يُعدّ تنميل اليدين إحساساً شائعاً جداً، يطلق عليه اسم «الخدر»، وهو مصطلح طبي يصف الشعور بالوخز، أو التنميل، أو الحرقة، أو أحياناً صدمات كهربائية خفيفة في اليدين.
يوضح الأطباء أنها إشارة تحذير من الجهاز العصبي: هناك ما يعطّل نقل النبضات العصبية. وفي أغلب الأحيان، يكون الأمر مجرّد انضغاط مؤقت للعصب. ولكن قد يشير هذا الإحساس أيضاً إلى نقص ما، أو اعتلال عصبي، أو، في حالات نادرة، إلى مرض أيضي أو التهابي.
لماذا تشعر بتنميل في يديك؟
يحدث تنميل اليدين عندما يتوقف العصب عن نقل المعلومات بشكل صحيح، أو عندما يتعرض وعاء دموي للضغط المؤقت. ببساطة: يمنع الانسداد التيار الكهربائي للعصب من التدفق بشكل طبيعي.
وعادة ما يحدث هذا عند البقاء في وضعية خاطئة لفترة طويلة: ثني الذراع، ثني الرسغ، انحشار اليد تحت الرأس، الضغط المطوّل على المرفقين... ولحسن الحظ، يختفي التنميل بمجرّد الحركة أو تغيير الوضعية. ولكن إذا استمر أو تكرر، فمن الأفضل إجراء فحص طبي.
انضغاط الأعصاب
في معظم الأحيان، يكون التنميل ناتجاً عن انضغاط عصب طرفي.
عند الرسغ: متلازمة النفق الرسغي. تتضمن هذه المتلازمة انضغاط العصب المتوسط. غالباً ما تظهر الأعراض ليلاً: تنميل، تورم الأصابع، ورغبة ملحّة في هز اليد عند الاستيقاظ.
عند المرفق: انضغاط العصب الزندي. وهو ما يعرف بـ«عصب المرفق» الذي يسبب ألماً حاداً عند تعرّضه للصدمات. وعند انضغاطه، يشعر المريض بتنميل في الخنصر، والبنصر.
في الكتف: متلازمة مخرج الصدر، وهي عبارة عن انضغاط الضفيرة العضدية بين الترقوة والضلع الأول. قد تشمل الأعراض تنميلا، أو شعوراً بالثقل، أو الضعف في الذراع، بخاصة في وضعيات معيّنة، مثل رفع الذراعين (على سبيل المثال، عند نشر الغسيل).
يمكن أن يرتبط هذا الانضغاط بما يلي:
- ضعف تشريحي (ضيق الرسغين أو المرفقين).
- الإفراط في استخدام اليدين (استخدام الحاسوب، أعمال الصيانة المنزلية، ركوب الدراجات، إلخ).
- سوء الوضعية أثناء النوم أو العمل
- التهاب موضعي (التهاب المفاصل، التهاب الأوتار).
- نقص التغذية، بعض حالات النقص الغذائي تلحق الضرر بالميالين، وهو الغلاف الواقي للأعصاب، وقد تسبب تنميلاً.
السبب الأكثر شيوعاً هو نقص فيتامين ب12، الذي يصيب عادة:
- النباتيين.
- الأشخاص الذين يعانون اضطرابات هضمية (التهاب المعدة، داء كرون، أو الداء البطني).
- مستخدمي أكسيد النيتروز (N₂O) بانتظام.
- في حالات نادرة، قد يؤدي فرط فيتامين ب6 إلى ظهور هذه الأعراض أيضاً!
متى يكون التنميل أكثر خطورة؟
تبقى الأسباب الأكثر خطورة نادرة جداً. وهي عادة ما تشمل الحبل الشوكي، أو التوصيل العصبي المركزي، أو جذوع الأعصاب الرئيسية.
- انضغاط الحبل الشوكي، المرتبط بالفصال العظمي العنقي، أو التهاب النخاع الشوكي، أو التصلب المتعدّد. في هذه الحالة، غالباً ما يترافق التنميل مع اختلال التوازن، أو التيبس، أو فقدان البراعة.
- اعتلال الأعصاب السكّري المتقدم. في هذه الحالة، يؤثر التنميل في القدمين، ولكن قد تتأثر اليدان في الحالات المتقدمة.
والسؤال الأهم هو: هل الإحساس بالوخز متقطع، أم مستمر؟ عندما يكون الوخز متقطعاً، فهو على الأغلب غير ضار، ولا داعي للقلق! أما إذا كان مستمراً، أو مصحوباً بأعراض أخرى، فمن الضروري استشارة الطبيب.
مفاهيم خاطئة
الوخز ليس عرضاً مميزاً لاضطرابات الغدة الدرقية.
قد يُسهم مرض السكّري في متلازمة النفق الرسغي، ولكنه نادراً ما يسبب وخزاً معزولا في اليدين.
وفي متلازمة رينود، يُعد الألم وتغيّر لون الأصابع العرضَين الرئيسيين، بينما يعتبر الوخز عرضاً ثانوياً.
متى يجب عليك القلق واستشارة الطبيب؟
يُنصح باستشارة الطبيب، إذا:
- استمر الوخز لعدة أيام.
- حدث من دون سبب واضح.
- أصاب كلتا اليدين بشكل متناظر.
- كان مصحوباً بألم، أو ضعف في العضلات، أو صعوبة في الإمساك بالأشياء.
قد يطلب الطبيب إجراء تخطيط كهربية العضل (EMG) لتقييم توصيل الأعصاب، وتأكيد حالة محتملة مثل متلازمة النفق الرسغي.
كيف يمكن تخفيف تنميل اليدين طبيعياً؟
في معظم الحالات، تكفي بعض الإجراءات اليومية البسيطة للتخلص من التنميل:
- دلك يديك وساعديك لتحفيز الدورة الدموية.
- حرّك أصابعك ومعصميك برفق لتنشيط الدورة الدموية.
- مارس تمارين التمدد بانتظام لمعصميك، وذراعيك، وكتفيك، إذا كنت تعمل لساعات طويلة على الكمبيوتر.
- تجنب الوضعيات المطولة، بخاصة النوم مع وضع ذراعك تحت رأسك، أو معصمك مثنياً.
- اعتمد وضعية مريحة: ضع لوحة المفاتيح على مستوى المرفق، وضع الفأرة في وضع مناسب، وخذ فترات راحة متكررة.
ما هي الأدوية التي يمكن تناولها لعلاج التنميل؟
لا يوجد دواء محدّد يزيل التنميل بين ليلة وضحاها. مع ذلك، يمكن لمسكنات الألم الخفيفة تخفيف الألم إذا كان مصاحباً للتنميل. وقد تُوصف مضادات الالتهاب إذا كان السبب مرتبطاً بالتهاب موضعي. ولا يُنصح بتناول مكملات الفيتامينات (بخاصة فيتامين ب12) إلا في حالات النقص المؤكد.
هل يُمكن الوقاية من تنميل اليدين؟
نعم! يمكن لبعض العادات البسيطة أن تقلّل من خطر تنميل اليدين:
- حرّك يديك وأصابعك بانتظام.
- حافظ على وضعية جيدة للرقبة والكتفين.
- خذ فترات راحة منتظمة إذا كنت تعمل لساعات طويلة أمام الشاشة.
- حافظ على رطوبة جسمك وتجنب التبغ، لأنه يضعف الدورة الدموية الدقيقة.
- احمِ يديك من البرد، بخاصة إذا كنت تشعر بتنميل في أصابعك.
- غيّر وضعيتك فور شعورك بالتنميل.
- راقب تطور الحالة: التكرار، والمدة، والمناطق المتأثرة.
- استشر طبيباً إذا أثرت الأعراض في نومك أو عملك.
إذا كنت تتبع نظاماً غذائياً معيّناً، فاحرص على إجراء فحص للتأكد من عدم وجود نقص غذائي، على سبيل المثال، باستشارة أخصائي تغذية سنوياً، أو بإجراء فحص دم، بخاصة إذا كنت تعاني إرهاقاً غير معتاد.
مراجعة سريعة
يُعد تنميل اليدين شائعاً جداً، وفي معظم الحالات، يكون غير ضار. الأهم هو عدم الذعر. إذا كان العرض متقطعاً، فلا داعي للقلق؛ أما إذا أصبح التنميل دائماً، أو منهكا، فستساعدك استشارة الطبيب على تحديد السبب، ووصف العلاج المناسب. وبقليل من الحرص، واتّباع بعض الخطوات البسيطة، يمكنك استعادة راحة يديك، ونشاطهما.
