تتعرض الحياة الزوجية للعديد من المشكلات، لكن أخطرها وأكثرها تعقيداً عندما تكون هذه المشكلات بسبب اختلاف وجهات النظر بين الزوجة وحماتها. إذ يعيش الزوج في نكد مستمر، حائراً بين والدته التي تتدخل في كل تفاصيل الحياة الزوجية مما يسبب الكثير من الإزعاج للزوجة، وبين عناد زوجته التي ترفض تدخل حماتها في حياتها إطلاقاً وتتصيد لها الأخطاء والهفوات لتختلق المشاكل مع الزوج وتطالبه بإبعاد أمه عن حياتها.. ويستمر هذا الصراع العائلي الذي لا يمكن احتواؤه إلى أجل غير مسمى أو إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات حول العلاقة بين الحماة وزوجة الابن على عدد من خبراء الطب النفسي والعلاقات الزوجية والأسرية وسألتهم:
ما العلامات التي تنذر بغيرة أم الزوج؟
وما أبرز الأسباب التي تشعل الخلافات بينهما؟
تدخل أم الزوج في حياة الزوجين يعتبر أبرز سبب للطلاق خاصة في السنوات الأولى للزواج
في البداية، تؤكد الدكتورة دينا كرم، استشاري الطب النفسي وخبيرة العلاقات الأسرية والنفسية بالقاهرة، أن تدخل أم الزوج في حياة الزوجين بدعوى الاطمئنان إليهما وأنها أكثر خبرة، يكون مقدمة لخلافات كثيرة تحدث في المستقبل، كما أنه يعتبر أبرز سبب للطلاق خاصة في السنوات الأولى للزواج.
لكنها ترى أن الزوجة الذكية هي التي تكسب أم زوجها منذ بداية العلاقة فتصبح الأم بمثابة أم ثانية لها تفسر لها وترشدها إلى مفاتيح الزوج وتعلمها كيف تتعامل معه وترضيه.
وتقول «دائماً ما أوصي الفتاة المقبلة على الزواج بأنه يجب عليها التعامل مع حماتها على أنها أمها، وكذلك عليها أن تتعامل مع أهل زوجها على أنهم أهلها فهم أصبحوا فعلاً أهلها منذ انعقد زواجها، فأمها وأبوها لا يزيدان على أم زوجها وأبيه، وفي المقابل لابد أن تعامل كل أم زوجة ابنها على أنها ابنتها بل أكثر من ابنتها، لأن ابنتها قد تزوجت وتركت البيت أما زوجة الابن فقدمت لتقيم في هذا البيت».
وتلفت الاستشارية الأسرية أنه عندما تكون العلاقة بين أم الزوج والزوجة علاقة أمومة وصداقة تذوب كل الخلافات وتستقر الحياة الزوجية ويعشيان معاً في أمان ويرتاح قلب الزوجة مع زوجها ويبر الزوج أمه. وتشدد على ضرورة أن يكون هناك توافق بين الحماة وزوجة ابنها منذ البداية وقبل الزواج وذلك يكون بإشراكها في الاختيار لأن الاختيار بعيداً عن رغبة الأم هو السبب الرئيسي في توتر العلاقة بينهما وحياة التربص والتصيد بين الطرفين، وغالباً ما يكون الزوج هو الضحية.
وتنصح الزوجات ألا يتجاهلن حقيقة أن الزوج ابن هذه المرأة ومن المستحيل والمرفوض تماماً أن يقطع علاقته بها مهما حدث بينك وبينها، ويجب على كل زوجة ألا تنكر حق زوجها في رعاية أمه والتواصل معها بشكل مستمر والعناية بها حتى آخر العمر.
يجب تجنب المقارنة الدائمة بين الأم والحماة
من أكثر الأمور التي تزيد الخلافات بين الزوجة والحماة، الثرثرة التي تقوم بها إحداهما أو كلتاهما أمام الآخرين
ويحذر الدكتور علي أحمد مصطفي، استشاري الأمراض النفسية والعصبية بالقاهرة من المقارنة الدائمة بين الأم والحماة «للأسف بعض الزوجات يقعن في خطأ فادح وهو مقارنة حماتها بوالدتها في بعض الأمور، فلكل إنسان شخصيته ومميزاته وعيوبه وعلينا أن نتقبل الأشخاص المهمين في حياتنا كما هم، لا نحاول تغييرهم ليكونوا كما نريد نحن».
كما يحذر الزوجات من التحدث بسوء عن الحماة أمام الأحفاد لأنهم بذلك قد يتأثرون برأي الأم ويكرهون الجدة أو يعاملونها بشكل سيئ، وقد يحدث العكس فيتحيزون للجدة ويكنون الضغينة لأمهم لأنها لا تجيد معاملة جدتهم وتدفع الأم ثمن ذلك في المستقبل، كما أنه من غير المقبول مطلقاً محاولة الأم إبعاد أبنائها عن جدتهم لأي سبب من الأسباب فالمواقف السلبية بينهما ليست مبرراً لمنعهم من التواصل مع جدتهم.
ويطالب استشاري الطب النفسي كل زوجة على خلاف مع حماتها ألا تقحم زوجها وتزج به ليكون طرفاً في الخلاف لأن الزوجة ستكون هي الخاسرة في النهاية حتى ولو نصرها الزوج على والدته لأنها في النهاية ليست في موقع مقارنة مع أمه، ويبين «من أكثر الأمور التي تزيد الخلافات بين الزوجة والحماة، الثرثرة التي تقوم بها إحداهما أو كلتاهما أمام الآخرين لأن كثرة تنقل الكلام تجعله يزيد المشكلات».
ويؤكد الدكتور علي مصطفى ضرورة التفكير في إبعاد الأبناء عن أي خلاف من هذا النوع بين الزوجين، كما يجب إبعادهم تماماً عن جو المشاحنات التي يخرجون منها معقدين نفسياً، بل ويطالب كل أب وأم بأن يعلما أولادهما أن صلة الرحم واجبة وذلك أن تحث الأم أولادها على صلة رحمهم سواء كانوا من أهل الأب أو من أهل الأم وألا يحرمهم الأب من ذلك حتى وإن كانت الأم على خلاف مع أهل زوجها، أو العكس ينبغي أن نجنب الأبناء هذه الخلافات ولا نناقشها على مرأى ومسمع منهم.
الزوج «ابن أمه»
الزوج ابن أمه غالباً ما يكون نتاجاً لتربية أم محبطة ومفتقدة الزوج سواء كانت أرملة أو مطلقة أو كان زوجها ليس له دور في حياتها
أما الدكتورة مايسة كمال، استشاري العلاج النفسي والزواجي وخبيرة العلاقات الإنسانية بالقاهرة، فمن جانبها تحذر الأمهات من تربية الأبناء الذكور بشكل خطأ ليكبر هذا الابن ويصبح فعلاً «ابن أمه» يعتمد عليها في كل شيء في حياته ولا يستطيع مطلقاً التحرك في أي تفصيل دون أخذ رأيها، مؤكدة أن هذا النوع من الرجال من الصعب أن يستقر في حياته الزوجية ويبني أسرة سعيدة.
وتضيف «الزوج ابن أمه غالباً ما يكون نتاجاً لتربية أم محبطة ومفتقدة الزوج سواء كانت أرملة أو مطلقة أو كان زوجها ليس له دور في حياتها كأنه غير موجود إطلاقاً. ولأن الأم من هذا النوع تكون في حالة افتقاد شديد لرجل يؤثر في حياتها تجعل من طفلها هذا الزوج البديل والشغل الشاغل فتعامله كشريك لها وليس مجرد ابن وتتدخل في حياته بشكل كبير بداية من دراسته واختيار تخصصه وأصدقائه وعمله وسكنه وكذلك زوجته».
وتلفت الاستشارية الأسرية إلى أن هذا الابن تكون زوجته ووالدته في حالة تسابق وغيرة عليه في كل الأمور، فيتعاملان معاً مثل الضرائر وللأسف تنهار حياة الابن ويكون إما تعيساً في زواجه وحائراً طوال الوقت بين الطرفين أو تنتهي حياته الزوجية بالطلاق ويعود لأمه ليبدآن الرحلة من جديد.
وتنصح الدكتورة مايسة كمال كل أم وحماة أن تعطي لابنها مساحته الشخصية وألا تتدخل في حياته بشكل فج وسافر بلا أي مبرر، وألا تتبرع وتملي عليهما الأوامر والنواهي خاصة فيما يتعلق بإدارة شؤون المنزل وتربية الأبناء، ولا تقدم للزوجة نصيحة لم تطلبها.
وتهمس الاستشارية الأسرية في أذن الأزواج بألا يتركوا الأمور تسير في منحنى خطير في العلاقة بين الأم والحماة دون تدخل، أو أن الزوج يرغم زوجته على الانصياع بدعوى الطاعة، وتوضح «الزوجة قد تتقبل بعض تعليمات الزوج وطلباته وتخضع لها عندما تشعر أن هذه التعليمات والأوامر صادرة من داخله وليس بإيعاز من والدته».
وتواصل «وعلى الأم أن تدرك أن أي تدخل منها في حياة أولادها بعد الزواج حتى ولو كان بدافع الخوف عليهم ورغبتها الملحة في الاطمئنان إليهم ونصحهم بالصواب ستكون نهايته خلافات لا تنتهي بين ابنها وزوجته».
ضرورة وضع حدود في الحياة الزوجية
الزوجة الذكية التي تلمس منذ بداية العلاقة توتراً في علاقتها بحماتها من الأفضل أن تضع حدوداً وإطاراً محدداً للعلاقة
والأمر نفسه تلفت إليه الدكتورة عزة حامد ريان، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية، في أن هناك بعض الحموات يحببن امتلاك أبنائهن حتى بعد الزواج ولا نستطيع لومهن أو تعديل سلوكهن تماماً وإنما واجبنا نصحهن بلطف وإن لم يستجبن فعلى الزوجة تقبل الأمر قدر الإمكان، وتنصح «على الزوجة ألا تقوم بتقويم أو تقييم أم زوجها لأن هذا ليس حق لها بل إن الأفضل التعامل مع الوضع بأدب ولطف وغض الطرف وأن تضع الفتاة نفسها مكان حماتها، فهل تقبل أن تعاملها زوجة ابنها نفس المعاملة في المستقبل؟ ثم إن الأمور لا تدوم على هذه الحال ربما تهدأ الأم وتتعامل مع زوجة ابنها بحب ورفق عندما تلمس منها هي الأخرى ذلك».
وترى الاستشارية النفسية والخبيرة الأسرية عزة ريان أن الزوجة الذكية التي تلمس منذ بداية العلاقة توتراً في علاقتها بحماتها من الأفضل أن تضع حدوداً وإطاراً محدداً للعلاقة بحيث تحرص على العلاقات الودودة الطيبة ولكن بلا تدخلات في حياة بعضهما البعض.
وتشدد الدكتورة عزة حامد على أن الزوج هو القادر على أن يكون حمامة السلام بين زوجته ووالدته، فبالتفاهم والحكمة تحل كل المشكلات، فإن رأى زوجته متعدية وقف ضدها وحاول تأديبها وضحى في سبيل ذلك ببعض راحته، وإن كانت أمه هي المتعدية فعليه أن يبين لها الحق ولا يخشى من غضبها لأنه غضب لا يرضاه الله تعالى لما يصاحبه من الظلم والاعتداء، ولو رجع الناس إلى الدين وراقبوا الله وتعاملوا معه برعاية حقوق بعضهم البعض، ما نشأت هذه المشكلات ولا تعقدت العلاقات بهذه الصورة التي تحير العقول.
هل تتدخل حماتك في حياتك الزوجية؟