ينزعج الكثير من النساء من التعامل مع شريك حياة من النوع الكتوم والصامت الذي لا يبوح عما بداخله ولا يعبر عن مشاعره بسهولة ولا يستجيب لأحاديث زوجته.
كما أن هذا النوع من الأزواج لا يقبل الحديث حول مشروعاته ولا مشكلاته.. معاناة حقيقية تعيشها الكثير من الزوجات مع الزوج الحويط والكتوم والصامت على اختلاف مسمياتهم.
طرحت «كل الأسرة» مشكلة الزوج الصامت والكتوم على عدد من أساتذة الطب النفسي والعلاقات الأسرية لمعرفة تأثير هذا الأمر في استقامة العلاقة الزوجية، وكيف تتعامل الزوجة مع هذا النوع من الأزواج.
لماذا يختار الرجال الصمت الزوجي؟
بداية، يؤكد استشاري الصحة النفسية والخبير الأسري الدكتور وليد هندي، ضرورة أن تتفهم الزوجة طبيعة زوجها فقد يكون قليل الكلام، فهذا لا يعيبه بل هذا سمة من سمات الرجولة، كما أن بعض الأزواج أعمالهم قاسية مرهقة فيعود الزوج من عمله بحاجة إلى الهدوء والراحة.
ويقول «أولاً على الزوجة أن تميز إذا كانت تلك طبيعة زوجها الهادئة أم أنه لم يكن كذلك وتغير، ولا تقيس بين الخطوبة والزواج أو بين أول الزواج وما بعده لأن فترة الخطوبة وبداية الزواج تكون المشاعر فيها فياضة ويرغب كلا الطرفين في معرفة الآخر وإسعاده وإسعاد نفسه، وعلى كل زوجة أن تعلم أن هذا الأمر سيتطلب منها الصبر، لأن بعض الطباع تحتاج وقتاً طويلاً».
الصراحة التامة شرط أساسي في العلاقة بين الزوجين خاصة في الحوار بينهما
ويضيف «على الزوج أن يتفهم حاجة الزوجة للكلام ويستوعب حاجتها لأذن صاغية. وفي الوقت نفسه على الزوجة ألا تضغط على زوجها ليتكلم حين تجده غير مستعد للحديث وألا تسيء تفسير موقفه هذا. وعندما يبدآن في الحوار فعليهما بالصراحة التامة فهي شرط أساسي في العلاقة بين الزوجين وفي كل حياتهما وفي الحوار بينهما بشكل خاص، كما يجب على كل منهما احترام رغبات وخصوصيات الطرف الآخر، ثم الإصغاء، فالمتحدث المقنع هو المصغي الجيد، وكذلك الهدوء وخفض الصوت ضروريان. وفى كل الأحوال يجب استخدام طريقة النقاش والحوار والإقناع لا طريقة إلقاء الأوامر».
وينصح الاستشاري النفسي الدكتور وليد هندي الزوجات بالتفرقة بين حالة الصمت المفاجئة التي قد تصيب الزوج من فترة لأخرى وحالة الصمت المستمرة التي تكون أسلوب حياة «أحياناً يواجه الرجل مشكلة أو مسألة معقدة أو يمر بظروف صعبة فغالباً ما يلجأ إلى الصمت فهو يصمت لأنه يفكر بهدوء ولأنه يعتبر أنه المسؤول عن حل مشكلاته بنفسه وبعد أن يجد حلاً يعود تلقائياً إلى الحوار والتواصل مع الآخرين. لذلك على الزوجة في هذه الحالة أن تعلم جيداً أنه لزاماً عليها ألا تلح على زوجها أن يتكلم وتفهم نفسيته ولا تزيد من حيرته ومشكلته حتى لا يشعر أيضاً بالضعف وقلة حيلته».
أنواع صمت الأزواج
يتفق معه الدكتور أشرف ثابت، أستاذ الأمراض النفسية والخبير في تعديل السلوك بالقاهرة، في أن لكل رجل طبيعة مختلفة عن الآخر؛ فمنهم الرومانسي، والعصبي، والحنون، والعملي، والعلمي، والعنيد، والكتوم، وغيرها من أنواع الشخصيات، التي تمتاز كل واحدة منها بميزات تختلف عن الأخرى، لذلك على المرأة أن تتفهم طبيعة زوجها والأهم أن تتقبله كما هو وتحاول هي التأقلم مع هذه الشخصية لأن هذا الأمر سيحل الكثير من الخلافات التي يكون سببها رغبة الزوجة في تغيير طباع زوجها لما تتمناه هي.
الرجل بطبيعته لا يجيد التعبير عما بداخله عن طريق الكلام فهو يفعل أكثر مما يتكلم
وينصح الدكتور أشرف ثابت الزوجات ألا يأخذن من هدوء الزوج حجة لوقف الحوار معه لأنها بذلك تنهي العلاقة بينهما، لأن العلاقة الصامتة لا هدف منها ولن يكتب لها النجاح لذلك الطريقة الأمثل للتعامل مع مثل هذه الشخصية أن تفتح مع زوجها طرقاً للحوار وتشاركه في حياتهما.
ويبين «أوجه رسالة دائماً لأي زوجة أن تكون مرحة واجتماعية وأن تجذبه لها، من خلال طريقتها الطبيعية في التعامل معه. وأن تتجنب تصنع الهدوء والصمت فهذا سيقضي على حياتهما. وأن تختار في هذه الأوقات موضوعات تعرف أنه يمكن أن يساهم فيها قبل أو أثناء التحدث إليه، مثل الأشياء التي يقوم بها بشكل جيد، أو الأشياء التي يحبها».
ويكشف الدكتور أشرف ثابت عن سبب حقيقي لحدوث التجاهل والصمت وأن يتحول أحدهما أو كلاهما لشخص صامت قليل الكلام، وهو «أن يكون لدى الزوج والزوجة معاً توقعات خطأ عن الحياة الزوجية ويزداد الأمر سوءاً مع قلة التواصل بين الزوجين وعدم وجود حوار بينهما إلا وقت الطعام أو النوم فقط والمعاملة الجافة من الزوجة والتحدث بطريقة سيئة وإحساس الزوج بعدم الأمان مع الزوجة بسبب تقلباتها المزاجية.. كل هذه الأسباب تسبب البرود العاطفي عند الزوج».
لكنه يرى أيضاً أن الرجل بطبيعته لا يجيد التعبير عما بداخله عن طريق الكلام فهو يفعل أكثر مما يتكلم ولا يعير اهتماماً كبيراً للكلام، على عكس المرأة التي لديها قدرات أعلى من الرجل من حيث امتلاك مهارات لغوية والتعبير عما بداخلها بوضوح. لذلك فالأفضل أن تبادر هي بالحديث معه في الأمور التي تثير اهتمامه ولا تبادل صمته بالصمت حتى لا ينقطع التواصل بينهما، والأفضل أن تختار مواضيع شيقة حتى يشعر أن الحديث معها ممتع ومريح، وعليها أن تتقبل الطريقة التي يعبر بها عن حبه فالبعض يعبر عن حبه والهدايا والبعض الآخر الكلمات المعسولة والبعض أيضاً في مشاركة الزوجة همومها واهتماماتها.
الملل يؤدي إلى الخرس الزوجي
أما الدكتورة دينا هلالي، خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية والتنمية البشرية وتعديل السلوك وعضو مجلس الشيوخ بالقاهرة، فتنصح الأزواج والزوجات بعدم الاستسلام لضغوط العمل والأعباء المالية والأعمال المنزلية التي تؤثر في كلا الزوجين وتصيب العلاقة بينهما بالملل والخرس ويصبح الصمت هو سيد الموقف، فأحياناً ضغوط العمل والحياة اليومية تصيب أحد الزوجين بحالة من اللامبالاة ولا يحتاج وقتها إلى شيء سوى أن نترك له مساحة بمفرده للاسترخاء والتخلص من الضغوط، لكن هذه الخصوصية والمساحة المطلوبة لا تعني الإهمال فليس المقصود بالبعد انعزال كل طرف في عالمه.
الزواج هو عشرة وحب ومحاولات لإرضاء الطرف الآخر، ومع الحب والصبر والتحمل تختفي الطباع السيئة وتظهر الحسنة
وتؤكد «دائماً ما أؤكد للمقبلين على الزواج أن الزواج هو قبول الآخر بعيوبه قبل مميزاته، والزواج هو عشرة وحب ومحاولات لإرضاء الطرف الآخر، ومع الحب والصبر والتحمل تختفي الطباع السيئة وتظهر الحسنة. والحقيقة أنه لا يوجد شخصان متفقان في نفس الطباع ولكن يوجد اعتقاد خطأ يقول إن السعادة الزوجية قائمة على التناغم واتفاق الطباع والصفات، ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح فالاختلاف سنة من سنن الحياة وأمر طبيعي بين الزوجين ولكن يجب أن يتعلم الزوجان الاتفاق رغم الاختلاف».