عندما يقرر أحد الزوجين طلب النصيحة من الأصدقاء أو المقربين فيما يتعلق بالخلافات الزوجية، تغيب أحياناً حسابات العقل فيسلم هذا الطرف دون أن يدري عقله وتفكيره للطرف الثالث، وهو أخطر تهديد قد يدمر الحياة الزوجية ويقضي على استقرارها.
نصائح الأصدقاء والصديقات تأتي مغلفة بالإخلاص لكنها قد تحمل أحياناً في طياتها سماً قاتلاً تبدأ معه المتاعب الزوجية ويظل بعدها النكد بين الزوجين وكأنه عرض مستمر لا ينتهي.
سألت «كل الأسرة» عدداً من الخبراء والمتخصصين في الشؤون والعلاقات الزوجية حول نصائح وتحذيرات ومشورات الأصدقاء والصديقات: متى تحمل لنا الخير؟ ومتى تكون لنا كالسم القاتل الذي يؤدي بالعلاقة إلى النهاية؟
لماذا نلجأ لنصائح الأصدقاء؟
في البداية، تؤكد المعالجة النفسية الدكتورة إيمان السيد، استشارية العلاقات الزوجية والأسرية بالقاهرة، أن أخطر ما يهدد الحياة الزوجية ويؤثر في استقرارها هو الوقوع في فخ نصائح الأصدقاء الذين يخترقون حياة الزوجين سواء بقصد منا أو بلا قصد، وينخرون فيها كالسوس، بقصد أو بدونه، حتى يفسدونها تماماً بحجة النصيحة المخلصة والحفاظ على مصلحة وحقوق الصديق أو الصديقة.
وحول الأسباب التي تدفع أحد الزوجين أو كلاهما للجوء إلى الصديق لطلب النصيحة، ترى الاستشارية الأسرية أن أبرزها:
أكثر ما يجب أن يحذره الزوجان هو كشف الأسرار حينما يعيشان مشكلة ما
وتلفت الدكتورة إيمان السيد إلى أن هذه العادة الخطيرة تلتصق بالزوجات أكثر من الأزواج، فالزوج بطبيعته الذكورية أقل ميلاً للحديث مع الآخرين حتى ولو كانوا الأصدقاء والمقربين منه حول مشاكله الأسرية وعلاقته بزوجته، ولكن المرأة على العكس تماماً، فالكثير من النساء يقعن في فخ الفضفضة بل دائماً ما يبحثن عمن يفضفضن معهم حتى ولو كانوا غرباء ولا علاقة لهن بهم، وبالتالي يصبحن فريسة سهلة للنصائح المدمرة بسبب التأثير السحري للمرأة على المرأة، وهذا النوع من النساء لا يقل خطراً عن الأفاعي فلهن نفس التأثير حيث تقوم ببث سمها في رأس صديقتها وكأنها تساندها.
وتشدد استشارية العلاقات الزوجية على أهمية أن يحافظ الزوجان على خزينة أسرارهما حتى وإن وصلت بينهما العلاقة لذروة الخلاف، وتقول «الزوجان بحكم علاقتهما الحميمية وطول مكثهما سوياً يكون بينهما من الأسرار والخصوصيات ما لا يكون بين غيرهما من الناس، لذا يجب عليهما حفظها وعدم إفشائها لأن كشف أي أسرار تفقد مفشيها ثقة شريكه تماماً، وإذا ضاعت الثقة بين الزوجين كان ذلك بمثابة إذن بخراب بيت الزوجية، وأكثر ما يجب أن يحذره الزوجان هو كشف الأسرار حينما يعيشان مشكلة ما».
كيف تحافظين على زوجك وصديقاتك معاً؟
ويتفق معها الاستشاري الأسري الدكتور أوسم وصفي، استشاري الطب النفسي وخبير العلاقات الزوجية بالقاهرة، بأن الصديقة بالنسبة للمرأة جزء لا يتجزأ من حياتها الخاصة لا يمكن الاستغناء عنه سواء في مرحلة ما قبل الزواج أو ما بعده، فمن الشائع ارتباط الفتيات بصديقاتهن حتى تصبح هذه الصديقة هي ملاذها الآمن ومستشارها الأول والأخير في كل قرار تتخذه وكاتمة أسرارها التي تسر لها ما لا تحكيه لأمها أو أختها.
لكنه في المقابل يشدد على أن كل ما يحدث في بيت الزوجية هو سر يجب على كلا الطرفين الحفاظ عليه، مضيفاً «يجب علينا أن نربي أولادنا وبناتنا على حرمة الحديث في هذه الأمور، وأهمية وضع حدود لتدخل الأهل وكذلك الأصدقاء، وعلى الزوجين وضع خطوط حمراء لأنفسهم وشركائهم فيما يتعلق بحياتهم الخاصة، فليس معنى أن وجود الأهل والأصدقاء سند لنا وقت الصعاب أن نقحمهم في حياتنا ونترك لهم أمر الأسرة وقراراتها ليتحكموا فيها، فهم ليسوا الملجأ دائماً في كل المشاكل حيث تدخلهم قد يزيد الأمور تعقيداً بين الزوجين ويبعدهم عن الحلول القريبة».
أحياناً يكون الوسيط شخصاً غير مؤهل للإصلاح بين الزوجين فيزيد من الأمور تعقيداً
ويشير د. وصفي إلى أهمية أن يخصص الزوجان وقتاً لهما كل فترة لعمل جلسات مصارحة قبل تراكم الأمور بينهما لأن المشكلة تكون مثل حبات الرمل الصغيرة وإذا تراكمت هذه الحبات تصبح حصوات كبيرة يصعب لها المرور من عقل وقلب الطرفين، لذا فمثلما نتناقش في أمورنا اليومية لابد أن نتناقش حول الأسرة وتربية الأولاد في جلسات استرخاء يفتح فيها كل طرف قلبه للآخر ويعرفه بما يعاني من مشكلات.
ويرى أنه كلما كان الاعتماد على حل الخلاف ودياً بين الزوجين ومن دون تدخل خارجي كلما زادت فرص الحل وقويت الألفة والمحبة بينهما، فأحياناً يكون الوسيط شخصاً غير مؤهل للإصلاح بين الزوجين فيزيد من الأمور تعقيداً.
خطوط حمراء ضد التدخلات بين الزوجين
من جانبها، تقدم الدكتورة منى أحمد البصيلي، استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك والإرشاد الأسري في القاهرة، مجموعة من النصائح للتعامل مع مسألة تدخل الأصدقاء في حياتنا الزوجية وكيف نضع حدوداً لائقة وخطوطاً حمراء لهذه التدخلات:
وقبل كل هذا وذاك، ننصح الزوجات في كل الأوقات بالفضفضة مع الزوج نفسه والحوار الدائم بينهما لأن تجاهل أحدهما أو كليهما للحديث المشترك وسماع شكاوى شريكه سيدفعه لمثل هذه الجروبات والصفحات طلباً في التنفيس عن مشاكله وكل ما يجيش بصدره.
إقرأ أيضاً:
- الأزهر: كشف أسرار العلاقة الزوجية جريمة محرمة شرعًا
- للمتزوجين.. نصائح هامة للحفاظ على الخصوصية