08 يوليو 2025

التحفيز بين الأزواج.. مفتاح تقوية العلاقة في مواجهة الأزمات

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

في بعض الأحيان، تنغص المشكلات حياة الشريكين سواء بسبب ضغوط خارجية أو خلافات داخلية. ولكن في كل الأحوال، يعتبر التحفيز بين الأزواج باباً من أبواب الدعم النفسي، في محاولة لإرساء العلاقة الزوجية على شاطئ الأمان والحفاظ على استقرارها. ولا تقتصر حدود التحفيز بين الشريكين على أوقات الحب والفرح، بل يتبدّى ضرورياً في أوقات الأزمات مثل فقدان العمل، أو الضغوط المالية، أو فقدان الأحبة.

بيد أن كلاً من الرجل والمرأة يستقبل الدعم العاطفي بطرق مختلفة. فكيف يكون التحفيز؟ وكيف يستقبل كل من الشريكين الدعم والتحفيز من الطرف الآخر في الأزمات؟ وما الطرق التي تعزّز قوة العلاقة الزوجية وتدعم استمراريتها؟

مجلة كل الأسرة

في هذا السياق، تزوّدنا الدكتورة هاجر مرعي، خبيرة العلاقات الأسرية واستشارية الصحة النفسية، بآليات التحفيز وآثاره الإيجابية في العلاقة الزوجية وفي العلاقة مع الأبناء، لكون التحفيز بين الأزواج، وفق تعريفها، «لا يكون بدافع الحب فقط، بل حاجة نفسية أساسية لكلا الطرفين، حيث يجد كل شريك في الطرف الآخر عنصر الأمان».

يتبدّى الاختلاف في كيفية استقبال الرجل التحفيز من المرأة، والعكس، خاصة في الأزمات مثل الأزمات المالية، أو فقدان العمل، أو وفاة شخص مقرب.

مجلة كل الأسرة

كيف يستقبل الرجل التحفيز من المرأة في الأزمات؟

توضح د. هاجر: «في الأزمات، يمر الرجل بضغط نفسي شديد، حيث يشعر بأنه فقد دوره التقليدي كحامٍ وعائل للأسرة، ما قد يؤثر في ثقته بنفسه. وهنا يأتي دور المرأة في تقديم التحفيز، ولكن بشكل يتناسب مع طريقة تفكير الرجل واحتياجاته النفسية».

تشرح: «يحتاج الرجل إلى الدعم والتحفيز على مراحل، تبدأ بوجود المرأة إلى جانبه وإشعاره بتقديرها الضغوط التي يمر بها. على سبيل المثال، عند فقدان العمل لا يكون الرجل بحاجة إلى اللوم والانتقاد، مثل: «أنت السبب، أنت تركتنا دون عمل»، بل يحتاج إلى مناقشة أسباب فقدانه العمل بهدوء، ثم الانتقال إلى مرحلة الدعم والتحفيز. ويتجسد هذا الدعم في تقدير المرأة المتاعب التي يمر بها الرجل، سواء على المستوى المهني أو الجسدي. بعد ذلك تأتي مرحلة البحث عن الحلول، حيث يفضل الرجل أن تشاركه المرأة في التفكير بإيجاد بدائل، معتبراً أن هذا النوع من الدعم يعكس روح المشاركة والتقدير في العلاقة بينهما».

حاجة الرجل إلى الدعم النفسي من المرأة في حالات الفقد

تبين خبيرة العلاقات الأسرية: «عند مواجهة الفقد، يحتاج الرجل إلى دعم نفسي يشعره بأن هناك من يقدّر ألمه، ويدرك مدى تأثير الفقد في مشاعره وتقدير علاقته بالآخر. ويتجلى هذا الدعم من خلال بعض الكلمات المطمئنة، مثل: «أنا بجوارك، وأتفهم مشاعرك»، أو «أعلم أنك حزين»، إلى جانب تخفيف بعض الأعباء عنه خلال هذه المرحلة».

يعد هذا الأمر مهماً، بحسب د. هاجر، حيث «يمنحه الشعور بأن الطرف الآخر يشعر بآلامه ويقدّرها. وينطبق الأمر نفسه على الحالات الصحية، فعندما يمرض الرجل يحتاج إلى دعم المرأة واهتمامها. وبشكل عام، لا يقتصر احتياجه على النصائح فقط، بل يحتاج إلى مزيج من الكلمات الداعمة، والمناقشة، والنصائح، ليشعر بأن الدعم شامل ومتكامل».

آليات الدعم النفسي من الرجل للمرأة في الأزمات؟

يختلف استقبال المرأة الدعم النفسي والتحفيز من قبل الرجل، تقول د. هاجر مرعي: «تشعر المرأة بأن الدعم العاطفي يكمن في الإحساس بأن الآخر يشعر بها يدرك آلامها ويتفاعل معها، حتى لو لم يقدّم لها حلولاً أو نصائح مباشرة. ففي كثير من الأحيان، ترى المرأة أن مجرد استماع الرجل لها وتخصيصه وقتاً لسماع مشاعرها هو في حد ذاته شكل كبير من الدعم. وفي حالات الفقد، تحتاج المرأة إلى الشعور بالتطمين، وإلى وجود سند داعم ومحب يقدّر ما فقدته، ويحاول تعويضها عنه قدر المستطاع. هذا الإحساس بالاحتواء والتقدير يعزز شعورها بالأمان ويساعدها على تجاوز الأزمات العاطفية بطريقة أفضل».

الدعم في المشكلات الأسرية

تؤكد د. هاجر: «عند مواجهة المشكلات الأسرية الكبيرة تحتاج المرأة من الرجل ألا يتدخل بشكل مباشر بينها وبين أسرتها، بل أن يكون إلى جانبها الناصح الأمين، يساعدها على تهدئة الأمور دون فرض رأيه أو اتخاذ مواقف حادة. وفي كل الأحوال، يشكل الدعم والحب مخزوناً عاطفياً بين الزوجين خلال الأزمات، حيث يعزز وقوف كل طرف إلى جانب الآخر قوة العلاقة بينهما».

مجلة كل الأسرة

ركائز الدعم والاستقرار الأسري

من هذا المنطلق تتجلى أهمية التحفيز والدعم، حيث «يشعر كل طرف بأن الآخر دائم الحوار معه وقريب منه، بغض النظر عن الظروف».

تزودنا د. هاجر مرعي بركائز مهمة وطرق لتعزيز الدعم العاطفي تعزز قوة العلاقة الزوجية على المدى الطويل، وأهمها:

  • تجديد التعبير عن الحب والمساندة بين الزوجين: من المهم أن يدرك كل من الرجل والمرأة أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى تجديد مستمر في التعبير عن الحب والمساندة في كل مرحلة زمنية من عمر الزواج، وليس عند وقوع المشكلات أو الشعور بالضغط أو التأثيرات الخارجية فقط.
  • دعم الشريك في التربية وتعزيز العلاقة مع الأبناء: أن يكون هناك دعم مشترك بين الزوجين في تربية الأبناء. فعندما يلاحظ أحد الطرفين تقصيراً من الآخر في التربية يجب أن يكون دوره داعماً ومسانداً، وليس ناقداً. كما ينبغي تجنب استخدام الأبناء كوسيلة لكسب الثقة لصالح طرف ضد الآخر، لأن العلاقة الأسرية قائمة على التعاون والتكامل لتحقيق بيئة أسرية متماسكة.
  • الشعور بالأمان والحفاظ على خصوصية الشريك: من أهم الركائز في العلاقة الزوجية أن يشعر كل طرف بأن الآخر يحفظ سره ويحافظ عليه، ويعتبره نصفه الآخر. فهذا يعزز الثقة بينهما ويمثل واحداً من أقوى أشكال الدعم العاطفي والنفسي، ويعمّق الروابط التي تجمعهما على مدار السنوات.