بينما تعصف بالحياة الزوجية مشكلات تطورها بشكل سلبي يلقي بالمودة والحب والتفاهم خارج أسوار البيت ويصل بها ربما إلى أروقة المحاكم، تتبدى أهمية وجود تواصل فعال كنقطة أولى ينطلق منها الزوجان كأسلوب لتقريب المسافات والتقليل من سوء التفاهم والافتراضات الوهمية ودعم بناء أسرة متماسكة.
يبقى التواصل الفعال رهناً برغبة الزوجين بإيجاد أرضية مناسبة لمعرفة الاحتياجات والتحلي بالصبر والمبادرة وتقديم التنازلات للوصول لحلول فعالة بأسرع وقت ممكن.
لكن ما مراحل تطور الخلاف بين الزوجين وما هي نتائجه؟ وكيف يكون التواصل صحيحًا؟
مراحل تطور الخلاف بين الزوجين ونتائجة
يرى مدرب التنمية البشرية والعلاقات الأسرية الدكتور شافع محمد النيادي، أن وجود الخلافات في الحياة الزوجية أمر طبيعي ووارد لكن انعكاس إدارتها السلبي على التواصل هو الخطأ الذي يقع فيه الأزواج.
يشرح النيادي مراحل تطور الخلاف وما يترتب عليه من نتائج، فيقول «أكثر الخلافات الزوجية التي تنتهي بالطلاق تعود إلى أمور تافهة لم يحسن التعامل معها ومعظمها تمر بالمراحل العشر قبل أن تصل العلاقة إلى طريق مسدود، تبدأ المرحلة الأولى بظهور الخلافات وهو أمر طبيعي إلى أن يضعف التواصل هنا وينتقل الخلاف إلى مرحلة تكرار الخلافات حيث ينعدم التواصل وتبدأ علامات الإهمال واضحة، بعد ذلك يتخذ أحد الزوجين أو كلاهما موقفاً ضمنياً صامتاً يزداد فيه الجفاء، إلى أن ينتقل لمرحلة الاستفزاز والاستثارة وهنا يصبح التواصل أكثر سلبية بسبب السلوكيات والأخطاء المتكررة، يتحول بعد ذلك الصراع خارج حدود الأسرة، وفي المرحلة التي تعقبها يبدأ التدخل من قبل الآخرين وهي المرحلة التي تثبت عدم وجود أي نوع من أنواع التواصل الإيجابي أو حتى المحاولة في الوصول إليه، فتتسع دائرة الخلاف بعد ذلك بتسليط أحد الزوجين أو كلاهما الضوء على عيوب الآخر وفضحها، إلى أن يصل مرحلة النفور والكره وينتهي أخيراً بالمرحلة العاشرة والأخيرة للوصل وهي الطلاق».
لكي يكون التواصل صحيحاً بين الأزواج لا بد أن يكون هناك تصريح بالمشاعر بنوع من الود والحب وتجنب إطالة فترة الخصام الذي يزيد من حجم الفجوة
يطرح د. النيادي الحلول للخروج من دائرة الخلاف «على الزوج وقت الخلاف أن يتوقف عن تقديم النصائح والحلول ويشعر الزوجة بالاحترام والتقدير، فالمرأة عند حديثها مع الرجل لا تبحث عن الحلول بل تريد منه أن ينصت لها باحترام، يراقب أفكارها ويتذكر محاسنها وإيجابياتها، كذلك الحال مع الزوجة عليها أن تتوقف عن مهاجمة الزوج، أن تنظر للحياة بنظرة أكبر، ترتب أفكارها وتراقب كلماتها، ولا تدع خلافاً بسيطاً يدمر حياتها الزوجية».
كيف يكون التواصل صحيحًا؟
يوجز د. شافع محمد النيادي «لكي يكون التواصل صحيحاً بين الأزواج لا بد أن يكون هناك تصريح بالمشاعر بنوع من الود والحب والشعور بالولاء الأسري وتجنب إطالة فترة الخصام الذي يزيد من حجم الفجوة ويقطع التواصل، أن تكون هناك مبادرة فورية لحل المشكلات وتلافي خروجها خارج حدود أو سور الحياة الزوجية، الابتعاد عن الاستفزاز والتوتر واستخدام الكلمات المهينة، انتقاد الفعل وليس الفاعل، تفهم شريك الحياة وتحديد المشكلة والابتعاد عن طرق خلافات قديمة وأسلوب المطالبة بالحقوق، وذكر إيجابيات وفضائل الطرف الآخر التي تشعل سراج الحب بينهما».
هل يمنع اختلاف وجهات النظر إيجاد مساحة حقيقية وأرضية للتواصل بين الأزواج؟
تجيب المستشارة الأسرية والمدرب المعتمد ميساء الشحادات «بدايةً علينا أن نعي ونفهم الاختلاف بأن يرى كل شخص القضية أو الأمر من وجهة نظر خاصة به مرتبطة بخبرته ونظرته وتفسيره للأحداث والمعطيات، هذا الاختلاف لا يعني أن يكون أي من الزوجين مصيباً أو مخطئاً فقد يختلفان وكلاهما على صواب ولكن لم يفهم كل وجهة نظر الآخر، يتطور هذا الاختلاف إن لم يتفاهما حوله بالحوار والتعبير الواضح إلى خلاف يبعد الشقة بينهما».
ما معوقات التواصل بين الزوجين؟
1- امتناع أحد الزوجين عن أداء واجباته
توضح المستشارة الأسرية ميساء الشحادات معيقات التواصل «اختلاف وجهات النظر لا يمنع إيجاد مساحة حقيقية وأرضية للتواصل بين الأزواج إن توفرت النية الصحيحة في إيجاد هذا التقارب ومناقشة نقاط الاختلاف والبعد عن الجدل العقيم وحب الانتصار للذات».
تشرح الشحادات «محاولة أحد الزوجين إسقاط الدور والواجب تجاه العلاقة، بالامتناع عن أداء واجباته كنوع من العقوبة للطرف الآخر في لحظات الاختلاف، وذلك يكشف عدم النضج النفسي للشخص في التعامل مع مشكلاته بلعبه دور الضحية أو الهروب أو إسقاط كل اللوم على الشريك وعدم تحمل المسؤولية في إيجاد الحلول معه».
2- غياب الحوار وعدم ضبط الانفعالات
من الأسباب أيضاً كما أشارت المستشارة الأسرية «فقدان الهدف من الحوار والتواصل، قيام أحد الزوجين أو كليهما بالنقد والسخرية من كلام الآخر أو تسفيه أفكاره وعدم أخذه على محمل الجد، التشويش والغموض الذي يغلف تفاصيل حياة أحد الزوجين أو كليهما دون السماح بإيجاد تلك التقاطعات المشتركة التي تقوي علاقة التواصل بينهما ما يجعل كلاً منهما في عالمه الخاص الذي لا يستطيع الشريك الوصول إليه أو مشاركته به، نفاد الصبر والسرحان وعدم القدرة على التركيز أثناء الحديث الذي يشوش التواصل وربما يقطعه، المقاطعة والغضب وعدم ضبط الانفعالات والاستئثار بالحديث هي جميعها معيقات حقيقية للتواصل».
أسرار التواصل الفعال والناجح بين الزوجين
تجد ميساء الشحادات أن النضج في أي علاقة يعتمد على وعي طرفيها بذاتيهما ومعرفة احتياجاتهما وفهم مشاعرهما والقدرة على التعبير عنها ضمن هذه العلاقة للطرف الآخر، وإتاحة الفرصة للآخر كذلك أن يعبر عن ذاته، وهذا ما لا يمكن الوصول إليه دون سعي الزوجين نحو امتلاكهما لمهارات خاصة أهمها:
اقرأ أيضًا: نصائح للتعامل مع زوجك كثير الخصام والزعل