يشكل الزواج هذه الأيام مخاوف وقلقاً للبعض من الشباب، نظراً لما يسمعونه من تزايد حالات الطلاق، وكذلك حالات الانفصال المتكررة، لدى الأهل والأقارب والأصدقاء، إضافة إلى الأعباء الاقتصادية التي تُعد عاملاً مؤثراً بشكل كبير في توجهات الشباب في ما يتعلق بإنشاء أسرة، أو إنجاب الأبناء. وتختلف بالطبع، أسباب الخوف والتوتر من فشل العلاقات الزوجية، والتي تدفع الكثيرين إلى تأجيل فكرة الزواج، أو حتى تجنّبها تماماً.
وضعت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات على مائدة الطب النفسي والعلاقات الأسرية والزوجية، حول العزوف عن الزواج، وأسبابه، وكيف يمكن التغلب عليه:
لماذا يُعرض الجيل الجديد عن فكرة الزواج؟
بداية، يؤكد الدكتور أمجد خيري، استشاري الطب النفسي والعلاج الأسري بالقاهرة، أن هناك مخاطر كبيرة تحدث حالياً في أغلب مجتمعاتنا العربية بسبب تغيّر نظرة الزواج لدى الشباب، وتحوّلها إلى نظرة سلبية، مطالباً المجتمعات والأسَر، ووسائل الإعلام، بالكفّ عن تشويه العلاقة الزوجية، وتصدير الصور السلبية عن هذه العلاقة الزوجية، كأنها سجن، ومقبرة، ولجام لهم.
ويحدد الدكتور أمجد خيري أسباب عزوف الشباب عن الزواج وخوفهم الارتباط في عدة نقاط:
ويحذر الدكتور أمجد خيري الأسَر التي انتهت فيها العلاقة الزوجية بالطلاق، من المساهمة بشكل كبير في إفساد أدمغة أولادهم، والزجّ بهم في الخلافات الزوجية التي تسبق، أو التي تلي الطلاق، فهناك جيل بالفعل تربّى بين أبوين مطلقّين، وأصبح لديه عقدة الزواج الفاشل، ولا يريد خوض هذه التجربة، والفشل كما حدث مع أبويه.
من المسؤول عن تراجع معدلات الزواج.. الشباب أم الفتيات؟
وتتفق معه الدكتورة نجلاء نبيل، مستشارة العلاقات الزوجية والأسرية، وخبيرة التنمية البشرية بمصر، في أن الخلافات الزوجية التي أصبحت هي الجو السائد في أغلب الأسر تسبّبت بعُقد نفسية لدى الأبناء من الزواج، وترى أن على الأهل أن يتداركوا الأمر جيداً حتى لا يقضوا على مستقبل أولادهم، كما أن العامل النفسي من أهم العوامل المسببة لظاهرة العزوف عن الزواج، فأبناء الطلاق لديهم خوف من الارتباط، حتى لا يحدث الانفصال.
وتقول د. نجلاء نبيل «الأسرة والمجتمع ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، عليها دور كبير في تصحيح الصورة الذهنية، لدى الشباب والفتيات، حول العلاقة الزوجية، وتوضيح ما توفره تلك العلاقة الشرعية من الإحساس بالسكن النفسي، والشعور بالحب، وتحقيق الإشباع الغريزي، الأمر الذي نسمّيه نشر ثقافة الزواج بمفهومها الصحيح».
وتحذّر الاستشارية الأسرية الفتيات من الغرور نتيجة تأجيل الزواج بحجة التعليم، أو إثبات الذات في العمل، فبعض الفتيات يسرقهن قطار التعليم، وتحقيق الذات والاستقرار والوظيفة، وعندما تكبر الفتاة في العمر تبدأ فرص الزواج من شاب بلا عيوب تقل، وتصبح فرص الفتاة وقتها إمّا في زوج مطلّق ولديه أطفال، أو أرمل، أو زوج يريدها كزوجة ثانية، وحينها تشعر الفتاة بأنها لا تحتاج إلى الزواج، فلديها الإمكانات التي تغنيها عن الزواج الذي تعتبره «معيباً»، وتراه تكملة للشكل الاجتماعي.
وتشير الدكتورة نجلاء نبيل إلى سبب آخر قد يدفع الرجل إلى الإعراض عن الزواج والخوف منه، وهو أن الرجل بطبعه لا يحب أبداً أن يظهر كالعاجز عن تدبير أموره، وتحمّل مسؤولياته حتى إن كان لا يتحمّلها من الأساس! فهو يحب دوماً أن يظهر في هيئة الرجل المسيطر على زمام الأمور، المتحكم في كل شيء، كالقائد الماهر الذي يقود عربته بيد واحدة، وبالتالي، فكرة أن الزواج قد يكون سبباً في إحراجه مادياً، وإظهاره بالرجل المقصّر، هي فكرة لا يستهويها على الإطلاق.
الزواج يتطلب نوعاً من التقيّد، خاصة بعد إنجاب الأطفال، لذلك يتردد الشباب عن الإقدام على هذه الخطوة، فمن الصعب أن ينتقل الرجل من مرحلة عازب إلى متزوج مسؤول عن أسرة بأكملها، حيث قد يعتقد البعض أنه يقضي على حريته بهذا القرار.
لكن سيبقى الزواج هو العلاقة الوحيدة التي ستحقق، للرجل والمرأة، على حد سواء، الاستقرار النفسي.. وبه سيرى، الرجال والنساء، لأنفسهم أبناء لهم، ولا مجال أبداً للخوف من هذا الأمر الذي جعله الله نصف الدين.
كيف نواجه ظاهرة العزوف عن الزواج ونخفف من آثارها السلبية؟
من جهته، يوضح الدكتور أحمد هارون، مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية والمتخصص في الشؤون الأسرية في مصر، أنه من أجل الحد من ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج، أو الإسهام في التخفيف منها، يجب مراعاة أمور عدّة، منها:
اقرأ أيضاً:
- ما الأسئلة التي يجب أن يطرحها الخطيبان قبل الزواج؟
- لماذا تخاف الفتيات من الزواج؟