هل كل رجل ناجح في عمله ناجح في زواجه؟ هذا ما تريده المرأة من الرجل!

صادفته للمرة الأولى في اجتماع عمل، شاب وسيم، أنيق، حذاؤه يلمع تحت أضواء المصابيح كلما حرك ساقيه، واضعاً إحداهما على الأخرى، يتكلم ويناقش بهدوء، مقنع في وجهات نظره واقتراحاته... أعجبت به، ولفتت نظره، فكان النصيب، وتزوّجا.
وعندما باتا تحت سقف واحد، اكتشفت أنّ الأناقة في اللباس واختيار الكلمات، وملَكة الإقناع، ليست إلا واجهة لشخصية تتقن فن العمل، وتسعى إلى النجاح في الخارج، لكنها لا تعرف كيفية التعامل مع المرأة، وإسعادها، فهو عملي تماماً، لا يعرف كيف يوقد نار الحب بالكلام الجميل، كريم لكنه يرى أن المال كافٍ لجعل المرأة سعيدة، قليل الحوار، وفكره مشغول دائماً بعمله... صمتت، وواصلت المسير في حياة زوجية تحسدها عليها الكثيرات من صديقاتها، وزميلاتها، لكنها ظلت تعيش في الحلم، محاولة التنكّر لعالمها الواقعي لتعيش في عالم الخيال، حيث الدواء لذلك الداء الخفي الذي لا يشعر بآلامه أحد سواها.
بمَ كانت تحلم تلك المرأة الشابة؟ بالحماية، أم بالأمان، أم بالاستقرار العاطفي؟
1- فريق واحد
قد تهتم المرأة بمظهر الرجل الخارجي، بأناقته ونظافته، لكنَّ هناك تفاصيل أخرى تركز عليها، فهي تبحث عن رجل تشكّل معه فريقاً يسوده الانسجام، الفكري والعاطفي، ليكون بالنسبة إليها قوة تدفعها إلى الأمام. وهي تبحث عن رجل يكون موضع ثقة، تشاركه مخاوفها وأفراحها، فيفهمها، ولا يسخر منها. كما تتوقع أن يكون الزوج حاضراً في كل وقت، من دون أن يكون متطلباً وشديد الغيرة لدرجة التملك.
ويرى الخبراء في الحياة الأسرية أن الزوجين اللذين يكوّنان فريقاً، يواجهان الشدائد معاً، ويتحدّيان مصاعب الحياة بفكر متقارب، الأمر الذي يعطي المرأة شعوراً بالقوة أمام تحدّيات الحياة، وعقباتها. فالمرأة تريد من الرجل أن يخرج من منطقة الراحة الخاصة به، وأن يذهب أبعد من ذلك في اكتشاف نفسه، والآخرين.

2- المحافظة على الشغف
في العلاقة الزوجية، تغيب العاطفة في كثير من الأحيان في خضم متطلبات الحياة اليومية، ومشكلاتها، ولكن الشعلة قد لا تنطفئ تماماً، فالحب يبقى مثل جمرة تتأجج في القلب، وعلى الرجل الحفاظ عليها كيلا تموت مع الأيام، وقد كانت حيّة تنتظر من يشعر بها. فأغلب النساء يتوقعن من أزواجهنّ الكثير والكثير من الاهتمام، ويرغبن في أن يكون لديهنّ مع أزواجهنّ خطط مستقبلية توجه أحلامهنّ، وتشعرهنّ بالأمان. فاستمرار العاطفة يحتاج إلى مجهود، ولا يمكننا أن نتوقع أن يبقى الحب حياً ونحن مكتوفو الأيدي تجاهه؛ نأكل، ونشرب، وننام، ونجني المال. يجب أن نفعل أيّ شيء للحفاظ عليه!
من ناحية أخرى، يتطلب الحفاظ على الشغف مشروعات مشتركة، وخططاً مستقبلية موحدة، فهي قوة دافعة تتيح للزوجين المضي نحو المستقبل، كما لو أنهما شخص واحد، وليس كفردين مستقلّين، يسير كل منهما في اتجاه. كما أن المشروعات المستقبلية تشكل حافزاً للزوجين، ووسيلة لتعزيز العلاقة بينهما، كي يتمكّنا من خوض التحدّيات معاً.

3- التواصل والحوار
تعتمد العلاقة الجيدة في المقام الأول على التواصل، إذ لا يمكن أن نتوقع من الشريك أن يخمِّن كل ما يدور في رأس شريكه، وأن يكتشف ما يزعجه، ويعالج هذا الانزعاج بنقرة واحدة من أصابعه. فمن المهم أن يجد كل طرف راحة في مناقشة رغباته، وأفكاره، ومشاعره، ويومياته. والتواصل يعني فتح الباب المغلق بين الطرفين، وإتاحة الفرصة للتعايش السليم، وتبادل الخبرات والعواطف.
وعندما يرفض الزوج التواصل والحوار، كما حدث مع الزوجة الشابة، فإنه يبني حول نفسه سوراً يمنع زوجته من الاقتراب منه. وقد يكون هذا السور بالنسبة إلى الزوج وسيلة للحماية، وحصناً يدفع عنه صعوبات الحياة، وما يصادفه في الخارج، لكنه يُشعر الزوجة بأنها تعيش في عالم بعيد، ولا تستطيع الوصول إلى ما يوجد داخل خلف السور.
4- النضج العاطفي والثقة بالنفس
في بعض الأحيان، تجد الزوجة نفسها مع رجل رائع، تحبه بكل قوّة، لكن عدم نضجه العاطفي، وضعف ثقته بنفسه ضمن القفص الزوجي، يجعلانها تعيسة لأنها تحبه، فتصمت وتتابع حياتها على مضض خوفاً من فقدانه، فالشخص الذي يثق بنفسه، والناضج اجتماعياً وعاطفياً، يعرف كيف يكون متعاطفاً فيستمع إلى زوجته، ويعرف ما يجعلها سعيدة، فتحلّق فوق السحاب. فالعلاقة السليمة والصحية تكون مبنية على اللطف، والحب، والاحترام.
5- الغيرة
نعم، المرأة تحب الرجل الذي يغار عليها، ولكن ضمن حدود، فهو عندما يتركها تعيش حياتها وكأنه غير موجود فيها، لا يسأل عن حالها، ولا عن أمورها، تشعر بعدم اهتمامه بها، وكأنها قطعة أثاث في البيت، فالغيرة بالنسبة إلى المرأة وقود الحب، تشعرها بأن زوجها يخاف عليها، ويعمل على حمايتها، وأنه يدافع عنها، ولا يستهين بها، شرط ألا تكون الغيرة مرَضية، وتؤدي إلى الشك، والاتهامات.

6- وقت العمل للعمل
بعض الرجال لا يستطيعون الفصل بين ضغوط العمل المستمرة، وحياتهم الشخصية، فيحملون معهم هموم العمل إلى البيت، يفكرون فيها، وفي الحلول لها، وهم جالسون مع زوجاتهم وأُسرهم. يجب على هؤلاء الأزواج أن يتركوا العمل خلفهم بمجرّد دخولهم البيت، مراعين احتياجات زوجة تنتظر عودة زوجها بفارغ الصبر، لتشعر بالأمان والشراكة.
فعندما يكون العمل هو الأولوية في حياة الرجل، قد تتأثر علاقته بزوجته سلبياً، لذا على الرجل الحفاظ على توازن صحي بين العمل، والحياة الزوجية والأسرية، بما يتيح له تخصيص وقت لبناء علاقة قوية ومستدامة، وحياة زوجية مستقرة، وبيئة عائلية صحية.