج شعيا، إضافة إلى عدد كبير من الراقصين، وكوريغرافيا مميّزة من باسكال صايغ زغيب.

مجلة كل الأسرة

تميّز هذا العرض الموسيقي باستخدام تقنية الـ3D Mapping المتطورة والحديثة التي سمحت للحضور بخوض رحلة حسيّة بصريّة عبر التاريخ والزمن، من قلب الماضي إلى عمق الحاضر، لتروي عبر «حقبات»، ومن خلال سرد مُبتكر، تاريخ مدينة بعلبك، وقصّة مدينة وشعب وثقافة لا تموت، انطلاقاً من الحقبة الرومانيّة، مروراً بالحِقب العربيّة، والعثمانيّة، والمسيحيّة، وصولاً إلى العصر الحديث... وقد تمّ استخدام كل أركان ومعابد بعلبك في هذا الحفل، ما أعطى المُشاهدين إحساساً بأنّ العرض امتدّ على كامل المعابد، في مشهد بصريّ غير مسبوق.

مجلة كل الأسرة

قدّمت هبة طوجي في بعلبك تجربة مسرحيّة غنائية متكاملة، وجسدت هذا العمل بحرفيّة عالمية من خلال رؤية إخراجية وفنية، جمعت بين الأداء الغنائيّ الراقي، والحضور المسرحي، الآسر والمتميّز، وغنّت مجموعة من الأغاني من بينها «مطرح ما بودّي الصوت»، من كتابة منصور الرحباني، وتأليف أسامة الرحباني، والتي سبق أن أدّتها في «عودة الفينيق» أول مسرحية غنائية شاركت فيها عام 2008، في بيبلوس، وأغنية «أعطنا» المأخوذة من مسرحية «جبران والنبي»، و«أنا اسمي بعلبك» من كتابة غدي الرحباني، وتأليف أسامة الرحباني، وهي أغنية تمّ تأليفها خصّيصاً لهذه المُناسبة، كتحيّة لمدينة بعلبك الصامدة والعريقة، وغنّتها هبة بأداء مُعبّر جداً، حبس أنفاس الحاضرين، وترك أثراً عميقاً في القلوب، في لحظة فنية خاصة، حملت الكثير من الإحساس والمشاعر وهي تقف على عمود ضخم، وسط ديكور مُذهل، ومشهديّة ساحرة وخياليّة. كما غنت أغنية«جايي تصلّي بفيّاتك» التي تحمل الكثير من الوجدان، وقدّمت هبة من خلالها تحيّة لأرز لبنان وتكريماً للثلاثيّ الرحبانيّ، الأخوين منصور وعاصي، وللسيّدة فيروز، الذين طبعوا بصمتهم الفنيّة الخاصّة في بعلبك، وعلى كل المعابد، و«Ave Maria» من كتابة Luc Plamondon وتأليف Richard Cocciante، وهي أغنية من المسرحيّة الغنائيّة الفرنسيّة الشهيرة «Notre Dame De Paris» التي أدّت فيها هبة طوجي دور إسميرالدا.

ولا بدّ أن نستذكر هنا اللحظة التاريخيّة التي شاركت فيها هبة طوجي في حفل إعادة افتتاح كاتدرائيّة Notre Dame De Paris في باريس، إذ تحوّل معبد باخوس من خلال تقنيّة الـ3D Mapping خلال تقديم هذه الأغنية إلى كاتدرال، ونُقل الحضور إلى ذلك المكان بمشهديّة تعكس الكثير من الروحانيّة، والمشاعر، والضخامة.

مجلة كل الأسرة

كما غنّت هبة أغنية «النظام الجديد» التي قُدّمت بطريقة أوركستراليّة جديدة، وعرض راقص ضخم على المسرح، إضافة إلى الأغنية العاطفيّة «خلص»، والتي أبدعت هبة في غنائها بمشاعر عميقة، وإحساس عال، وطاقات استثنائية، وأغنية «خبّرني القصة» التي تُحاكي عدّة حالات ومواقف للمرأة، بحيث أطلّت هبة من خلال هذه الأغنية في ثلاثة أماكن في الوقت نفسه، مع كوريغرافيا وجدانيّة من الرقص المُعاصر، وأغنية «مين الّلي بيختار»، الجماهيريّة والمُوجّهة للمرأة، والتي تفاعل معها الجمهور بشكل كبير جداً، والأغنية الإيقاعيّة الراقصة «أوّل ما شفتو»، و«لا بداية ولا نهاية» من كتابة منصور الرحباني، وتأليف Michel Legrand والتي تُرجمت على المسرح ضمن مشهد خياليّ خاصّ يُجسّد إعصاراً من أوراق الشجر، وسط تصفيق حارّ، ووقوف من الجمهور تقديراً لأداء هبة طوجي الاستثنائي.

مجلة كل الأسرة

كما وجّهت هبة طوجي تحية لروح الكبير منصور الرحباني لمُناسبة الاحتفال بمئويّته، واختارت باقة مُميّزة من الأعمال التي حملت اسمه، والقصائد التي كتبها، منها «ميدلي صيف ٨٤٠»، وأغاني «وحياة اللي راحوا»، و«لمعت أبواق الثورة»، و«وطني بيعرفني»، وهي أغنية من كتابة منصور الرحباني، وتأليف أسامة الرحباني من مسرحيّة «جبران والنبي»، وكذلك قصيدة «راجع من رماده» التي تحمل الكثير من الأمل، وتُحاكي كلّ مغترب، وهي من كتابة منصور الرحباني... فكانت لحظات مؤثرة استحضرت من خلالها إرثاً فنياً لا يُنسى.

مجلة كل الأسرة

 شارك هبة طوجي على المسرح ضيفان مُميّزان أضافا طابعاً فنياً عالمياً للعرض، وبصمة خاصة، ومؤثرة، وهما العازف والمؤلف والمُنتج الموسيقي الفرنسي اللبناني إبراهيم معلوف، زوج هبة، والمُغني الفرنسي من أصل لبناني Ycare، حيث قدموا كتريو أغنية Les Cedres باللغة الفرنسيّة، والتي صدرت سابقاً في ألبوم Ycare، كتحيّة للبنان ولجذورهم، لكونهم لبنانيّين يعيشون خارج الوطن.

وشهد الحفل مُشاركة ثانية لإبراهيم معلوف إلى جانب أسامة الرحباني في الختام، حيث قدّما معاً وصلة مُميّزة جمعت بين الدبكة، والفولكلور، والارتجال الموسيقيّ على إيقاعات الطبول الشرقيّة التي أضفت نكهة خاصة على المسرح، وسط تفاعل جماهيريّ كبير.

مجلة كل الأسرة

وبلفتة خاصّة جداً، وتكريماً لروح الكبير زياد الرحباني، قدّم كلّ من هبة طوجي وأسامة الرحباني وإبراهيم معلوف أغنية «بلا ولا شي»، كتحيّة محبّة وامتنان لمسيرته. وقد غنّت هبة الأغنية يُرافقها أسامة على البيانو، وإبراهيم على الترومبيت، وسط تفاعل من الحاضرين الذين شاركوهم الغناء بتأثّر، فيما عُرضت على الشاشة صور خاصّة ونادرة لزياد الرحباني، من أرشيف العائلة الرحبانيّة، ما أضفى على اللحظة طابعاً إنسانياً وفنياً عميقاً.

«حقبات» لم يكن مُجرّد عرض فنيّ، بل تجربة ثقافيّة وتاريخيّة فريدة من نوعها تهدف إلى إحياء ذاكرة بعلبك، وتسليط الضوء على غناها الحضاري من خلال أسلوب فني يمزج بين التراث والابتكار.

مجلة كل الأسرة

ويُعد هذا العرض الفني العالمي ضمن مهرجانات بعلبك الدولية، برئاسة نايلة دو فريج، والذين حرصوا على الحفاظ على استمرارية هذا المهرجان العريق، ووقعه العالميّ، ليبقى منارة ثقافية على خريطة المهرجانات الدولية، محطة فنية مُختلفة وخاصة في مسيرة هبة طوجي، بخاصة أنها المرّة الأولى لها في بعلبك، وإنجاز جديد يُكلّل التعاون الفنيّ المُميز بينها وبين أسامة الرحباني، بحيث استطاعا مرّة جديدة الارتقاء بالفنّ اللبناني إلى مستوى عالمي، مؤكدين من جديد أن لبنان، وعلى الرغم من كلّ التحدّيات، لا يزال منارة للثقافة، والفن، والإبداع.

 الجدير بالذكر أنّ هذا الحفل شهد إقبالاً جماهيرياً استثنائياً، إذ نفدت تذاكره بالكامل، بعد ساعات قليلة على طرحها، ما استدعى تنظيم ليلة إضافيّة مساء 9 أغسطس للحفل نفدت أيضاً بطاقاته بوقت قياسيّ، تأكيداً على الحماس الكبير، والاهتمام الواسع الذي رافق هذا الحدث الفنيّ الضخم.

يُذكر أن هبة طوجي أطلّت في هذا الحفل بفستانَين عكسا روحيّة العرض من توقيع المُصمّم العالميّ نيكولا جبران، جمعا بين الرقيّ والفخامة، بما يليق بعراقة المكان وجمالية الحدث. كما اختارت هبة طوجي مُجوهرات من Yvan Tufenkjian أضفت أناقة على إطلالتها وHeadpiece، وإكسسوارات من Aura Headpieces.

أما الـMusic Production في هذا الحفل فهي لأسامة الرحباني وAssistant Production جورج مرعب وأليكس ميساكيان، والحفل من إنتاج Baalbeck Festival وأسامة الرحباني وهبة طوجي، وهناك أيضاً إميل عضيمي الذي شارك أسامة الرحباني في تنفيذ الفكرة الفنيّة للعمل، حيث تولّى تنفيذ الرؤية الإبداعيّة ببراعة، وحرفيّة عالية تضاهي المعايير العالميّة من خلال تقنية الـ3D Mapping التي لعبت دوراً أساسياً في خلق تجربة بصريّة مُميّزة، أضافت بُعداً جديداً للمكان، وسمحت الجمهور بعيش العمل بكلّ حواسه، إضافة إلى إلى جيلبير حدّاد Proline الذي نفّذ فكرة العمل وصمّم المسرح، وأمّن كلّ المُستلزمات العالميّة، والإضاءة لشركة روجيه باخوس ومدير إضاءة جو سعد، وهندسة صوت شادي سعد، ومعدّات فداء زلّوم.