17 نوفمبر 2025

تعرّفوا إلى مشكلة المعدة التي تصيب النساء أكثر من الرجال

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

تشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة القولون العصبي (IBS)، بمرتين من الرجال.

تشعر بعض الفتيات بالحرج من الحديث عن هذا الأمر، كأن المعاناة من مشكلات في المعدة «وصمة عار». ولكن من خلال مشاركة محتوى في وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ البعض يروي ما يحدث له حول الانتفاخ، وإخراج الغازات، والإسهال، والإمساك، وبات الحديث عن بعض أعراض هذه الحالة أمراً طبيعياً، ولكن ليس إلى الحدّ المأمول.

لماذا تُصيب متلازمة القولون العصبي النساء أكثر من الرجال؟

تُشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة بمرتين من الرجال، وأن الأعراض أكثر شيوعاً بين من تتراوح أعمارهن بين 18 و39 عاماً.

الأسباب معقدة، ولكن يبدو أن الهرمونات الجنسية تلعب دوراً هاماً..

مجلة كل الأسرة

ما هي متلازمة القولون العصبي؟

متلازمة القولون العصبي أكثر من مجرّد ألم في المعدة، إنها اضطراب معقد يؤثر في الرسائل التي ترسلها الشبكة العصبية المعروفة باسم محور الدماغ والأمعاء.

ويعتبر القولون العصبي متلازمة لأنه يتميز بمجموعة من الأعراض، وليس خللاً هيكلياً في الأمعاء، أو مرضاً محدّداً.

يعاني الأشخاص المصابون بهذه الحالة حركات أمعاء غير متوقعة، وغير مريحة، مثل الإسهال والإمساك. وقد تشمل الأعراض الأخرى ألم الحوض، والصداع، والإرهاق، ما يؤثر، بشكل كبير، في جودة الحياة. وهناك أيضاً تداخل كبير بين القولون العصبي، والاكتئاب والقلق.

ولا يزال السبب الدقيق للإصابة بالقولون العصبي غير واضح. لكننا نعلم أن الرسائل بين الدماغ والأمعاء تخرج عن مسارها الصحيح.

ويمكن للعوامل اليومية لدى كل من الرجال والنساء، بما في ذلك التوتر، وممارسة الرياضة، والنظام الغذائي، والتواصل الاجتماعي، وأنماط التفكير، مثل القلق الذي قد يصاب به الشخص بشأن الأعراض، أن تُسرّع أو تُبطئ الرسائل المرسلة عبر محور الأمعاء والدماغ. والنتيجة هي زيادة التفاعل: تصبح الأمعاء حساسة جداً للطعام، والتوتر، والقلق، ما يؤدي إلى حركات أمعاء غير متوقعة.

دور الهرمونات

قد يكون اختلاف أعراض القولون العصبي لدى الرجال والنساء، ومدى سوئها، ناتجاً عن اختلافات في الهرمونات. يمتلك الرجال مستويات أعلى من هرمون التستوستيرون مقارنة بالنساء، ويعتقد أن هذا الهرمون يساعد على الحماية من الإصابة بمتلازمة القولون العصبي. لكن بالنسبة إلى النساء، يمكن أن تتفاقم الأعراض بسبب تقلبات هرمونَي الإستروجين، والبروجسترون، وهما أكثر لدى النساء.

وتؤثر هذه الهرمونات في سرعة حركة الطعام عبر الأمعاء، ما يسرّع أو يبطئ عدّد مرات انقباض الأمعاء، فيظهر بذلك الألم، وأعراض أخرى، مثل الإمساك، والإسهال.

وتزداد احتمالية تفاقم الأعراض لدى النساء خلال سنوات الإنجاب. كما تتفاقم الأعراض غالباً خلال فترة الحيض، وهي الفترة التي ينخفض ​​فيها مستوى الإستروجين والبروجسترون.

هناك أيضا أدلة متزايدة حول التداخل بين متلازمة القولون العصبي وحالات أخرى، مثل بطانة الرحم، ومتلازمة تكيّس المبايض. إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أن المصابات بمشكلات في بطانة الرحم أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة القولون العصبي بثلاث مرات، بينما المصابات بمتلازمة تكيس المبايض أكثر عرضة للإصابة بها بمرتين.

ويبدو أن هذه الحالات مرتبطة بتقلبات الهرمونات والألم، على الرغم من أننا لا نعرف سبب كل منهما. وقد تفسر عوامل عدّة، مثل الالتهاب الخفيف الناتج عن فرط نشاط الجهاز المناعي، وضعف بطانة الأمعاء، واختلال توازن بكتيريا الأمعاء، وحساسية الأعصاب في الأمعاء، سبب حدوث هذه الحالات معاً.

التعامل مع متلازمة القولون العصبي

لا يوجد علاج لمتلازمة القولون العصبي. ولكن يمكن إدارة هذه المتلازمة بتغيير نمط الحياة وتناول الأدوية.

تشير الأدلة إلى أن تقليل مهيّجات الأمعاء في نظامك الغذائي يمكن أن يخفف من الشعور بعدم الراحة. وتشمل هذه المهيجات الكافيين، والأطعمة الحارة، والمشروبات الغازية، والأطعمة الغنية بالدهون.

 وبالنسبة إلى بعض الأشخاص الذين يعانون أعراضاً مستمرة، قد يصف أخصائي التغذية تقييد بعض مجموعات الطعام، ثم إعادة إدخالها، تسمى الكربوهيدرات القابلة للتخمير، أو ما يعرف بـ«فودماب». وتوجد الـ«فودماب» في الأطعمة الشائعة، مثل منتجات الألبان (اللاكتوز)، والحبوب (الفركتان)، وبعض الفواكه مثل التفاح، والبطيخ، والفواكه ذات النواة (البوليولات).

ويهدف هذا النظام الغذائي إلى تخفيف الأعراض أولاً، ثم تحديد المهيّجات بشكل منهجي، بحيث إذا أعيد إدخالها تكون بمستوى تستطيع الأمعاء تحمّله.

كما يفيد العلاج السلوكي المعرفي بعض الأشخاص أيضاً. ويستخدم هذا العلاج، الذي يركز على إعادة صياغة التفكير والسلوك غير المفيد، لإعادة الرسائل بين محور الأمعاء والدماغ إلى مسارها الصحيح، على سبيل المثال، من خلال تقليل التوتر العاطفي (استجابة «القتال أو الهروب»)، وتحسين كيفية تفسير الدماغ للألم، ومعالجة الأفكار السلبية حول الأعراض، مثل الخجل والقلق.

قد يستفيد آخرون من العلاج بالتنويم المغناطيسي، الذي يساعد على تقليل حساسية الأمعاء ويعزز الاسترخاء العميق، حيث تعلم الجسم الاستجابة بهدوء أكبر للتوتر، ما يساعد على تنظيم نظام الرسائل بين الأمعاء والدماغ.

ويمكن للأطباء أيضاً التوصية بأدوية تعمل على مستقبلات في الأمعاء، وتنظم سرعة الهضم، ما يقلل من الإسهال والإمساك.

بخلاف ذلك، يمكن لمضادات الاكتئاب منخفضة الجرعة (التي توصف بجرعة أقل بكثير من الجرعة المستخدمة لعلاج الاكتئاب السريري)، أن تساعد على تقليل حساسية الألم في الأمعاء.

ما دور وسائل التواصل الاجتماعي؟

غالباً ما يشعر الأشخاص المصابون بمتلازمة القولون العصبي بعدم أخذ حالتهم على محمل الجد. وتشير الأبحاث إلى أنهم يواجهون مواقف متجاهلة، حتى من الأطباء، ويقال لهم إن الأعراض مجرّد وهم، وبالتالي يكونون عرضة للشعور بالخجل من حالتهم.

وبالنسبة إلى بعض النساء، يمكن لمشاركة التجارب عبر الإنترنت أن تساعدهنّ على التخلص من الخجل، ومعرفة المزيد عن متلازمة القولون العصبي. كما أن بعض مجتمعات وسائل التواصل الاجتماعي، والمؤثرين الذين يحاولون بيع المنتجات، يعملون على تشجيع النساء على تجربة استراتيجيات مكلفة، لا تستند إلى أدلة علمية.

ونظراً لتعقيد متلازمة القولون العصبي، فإن الرعاية المخصصة لكل شخص هي الأساس.