تناول مسلسل «أشغال شقة»، الذي عرض خلال شهر رمضان، في إطار كوميدي كمّ المعاناة التي تعيشها الزوجة التي يكون حظها الارتباط بزوج سلبي يخضع لسيطرة أمّه، وقد أثار ردود أفعال واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكد الكثير أنهم فعلاً تعرضوا لهذه التجربة، وذكروا مواقف مختلفة للمعاناة في الحياة مع الزوج السلبي (ابن أمّه).
من مسلسل «أشغال شقة»
خبراء العلاقات الزوجية يؤكدون دائماً أن الحياة مع زوج سلبي تسيطر عليه أسرته، خاصة الأم، فيها كمّ كبير من المعاناة، لكنهم يرون أن التأقلم مع هذا الأمر، ومحاولة التقليل من الآثار السلبية لذلك في الأسرة ليس بالأمر الصعب، ولكنه يتطلب زوجة لديها قدر كبير من المرونة، والحكمة، وحسن التصرف.
وضعت «كل الأسرة» على طاولة الخبراء هذه القضية وسألتهم: ما هي المظاهر التي تدل على أن الزوج سلبي ويخضع لسيطرة أمه قبل الارتباط؟ وهل من الأفضل الابتعاد عن هذا النوع من الرجال، أم أنه من السهل إصلاحه؟ وهل الحياة مع هذا الزوج تكون على قدر كبير من المعاناة، أم أن الزوجة يمكنها التأقلم مع هذا الوضع؟ وكيف تتمكن من ذلك؟
سبب مهم لفشل العلاقات الزوجية
في البداية، تؤكد الدكتورة رشا عطية، استشارية العلاقات الزوجية وتعديل السلوك والتحليل النفسي بالقاهرة، أن المسلسل بالفعل، يلقي الضوء على قضية هامّة، وهي المشاكل التي تتسبب بها التربية الخاطئة للأبناء الذكور، بحيث تسيطر الأسرة، بخاصة الأم، على كل تفاصيل حياته، وتأخذ كل القرارات الخاصة به نيابة عنه، ليكبر هذا الابن ويصبح فعلاً «ابن أمّه»، يعتمد عليها في كل شيء في حياته، ولا يستطيع مطلقاً التحرك في أي تفصيلة من دون أخذ رأيها، مؤكدة أن هذا النوع من الرجال من الصعب أن يستقر في حياته الزوجية، ويبني أسرة مستقرة.
وتقول «للأسف بعض الأمهات يقحمن أنفسهن في حياة ابنائهن وزوجاتهم، منذ اليوم الأول بدعوى الاطمئنان عليهم، وأنهن أكثر خبرة، فيكون ذلك للأسف مقدمة لخلافات كثيرة تحدث في المستقبل، كما أنه يعتبر أبرز سبب للطلاق، بخاصة في السنوات الأولى للزواج»، مشددة على ضرورة وجود مسافة تسامح وودّ بين الزوجة والحماة، في الفترة التي تسبق الزواج، وما بعدها بقدر أهمية الحفاظ على استقرار تلك الأسرة، وأنه إذا وجدت هذه المساحة من الودّ والحب بين الزوجة وحماتها ستختفي كل هذه المشاكل التي غالباً ما تنشأ بين الطرفين بسبب ضياع التفاهم، والانسجام، والرغبة في العناد.
وترى د. رشا عطية أنه يجب على الزوجين أن يتقبّلا نصائح ومساعدات الأهل لهما، بخاصة في بداية الحياة الزوجية، وألا يتعنتا في الأمر، ويتخيلان أن مع كل نصيحة قادمة من الأهل هناك محاولات للسيطرة على حياتهما والتحكم فيها، فالأهل لهم دور، هام وكبير، في مساندة الزوجين، خصوصاً في بداية حياتهما، وفكرة أن الأم يجب أن تتنحى جانباً (سواء كانت أمّ الزوج أو أمّ الزوجة) يضع الزوجين في حيرة، وقلق، وتخبط لا ينتهي ويسبب لهما الكثير من المشاكل الحياتية.
إذا ضاعت الثقة بين الزوجين كان ذلك بمثابة إذن بخراب بيت الزوجية
وتحذر الدكتورة رشا عطية الزوجات من النكد، والرغبة المستمرة في إثارة المشاكل، وتبيّن «يجب أن يحافظ الزوجان على خزينة أسرارهما، حتى وإن وصلت بينهما العلاقة لذروة الخلاف، فالزوجان بحكم علاقتهما الحميمية وطول مكثهما سوياً، تكون بينهما من الأسرار والخصوصيات ما لا يكون بين غيرهما من الناس، لذا يجب عليهما حفظها، وعدم إفشائها، لأن كشف أي أسرار تفقد مفشيها ثقة شريكه تماماً، وإذا ضاعت الثقة بين الزوجين كان ذلك بمثابة إذن بخراب بيت الزوجية، وأكثر ما يجب أن يحذره الزوجان هو كشف الأسرار حينما يعيشان مشكلة ما.
وعلى الرغم من أن المشاكل الزوجية هي بالأساس مشاكل خاصة، وسريّة، ويفترض ألا تتجاوز باب غرفة النوم، ولا يعرف عنها حتى المقربون شيئاً، إلا أن بعض الزوجات، بخاصة المتزوجات حديثاً، لا يدركن ذلك، ولم يتعلّمن مدى قدسية العلاقة بين الزوجين».
الحياة مع زوج سلبي ليست مستحيلة
أما الدكتور أحمد البحيري، استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك بالقاهرة، فيبدأ كلامه مخاطباً الزوج «وجود الأهل والأصدقاء في حياة كل منا نعمة من نعم المولى عز وجل، لأنهم دائماً ما يكونون موجودين وقت الصعاب والشدائد، ووقت التعب والضيق، لكن هذا ليس معناه أنهم الملجأ في كل المشاكل، لأنه في كثير من الأحيان تدخّل الأهل، بخاصة الأم، يزيد من المشاكل، ويبعد الحل لأنها تكون متحيزة لابنها حتى وإن أخطأ، أكثر من تحيّزه هو لنفسه، كما أن تدخلها ومواقفها مع الزوجة وقت خلاف الزوجين لن ينسى من قبل الزوجة».
بعض الزوجات يقلن إنهن لا يرضيهن إلا الحياة مع زوج قوي يحكم أسرته ويقودها بقوة وثقة
ويلفت الدكتور البحيري نظر الأزواج إلى أن «النساء رغم كونهن أكثر رومانسية، ولكنهن أيضاً يحببن الرجل ذا الشخصية القوية، الذي يتخذ قراراته بعقل، وحكمة، وثقة، دون تردد، ولا ينتظر مساعدة من أحد حتى يتخذ هذه القرارات، بل إن بعض الزوجات يقلن إنهن لا يرضيهن إلا الحياة مع زوج قوي يحكم أسرته، ويقودها بقوة وثقة، لذلك فإن ضعف شخصية الرجل هو بالفعل من العوامل المؤثرة سلباً في الحياة الزوجية.
والواقع الذي نعيشه يؤكد أن الابن السلبي ضعيف الشخصية يمنح أمه الفرصة لتتحول إلى الشخصية المتسلطة المسيطرة التي تنتزع كل شيء بالقوة، والإرهاب، وبعدها تتنازع الزوجة مع الأم لتولي عملية القيادة للزوج».
وينصح الدكتور البحيري الفتيات بالتدقيق الجيد في اختيار شريك العمر، وعدم الاستهانة بضعف الشخصية، وسهولة الانقياد من الزوج التابع لأهله، لأنها لن تتقبل مطلقاً، أي نوع من الإهانة قد تتعرض له من قبل أسرته، وهو سيقف مكتوف الأيدي لن يرد إهانتها، ولن يثور، ويلتزم الصمت، وهنا سيكون الأمر مؤلماً لها جداً، ولن يفوت معها مرور الكرام، بخاصة إذا كانت الزوجة صاحبة شخصية قوية، وتعتز بكرامتها.
لكنه في الوقت نفسه يحذر الزوجات اللاتي ارتبطن بشخص ضعيف الشخصية من اللجوء إلى محاولة أن تجعل زوجها يعادي أهله، «فإذا كان الزوج ضعيف الشخصية أمامهم فلا تظني أن الحل يكمن في الإيقاع بينه وبين أهله، فصِلة الرحم من الأمور الواجبة التي أوصانا بها ديننا وحث عليها، كما أن بعد زوجك عن أهله لن يعدّل من شخصيته الضعيفة».
نصائح مهمة لكسب زوجك وحماتك
من جهتها، ترى الدكتورة ياسمين ياقوت، خبيرة العلاقات الزوجية وتعديل السلوك بالقاهرة، أن تأقلم الزوجة للحياة مع زوج سلبي، وأمّ مسيطرة، أمر ليس مستحيلاً، ولكنه يتطلب الكثير من الحكمة والمرونة، وفي هذا الإطار تقدم بعض النصائح للزوجين للخروج من فخ سيطرة الأهل، بخاصة أم الزوج، على الحياة الزوجية في سلام، وبلا مششاكل تعرضهما للفشل في الحفاظ على استقرار أسرتهما:
اقرأ أيضاً:
- زوجي سلبي ولا يشاركني المسؤولية.. كيف أتعامل معه؟
- تدخل الأهل.. خراب للبيوت! تعرفوا إلى الأسباب والحلول