لا ينتظر العشاقُ الرابع عشر من شباط/ فبراير كل عام، الذي أُعتبر يوماً، لا بل عيداً للحب، لكي يُحبوا، أو يُعلنوا حبهم. إن الحب لا ينتظر موعداً بعينه لكي يأتي. إنه يأتي على هيئة مسٍ من السحر لا أحد يعرف كيف ومتى ينشأ، وحين يصاب الناس بهذا المس سيجدون أنفسهم ذاهبين إلى الحب بقوة دفع هائلة، نَحار من أين استمدت كل هذه الطاقة.
يمكن للحب أن يأتي في الربيع، ويمكن له أن يأتي في الخريف أو في أي فصلٍ من فصول السنة. يأتينا الحب ونحن شباب في مقتبل العمر، ويأتينا ونحن في ذُرى النضج، حين تكون أعمارنا قد انتصفت أو اقتربت من انتصافها، ويمكن أن يأتي لنا ونحن كهول، لا بل وشيوخ.
لا يأبه الحب بالأعمار. القلوب القادرة على أن تُحب وتمنح هذا الحب للآخرين، يمكن لها أن تتوهج دون سابق إنذار في أي مرحلة عمرية، حين تجتاحها تلك العاطفة الأشبه بالعاصفة في فورانها.
مع ذلك فإن الحب جدير بيوم في السنة يُحتفى به فيه. لا نفهم لمَ هذه الضجة التي يقيمها بعضنا في كل عام ضد يوم القديس فالنتاين، وضد القلوب الحمراء تتطاير في السماء على شكل بالونات معلنةً انحياز الناس للحب بوصفه قيمة إنسانية نبيلة لا مذاق لحياتنا بدونها.
دعوا الناس تُعبر عن تمجيدها للحب. يكفي ما في هذه الحياة من أوجه بؤس ويباس وبواعث خيبة وإحباط.ما ضرّ لو أن الناس احتفت بالحب يوماً واحداً في السنة، وأعلت من قيمته، فكرة ومعنىً، في الأذهان والأرواح.
في فيلم «ماندلين الكابتن كارولي» ترد عبارة على لسان الطبيب الشيخ والد الفتاة العاشقة والمعشوقة في آن، فحواها التالي: «يبدأ الحب بعاصفة، ولكن الحب الحقيقي هو ما يتبقى بعد انتهاء العاصفة».
إنها عبارة مجللة بالحكمة من رجلٍ خبر الحياة وخبر الحب، فأدرك أنه ليس نزوةً عابرةً تأتي بسرعة وتتلاشى بسرعة، إنما هو قيمة ترتقي بذوق الإنسان وروحه وخُلقه، وتجعله أكثر جمالاً وتألقاً وبهجة وإقبالاً على الحياة.
بدون الحب نحن ضعفاء ووحيدون جداً وبائسون، وبه نحن أقوياء ومُشرقون ومُقبلون على الحياة، وقادرون على أن نتشرب معانيها قطرة قطرة، مفعمين بالأمل والتفاؤل، منه نستمد القوة والعزيمة في إنجاز ما نريد من مشاريع وخطط، وبفضله وبما يمدّنا إياه من طاقات تبدو الصعوبات والعثرات أمامنا، مهما كثرت وكبرت، غير عصية على تجاوزها.
لكل من يرفلوا بنعيم الحب: نُحبكم ونُغبطكم في حبكم الذي نتمنى له أن يظل طازجاً متوهجاً، عصياً على الإنطفاء.