
على الرغم من النجومية الكبيرة التي حققتها الفنانة هند صبري، على مدار سنوات تاريخها الفني، إلا أنها لم تتردّد في خوض مجالات أخرى إلى جانب التمثيل، ربما أهمها الإنتاج، ما أخذها بعض الوقت من التمثيل، حتى أنها لم تقدّم أيّ عمل، للسينما أو التلفزيون، خلال الموسم الماضي، بعد أن قدمت قبله الجزء الثاني من «البحث عن علا»، لكنها تستعد خلال الفترة المقبلة لتصوير مسلسل جديد مأخوذ عن عمل روائي.
حول المسلسل الجديد ودورها فيه، وأعمالها الفنية القليلة، واتجاهها إلى الإنتاج، كان معها هذا اللقاء:
بداية، لماذا الابتعاد في الفترة الأخيرة؟
أنا اعتذرت، العام الماضي، عن عدم المشاركة في أكثر من عمل، لأكثر من بسبب، ربما أهمها عدم شعوري بالرغبة في العمل، إضافة إلى أنني لم أجد العمل الذي يحمّسني لتقديمه، فأنا لا أعمل من أجل كسب المال فقط، فأنا والحمد لله لديّ ما يكفيني، لكنني أعمل من أجل تقديم ما يهم الناس، وأن يروا حياتهم ومشكلاتهم على الشاشة، وفي الوقت نفسه لإمتاعهم بفن راق.

بعد فترة غياب، تعاقدت، أخيراً، على تقديم مسلسل مأخوذ عن رواية، فهل وجدت فيه ما تبحثين عنه ليحمّسك للعمل؟
بالتأكيد، فالعمل سيكون مأخوذاً عن رواية للكاتب الصحفي إبراهيم عيسى بعنوان «دم على نهد»، من 10 حلقات، ستعرض على إحدى المنصات بعد الانتهاء منه، وهو الآن في مرحلة الكتابة، وفور الانتهاء من كتابة الحلقات، سيتم اختيار بقية عناصر العمل، لبدء التصوير فوراً، واعتقد أن العمل سيكون هامّاً، ومفاجأة كبيرة للجمهور.
ما هي شخصيتك في العمل، وما الذي يتناوله؟
شخصية الصحفية «مي الجبالي» التي تقرر إعداد كتاب عن سفاح يدعى «محمود حلمي»، محكوم عليه بالإعدام، عبر لقاءات أسبوعية عدّة، والذي يفصح لها عن الكثير من الأسرار والمغامرات المثيرة، والجرائم التي قام بها، والشخصيات التي تعامل معها، وكانت سبباً في أن يصبح سفّاحاً، بدءاً من عائلة «العبيدي» التي تمارس تجارة الآثار في الصعيد، وتُموّل «مطاريد» الجبل مقابل حماية أعمالهم غير المشروعة، وفي كل لقاء يبوح لها بأسرار لم يعترف بها في التحقيقات، فتكتشف أشياء تضع حياتها في خطر، لأنها، كما يقولون، دخلت «عش الدبابير».
هل سيكون المسلسل بالاسم نفسه؟
أعتقد سيتم تغيير الاسم بعد الانتهاء من كتابة السيناريو.
كلما كان العمل من خلفية أدبية أو روائية كان أفضل بالتأكيد، وأهم الأفلام في تاريخنا مأخوذة عن أعمال أدبية
بمناسبة المسلسل الجديد، الملاحظ أنك تفضلين تقديم أعمال مأخوذة عن روايات أو أعمال أدبية، فهل تتعمدين ذلك؟
بالتأكيد كلما كان هناك عمل أدبي يستحق تحويله إلى دراما، سواء فيلم أو مسلسل، كان شيئاً رائعاً، وهاماً جداً، فعلاقة الأدب بالسينما والدراما طويلة، وممتدّة، وكلما كان العمل من خلفية أدبية أو روائية كان أفضل بالتأكيد، وأهم الأفلام في تاريخنا مأخوذة عن أعمال أدبية، وأنا سبق وقدمت من قبل الجزء الثاني من فيلم «الفيل الأزرق»، وهو مأخوذ عن رواية للكاتب أحمد مراد، وفيلم «كيرة والجن» لنفس الكاتب الذي قدمت له أيضاً رواية «فيرتيجو»، في مسلسل عام 2012، ثم مسلسل «عايزة اتجوز»، المأخوذ عن كتاب بالاسم نفسه للكاتبة غادة عبد العال.

ردّد البعض أن هناك نية لتقديم جزء ثالث من «البحث عن علا»، فما حقيقة هذا الكلام؟
أولاً أنا ضد تقديم أجزاء من أيّ عمل لمجرّد استغلال النجاح، فإذا لم يكن هناك دوافع جديدة وحقيقية للشخصية، لن يكون هناك جزء ثالث، لأنني أرفض ذلك تماما، حتى لا أدخل إلى منطقة أنا شخصياً لا أحبها، ولا أفضلها، وهي منطقة الاستسهال لمجرّد أن العمل ناجح، لأنني أحترم الجمهور جداً، وأحترم نفسي، والكلمة التي أقدمها له، فالصدق مع الجمهور هو مفتاح الثقة، والمسؤولية تزداد مع هذه الثقة.
هل كان هذا التصور حاضراً عند تقديم الجزء الثاني؟
بالتأكيد، فعندما قرّرنا تقديم جزء ثانٍ من العمل، كان هناك حرص شديد على كل تفاصيل العمل، والشخصية، واضعين في الاعتبار أن الجمهور اعتبر أن علا أصبحت واحدة من الأسرة، لذا كان هناك حرص على ألّا تبتعد عن المسار الذي أحبّها فيه الجمهور، وتقديم تفاصيل جديدة، مثيرة ومدهشة، مع تطور في الشخصية والأحداث، يعني مثلاً عندما اخترنا السفر إلى فرنسا، صدم هذا الاختيار البعض، والتصوير هناك كان مُكلفاً للغاية، والقصة بشكل عام قادتنا إلى هناك.

في الجزء الثاني قرّرت الإشراف على الكتابة بنفسك، لماذا؟
لأكثر من سبب، ربما أهمها أنني أشعر، بالفعل، بأني أعرف علا بشكل جيد، وهي قريبة مني جداً، بل وصل الإحساس بأن علا شخصية تعيش في داخلي، وارتبطت بها ارتباطاً وثيقاً، وارتباطي بها جعلني أُقبل على فكرة أن أكون مشرفة على الكتابة، من باب أنني أعرف كل تفاصيل حياتها، وشخصيتها، وكيف تفكر، وكيف تتصرف، فكنت حريصة على أن أنقل ما تفكر فيه علا إلى الورق.
هل كان هناك تعارض بين كونك بطلة العمل والمشرفة على الكتابة، وأيضاً الإنتاج؟
بالتأكيد الأمر كان صعباً ومرهقاً للغاية، إذ كنت مسؤولة عن جودة الحلقات من التطوير، والكتابة، والتصوير، إلى تسليم الحلقات، والجزء من الإنتاج البعيد عن المال، ثم بطلة العمل، وبالتالي كان الأمر مرهقاً جداً، والمسلسل والشخصية أخذا كل وقتي، وكل طاقتي، حتى خرج العمل للنور.
حرصت في الفترة الأخيرة على الاتجاه إلى مجال الإنتاج أيضاً.. لماذا؟
دور المنتجة يضيف بعداً جديداً لعملي كفنانة، ويمنحني فرصة أوسع للتأثير في صناعة الدراما والسينما، وهذا يمثل تحدّياً جديداً بالنسبة لي، وخطوة مهمة في مسيرتي الفنية، وهذا يضع مسؤولية أكبر على عاتقي في اختيار النصوص والسيناريوهات، إضافة إلى الإشراف على عملية الإنتاج بأكملها، ما يطوّر مهاراتي للمشاركة في تقديم أعمال ذات قيمة، فالمرأة العربية اليوم أصبحت ترغب في كسر الصمت، وأنا دوري كممثلة ومنتجة، يسهم في تحقيق هذا الهدف.

منذ عامين، في 2023، قدمت فيلم «بنات ألفة» الذي نال عدداً ضخماً من الجوائز، بعدها لم تقدم هند أعمالاً سينمائية جديدة، لماذا؟
بالفعل فيلم «بنات ألفة» حقق سلسلة من النجاحات، العربية والعالمية، وحصد العديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان جوثام الدولي، وجائزة سيزار لأفضل فيلم وثائقي، إضافة إلى ثلاث جوائز في مهرجان كان السينمائي، ووصل إلى مرحلة الترشح للأوسكار، وهذا شرف لي بالتأكيد، بل ويضع على عاتقي مسؤولية ضخمة في العمل الذي سأختاره لأقدّمه بعده، وكما سبق وقلت، لا يهمني التواجد من أجل التواجد، أو من أجل المال، بل يهمني تقديم أعمال تمسّ الجمهور، وتؤثر فيه، وفي حياته بشكل عام.