عصام كاريكا: أحاول إيجاد شكل غنائي جديد.. وهذه أخطاء محمد رمضان وشيرين

عصام كاريكا، فنّان متعدّد المواهب، يغنّي ويمثل ويلحّن، ولكنه يميل إلى الموهبة الأخيرة التي أبدع في مجالها، على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، والتي جعلته ملكاً متربعاً على عرش الأغنيات الخالدة التي لا تموت، حيث تعامل فيها مع كبار نجوم الغناء في الوطن العربي.. زار بيروت وسألناه:
لماذا أنت في بيروت؟
أنا هنا لتسجيل أغنية ثنائية للفنانة لطيفة، وفنان كبير سوبر ستار لبناني، مع الموزع طوني سابا، إضافة إلى تحضيرات أخرى لأغانٍ جديدة للفنانين راغب علامة، أيمن زبيب، وباسكال مشعلاني.

موهبتك نبع لا ينضب، ومع ذلك هل تشعر أحياناً بأنك أعطيت كل ما عندك؟
بالتأكيد مررت بمراحل كهذه، لأن هدف الملحن، أولاً وأخيراً، أن يكون له أغنيات ناجحة، وأن يغني له كبار النجوم، والنجمات، وهذا ما حققته في مسيرتي، ولله الحمد، حيث غنى معظم نجوم الوطن العربي من ألحاني، ولكني أشعر أحياناً بالحاجة إلى عمل أفكار جديدة، مثل الفكرة المجنونة للأغنية الثنائية التي نسجّلها اليوم، والتي أدخلت فيها فرقة غناء سودانية، مع فنانة تونسية، وفنان لبناني، وهذه سابقة لم تحصل في تاريخ الغناء العربي، وأتمنى أن تلاقي نصيبها من النجاح.
أنت مغامر بطبعك، فهل تعيش هاجس القلق من إمكانية الفشل؟
يُمكن أن أعيش هذا الهاجس لو كان العمل غير مضمون، ويفتقد عوامل النجاح من فكرة جديدة، وكلمات راقية، ولحن جميل، ونجم كبير له جمهور، ليبقى التوفيق من عند الله، لأني بذلك أكون قمت بواجبي عن قناعة تامّة.

منذ فترة طويلة لم تعد تغني..
بالفعل، لقد مضى نحو ثماني سنوات على عدم تقديم أيّ عمل غنائي، لأني لم أعد أرغب في تقديم أغانٍ خفيفة، مثل التي قدّمتها سابقاً، رغم النجاح الكبير الذي حصدته تلك الأغاني، مثل شنكوتي، السلام عليكم، روميو، وأحاول إيجاد شكل غنائي جديد يتناسب مع مرحلتي العمرية.
تتوجه برسائل معيّنة في أغانيك، أم تبقى أغاني فرح ورقص؟
من الضروري أن يتضمن أيّ عمل فني رسائل معيّنة، ففي أغنية شنكوتي، ورغم أنها كانت أغنية فرح ضاربة، وتحت عنوان من دون معنى، كانت هناك رسالة واضحة «اللي بيعمل كده وكده مش كويس»، فقد أضأت فيها على بعض السلبيات لدى الشباب، ووجهتهم توجيهاً لذيذاً إلى معاني الخير، ولطالما كنت حريصاً على انتقاء الكلمة الهادفة.
كنت تستغرق وقتاً طويلاً لتجدها؟
طبعاً، فأنا ألتقي بعدد كبير من الشعراء الذين يعرضون عليّ أكثر من أغنية، ليبقى الاختيار الصعب الذي أشعر بأنه سيعجب أكبر شريحة من الناس، مثل أغنية «وهي عاملة إيه دي الوقت» مثلاً، التي لا تزال رائجة بعد 24 عاماً، وعمرو دياب يغنيها في كل حفلاته.
إذا وجدت أحداً من الجيل الجديد يمكن أن يغني ما أريد أقول له أهلاً وسهلاً
هل وجدت صعوبة في التعامل مع الجيل الجديد، أم أنك تأقلمت معه بسرعة؟
لا أُنكر أني وجدت صعوبة في التعامل معه، لأنه يريد تغيير مجرى الموسيقى على مزاجه، بعيداً عن شرقيتنا، وهذا ما أرفضه، لأن جيلنا اعتاد تقديم فن حقيقي له تاريخ، فأنا أبحث عن اللحن الشرقي، والكلمة النظيفة التي تدخل البيوت والقلوب، والدليل على ذلك أن أعمالنا لم تمت، فأغنية «أعاتبك على إيه» لـمحمد محيي مثلاً، لا تزال حيّة بعد 30 عاماً، كذلك أغنية «بيني وبينك خطوة ونص» لـحكيم، «لو دارت الأيام» لـراغب علامة، وإذا وجدت أحداً من الجيل الجديد يمكن أن يغني ما أريد، أقول له أهلاً وسهلاً، أما من يختار «السكّة العبّاسية» فليس لي علاقة بها.
نعيش عصر الدراما والمنصّات، هل لديك توجّه لتكثيف التترات؟
قدّمت أخيراً تتر مسلسل «وجه سعد» الذي عرض في الموسم الرمضاني الفائت، وكان عملاً مصرياً /خليجياً مشتركاً، ولكني لم أقّدم عملاً مصرياً لأن «الشللية» باتت تحكم السوق.
ربما هي كيمياء؟
وهل قدّمت هذه الكيمياء أعمالاً ضاربة مثلما ضربت الأعمال سابقاً، كمقدمة مسلسل «العار» التي غنّاها آدم؟ هناك تترات شكّلت علامات فارقة في تاريخ الغناء والدراما.
ألا تحن إلى التمثيل؟
عُرض عليّ الأمر منذ فترة طويلة، وأنا رفضته، لأني لم أحب تكرار تجربتي في فيلم «عايز حقّي»، مع الفنان هاني رمزي، والفنانة هند صبري، رغم النجاح الكبير الذي حقّقه الفيلم، واكتفيت بالتلحين الذي جعلني أعيش ملكاً.
ما رأيك في الضجّة التي أثارها ظهور الفنان محمد رمضان ببدلة رقص؟
ببساطة، لقد خانه التوفيق في اختيار الزي، علماً بأنه يلبس من أحسن الماركات العالمية، ولو ارتدى تي شيرت تحت الذهب، ربما كان ذلك أفضل.

يجب أن يواكب الفنان مستشارون لتدارك الثغرات؟
هناك فنانون يعتقدون بأن كل ما يفعلونه هو الصواب، لمجرّد أنهم نجحوا، وظنّاً منهم أن هذا النجاح بسبب «دماغهم»، ولكن عندما يكون هناك مجموعة أدمغة تفكّر حول الفنان، فلا بُدّ أن يصل إلى مكان أفضل.
أنت مقتنع برمضان كممثل أم كمغنٍّ أكثر؟
كممثل طبعاً، فهو رقم واحد في هذا المجال، والدليل على ذلك مسلسل جعفر العمدة، وعندما قدّم برنامج الربح الرمضاني أحبّه الجمهور، وباعترافه هو أنه لا يغني، بل يؤدي لوناً معيناً.
هل تعتقد أن قرب الفنان من الجمهور أمر جيد؟
مواقع التواصل الاجتماعي ألغت كل المسافات.. كان اللقاء بأيّ نجم حلم من الأحلام، بينما اليوم نستطيع أن نراه في كل تحركاته، داخل وخارج منزله.
أنت لم تسمح بتخطي الخطوط الحمر في حياتك الخاصة؟
أنا اعتمدت الـ«سوشيل ميديا» لأعمالي، وليس لحياتي الخاصة التي أرفض أن تكون مشاعاً. شيرين عبد الوهاب أضرّت نفسها عندما فتحت أوراق علاقاتها العائلية من حب، وزواج، وطلاقن وخلافات، فتراجعت عملياً، بينما جعلت أنغام لحياتها الخاصة حدوداً ترفض أن تتخطاها هذه الوسائل، فالفنان هو من يحدّد كيف، ومتى يستعمل التقنيات الحديثة، وإلى أيّ مدى يُمكن أن تخدمه، أو تضّر به، وإن كنت شخصياً أرى فيها وسيلة إيجابية تقرّب الفنان من جيش من الجماهير، يدافع عنه إذا اقتضى الأمر.
ويبقى السؤال الكبير، هل سيبقى الفن فنّاً؟
إذا أخذ كبار النجوم الفن في طريقه الصحيح، فمثلاً لو ركزت شيرين في فنها، وقدّمت أعمالاً جميلة، لو اهتم محمد رمضان بفنه وقدّم أعمالاً جيدة، على غرار جعفر العمدة، ولو تامر حسني قدّم أغاني طربية زي زمان، وغيرهم كثر، سيكون للفن شأن عظيم.
خصوصاً أن هناك إمكانات ضخمة مفتوحة اليوم أكثر من قبل في ظل الانفتاح الخليجي على الفن..
طبعاً، فتقديم أعمال عبر هيئة الترفيه السعودية التي تسعى لتقديم أعمال ضخمة في قالب فني جميل، يختصر الطريق على الفنان، وانتشار أعماله.