آنا هوروديتسكا وأنوبهاف
ليس للحب من زمن محدد. ليس بوسعنا تقسيم الزمن في خانتين، فتقول عنه في إحداهما إنه زمن الحب، ونقول عنه في الثانية إنه زمن اللاحب، الحب يأتي في كل الأوقات وفي كل الأمكنة، وإذا جاء فلا رادّ له إلا إرادة الله.
فهو لا يستأذن من يختارهم في الوقوع فيه، أو الصعود إليه بالأحرى، ولا يسألهم عما إذا كان الوقت مناسباً لهم كي يحبّوا أو غير مناسب.
لدى الحب مقدرة مدهشة على أن يفرض منطقه بصرف النظر عن الظرف المحيط بمن يحبون أو بمن سيحبون، حتى لو كانوا يعيشون ظروف الحرب.
المؤكد أن هناك أفلاماً وروايات عديدة تناولت موضوع الحب في زمن الحروب، لكن لمَ العودة إلى الروايات والأفلام للاستشهاد بها كي نقول إن الحب يأتي في زمن الحرب أيضاً، كما يأتي في زمن السلام والاستقرار؟
فالحياة نفسها حافلة بالأمثلة التي لا تعدّ ولا تحصى عن قصص للحب ولدت وكبرت في ظروف حروب طاحنة.
ولأن العالم اليوم يعيش في أجواء حرب، تبدو في ظاهرها حرباً بين بلدين، هما روسيا وأوكرانيا، لكنها في جوهرها حرب بين القوى العظمى في عالم اليوم، وكونها حرباً ذات طابع عالمي فإن ذلك لا يستثنيها من إمكانية أن يشقّ الحب طريقه خلالها وفي ثناياها رغم قنابلها وصواريخها المتساقطة كالمطر.
قصة الحب التي نحن بصددها لم تنشأ أثناء حرب أوكرانيا نفسها. نشأت قبلها بين فتاة أوكرانية قصدت الهند سائحة، وهناك التقت شاباً هندياً، راق الاثنان لبعضهما، ووقعا في الحب.
عادت الفتاة إلى وطنها أوكرانيا، وبقيت على تواصل يومي مع المحبوب في الهند. نحن في زمن الاتصال. مهما بعد الحبيب عن الحبيب في المسافة، فإن بوسعهما أن يريا بعضهما بعضاً عبر الاتصال المرئي وعبر المكالمات التي يؤمنها أكثر من تطبيق ومنصة.
An India-Ukraine love story has a happy ending — with a proposal at Delhi airporthttps://t.co/nXbLFFwY8E@mohanreports pic.twitter.com/DoxhU7caGO
— The Indian Express (@IndianExpress) March 25, 2022
مرّ وقت غير طويل، حين اندلعت الحرب في بلد المحبوبة، ما أثار قلق وخوف حبيبها الهندي على سلامتها وراح يلح عليها بالمجيء إليه في الهند، حرصاً على سلامتها. بالنسبة لسواها من الأوكرانيين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لمغادرة بيوتهم ومدنهم، كانت الفتاة أكثر حظاً، فهي لن تذهب إلى المجهول لو هاجرت، فعلى البعد ينتظرها حضن الحبيب.
بعد «سكّة سفر» طويلة مرّت فيها آنا هوروديتسكا، وهذا هو اسم الفتاة، عبر عدة مطارات، حطّت الرحال في مطار العاصمة الهندية. لم يكن حبيبها أنوبهاف ياسين وحده من استقبلها في المطار، وإنما أيضاً فرقة من عازفي الطبول وهم يعزفون لحناً احتفالياً. جثا أنوبهاف على ركبة واحدة، وطلبها للزواج، ثم وضع خاتماً في إصبعها ما إن أجابت بنعم.