03 ديسمبر 2025

آلام الحمل التي غالباً ما تهمل والأطباء ينصحون بعدم تجاهلها أبداً

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

يشير بعض المختصين في الرعاية الصحية للحوامل إلى أن ما بين نصف وثلاثة أرباع الحوامل يعانين ألماً أثناء الحمل، ولكن غالباً ما يتم تجاهله، ما يسهم في معاناة وأضرار يمكن الوقاية منها.

فالعديد من الأمهات يتجنبن الأدوية والعلاجات أثناء الحمل خوفاً من أن تسبب ضرراً للجنين. ومع ذلك، لا يدرك معظمهن الأضرار التي قد يسببها ألم الحمل غير المعالج.

مجلة كل الأسرة

ألم الحمل ليس مجرّد «انزعاج» بسيط

كثيراً ما يقال للأمهات إن الألم المصاحب للحمل هو انزعاج مؤقت يصاحب الولادة، وينتهي بمجرد ولادة الطفل.

ولكن عندما يستمر الألم وعدم الراحة لدرجة تمنع الأمهات من النوم، والعمل، ورعاية أطفالهنّ الآخرين، فإن هذا الألم يحتاج إلى علاج. وعند بعض الأمهات، لا يتلاشى الألم، بل يظل مستمراً. على سبيل المثال، يمكن أن يستمر ألم الظهر والصداع لأكثر من ثلاثة أشهر، ليصبح حالة مزمنة تؤثر في الصحة العامة للحامل.

وغالباً ما تؤدي التغيّرات الطبيعية التي تحدث أثناء الحمل إلى الألم. وعادة ما يحدث ألم الحمل بسبب التغيّرات الهرمونية التي يمكن أن تسبب الصداع، وارتخاء مفاصل الحوض. ويسهم ارتخاء المفاصل ووزن الجنين في الشعور بآلام الظهر والحوض. كما يتسبب وزن الجنين بانحناء العمود الفقري بشكل غير طبيعي، وهي حالة تسمى القعس.

ويزداد ألم الظهر والحوض في الثلث الثالث من الحمل، عندما يكون وزن الطفل في أقصى درجاته. لهذا السبب، من الهام للغاية أن ينصت الأطباء والأحبّاء للأم عندما تشكو الألم. ومع ذلك، فقد وجد تحليل تلوي، أي مراجعة متعمقة للأبحاث الحالية، في بريطانيا أن أكثر من 50% من الأمهات اللاتي أبلغن عن آلامهنّ لم يتلقين سوى القليل من العلاج من أطبائهنّ، إن وجد، أو لم يتلقين أيّ علاج.

عدم كفاية العلاجات الحالية لألم الحمل

العلاجات الحالية للألم أثناء الحمل محدودة للغاية. وعلى الرغم من أن تايلينول آمن – بغض النظر عن الجدل الدائر حالياً - إلا أنه يعالج الألم الخفيف فقط، وغير فعال في آلام العضلات، المتوسطة إلى الشديدة.

قد يلزم استخدام العلاجات البديلة الموصى بها والتي قد تكون فعالة، مثل الحرارة أو البرودة، والتدليك، وتعديلات العمود الفقري، والتمارين الرياضية، والعلاج الطبيعي، بشكل متزامن ومستمر. والنهج الأكثر فعالية هو الجمع بين علاجات عدّة، بما في ذلك التمارين الرياضية التي قد تقدم من خلال العلاج الطبيعي.

أضرار آلام الحمل غير المعالجة

يكشف بحث فريق بريطاني أنه عندما تبلّغ الأمّهات مقدمي الرعاية الصحية وأحبائهنّ ألم الحمل، عادة ما يطلب منهن عادة العودة إلى المنزل، أو الراحة، أو تناول تايلينول، أو أخذ إجازة أمومة، أو مزيج من هذه الأمور. إلا أن هذا لا يلبي احتياجات الأمهات العاملات، أو المضطرات إلى رعاية أطفالهن. إضافة إلى ذلك، فإن أخذ إجازة مبكرة ليس خياراً متاحاً للعديد من الأمهات اللواتي يرغبن في توفير إجازة الأمومة المحدودة لما بعد الولادة.

وإذا شعرن بعدم وجود خيارات أخرى، ستستمر الأمّهات، دائماً تقريباً، في رعاية أطفالهنّ، أو العمل على حساب صحتهن. ومع ذلك، عندما لا تلبى توقعاتهنّ من العمل، أو الأسرة، أو لا يشعرن بأنفسهنّ بذلك، ينتابهنّ إحساس بالذنب لعدم كونهنّ أمّهات، أو موظفات جيدات بما فيه الكفاية. وبالتالي، يمكن أن تسهم هذه المشاعر في ظهور مشكلات لها علاقة بالصحة النفسية.

وعندما يترك الألم من دون علاج، ولا يجدن من يستمع إليهنّ، قد تشعر الأمهات بالتهميش والإرهاق. وربما يبدأن بالشعور بالعجز واليأس، وهي أعراض الاكتئاب. لهذا السبب، فإن عدد كبير من النساء اللواتي يعانين ألماً شديداً يبلغن عن أعراض اكتئاب تتراوح بين المتوسطة والشديدة، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل.

مجلة كل الأسرة

التعامل بحزم مع آلام الحمل  

يبدأ التعامل مع آلام الحمل بالتواصل المفتوح بين الأم ومقدم الرعاية الصحية. وتكشف دراسات أنه من خلال التعامل اللطيف مع توقعات الحامل بشأن الألم، ومشاركة مشاعرها، والإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بالعلاجات المتاحة، يمكن القيام بدور فعال في ضمان فهم آلامها ومعالجتها.

الأمهات الحوامل يتمتعن بالقوة، ولكن من الطبيعي أن يتريّثن. الحمل هو وقت للاستماع إلى جسدكِ، وتعديل ما تتوقعينه منه. لذلك من الهام فهم ضرورة التوازن. وإذا منعك الألم من حمل طفلكِ، فلا بأس. فأكثر ما سيتذكره طفلكِ هي اللحظات التي احتضنك فيها على الأريكة.

كما أن التحدث مع أحبائك عن الألم قد يكون تحدّياً من نوع آخر. لذا اختاري وقتاً هادئاً وخالياً من أيّ مشتتات، حيث يمكن للجميع الاستماع والردّ باهتمام. كوني صريحة بشأن مشاعرك، وواضحة بشأن المساعدة التي تحتاجين إليها.

ومن المهم أيضاً بدء الحديث مع طبيبك، أو قابلتك، أو الممرضة الممارسة. وقبل موعدك، دوّني مخاوفك الرئيسية، وأيّ أسئلة ترغبين في طرحها.

كوني صريحة بشأن ألمكِ، بخاصة إذا كان يمنعك من النوم، أو ممارسة أنشطتك المعتادة. وأخبري مقدم الرعاية الصحية ما إذا كان الألم مستمراً، أو متقطعاً، وصِفي شعوركِ به: مؤلم، نابض، حاد، أو خفيف. حتى الألم الخفيف المستمر الذي يعيق الراحة أو الحياة اليومية هام.

شاركي العلاجات التي جربتِها بالفعل، ومدى فعاليتها. وإذا لم يتحسن ألمك، فتواصلي مع طبيبك لمناقشة خيارات أخرى، مثل الأدوية الموصوفة، أو الإحالة إلى العلاج الطبيعي. وأحياناً، يتطلب الأمر أكثر من محادثة واحدة لإيجاد الراحة.

إذا استمر ألمك، فاستشيري أخصائياً للحصول على وجهة نظر مختلفة. فإذا تحسّن ألمكِ مع العلاج ، قد يكون الاستمرار فيه طوال فترة الحمل ضرورياً للسيطرة على ألمك. ويمكن تخفيف الألم عندما نأخذه على محمل الجد، لا أن نعتبره ضرراً لا مفر منه أثناء الحمل.