نسج مسيرته المهنية بخيوط من النكهات والثقافات، حيث بدأ رحلته في مصر قبل أن يخوض تجارب غنية في مطابخ متعددة حول العالم منحت أطباقه بُعداً عالمياً، لتحمل في طياتها روح التراث المصري ممزوجة بابتكارات معاصرة.. هو الشيف محمود طاهر، رئيس طهاة مطعم «الهضبة» بمنتجع سو- جزر المالديف، الذي يشاركنا في حوارنا معه قصته مع الطهي وتأثير البيئة في تشكيل هويته التي انعكست على فلسفته في إعداد الأطباق.
كيف بدأت رحلتك في هذا المجال؟ وما ذكرياتك عن أول طبق أعددته؟
بدأت مسيرتي مع فن الطهي في مصر، تأثرت بعراقة المطبخ الشرق أوسطي والشمال إفريقي لاحقاً، تنقلت بعد ذلك بين مطابخ عالمية أغنت خبرتي وثقافتي الطهوية. ورغم أنني لا أذكر أول طبق أعددته، فإن طبق الشيش برك يظل من أقرب الأطباق إلى قلبي.
نشأت في مصر وسط نكهات وتقاليد عريقة... كيف أثرت هذه البيئة في مسيرة عملك كطاهٍ؟
شكّلت التقاليد والنكهات المصرية الأساس لمسيرتي المهنية، حيث البساطة والعمق والمكونات التقليدية كالعدس والفول والباذنجان، والتوابل العريقة مثل الكمون والثوم. هذا التنوع علّمني كيف أحوّل أبسط المكونات إلى أطباق غنية ومغذية، ما عزز روح الإبداع. كما كانت المناسبات الاجتماعية مصدر إلهام كبير، تعلمت منها أهمية الطهي كوسيلة للتعبير عن الهوية الثقافية والحفاظ على التراث، وهو ما أسعى إليه من خلال مزج الأصالة بالحداثة في أطباقي.
كيف أثر التنوع الثقافي في الدول التي عملت فيها على فلسفتك في الطبخ؟
خلال تنقّلي بين الدول اكتسبت فهماً عميقاً لتنوع الثقافات وتأثيرها في فن الطهي. في كل بلد، تعلمت دروساً مختلفة، بدءاً من التوازن الدقيق للنَّكهات في الصين، إلى بساطة المأكولات البحرية في المالديف، وغنى المطبخ السعودي بالتراث، وصولاً إلى التنوع في البحرين ودبي، واندماج الثقافات في المطبخ الماليزي. جميع هذه التجارب شكلت فلسفتي في الطهي، التي تقوم على احترام التقاليد ودمج الابتكار، ما يجعل من كل طبق حواراً بين الثقافات وتجسيداً لرحلتي حول العالم.
تذكر أن الطعام وسيلة لرواية القصص... ما القصة التي تحرص على إيصالها في كل طبق تقدمه؟
من وجهة نظري، لا يتوقف الطهي عند كونه وسيلة للتغذية، فهو لغة عالمية قادرة على التواصل وسرد القصص وإثارة المشاعر. لقد ألهمتني قدرة طبق واحد على نقل الإنسان عبر الزمان والمكان، وكان ذلك دافعاً كافياً لاختياري لفنون الطهي كمهنة. شهدت كيف يصبح الطعام جسراً يربط بين الثقافات ويجمع الناس على اختلاف لغاتهم وخلفياتهم. من خلال عملي، أسعى إلى تقديم تجارب طهوية تحمل قيمة أعمق من مجرد تناول الطعام، بل تعبر عن ثقافات وتروي حكايات وتوقظ الذكريات. كل طبق أقدمه هو محاولة لخلق لحظة مميزة تبقى عالقة في الذاكرة، وتعكس شغفي باستخدام الطهي كوسيلة للتواصل الإنساني والثقافي.
ما الفكرة الأساسية التي انطلقت منها في تصميم قائمة «الهضبة»، وما التجربة التي تحرص على أن يأخذها الضيف معه بعد زيارته؟
حرصنا عند وضع قائمة «الهضبة» على أخذ الضيوف في رحلة تذوّق تمزج بين النكهات المصرية الأصيلة، وتقنيات الطهي الآسيوية الدقيقة، والمأكولات البحرية الاستوائية المستوحاة من جزر المالديف، مع لمسات من مطابخ الشرق الأوسط والخليج، بهدف سرد حكايات ثقافية تجسد التوازن بين التراث والحداثة، حيث يتحول كل طبق إلى فصل من قصة عالمية، تأخذ الضيف عبر الحدود من خلال نكهات تجمع بين دفء الماضي وابتكار الحاضر، مع الالتزام بأعلى جودة للمكونات وممارسات الطهي المستدامة، لتبقى التجربة راسخة في الذاكرة.
وصفات ذات صلة:
-كباب كفتة لحم البقر.. من الشيف محمود طاهر
-أسياخ القريدس الملكي.. من الشيف محمود طاهر
- رقاقات الجبنة (حشوة الجبنة).. من الشيف محمود طاهر