لطالما أكدت الإرشادات الغذائية أن منتجات الألبان قليلة الدسم، أو الخالية من الدسم، أكثر صحة من الحليب كامل الدسم. ولكن بدأ البعض يتخذ موقفاً معاكساً، ومنهم وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، روبرت إف. كينيدي الابن، الذي يدعم الحليب كامل الدسم.
ما الفرق بين الحليب كامل الدسم والحليب قليل الدسم؟
يقول المختصون في التغذية أن الاختلافات الرئيسية بين الحليب قليل الدسم والحليب كامل الدسم هي محتوى الدهون والسعرات الحرارية. كما يحتوي الحليب كامل الدسم على أكثر من ضعف نسبة الكوليسترول الموجودة في الحليب قليل الدسم.
الدهون والسعرات الحرارية
يحتوي الحليب كامل الدسم على نسبة أعلى من الدهون الكلية، والدهون المشبعة، مقارنة بالحليب قليل الدسم. يحتوي كوب من الحليب كامل الدسم على 8 جرامات من إجمالي الدهون، و4.3 جرام من الدهون المشبعة، مقابل 2.3 جرام و1.4 جرام في الحليب قليل الدسم.
أثناء الإنتاج، تفصل آلات معالجة الحليب الدهون عن باقي السائل، ثم تعيد إضافتها، وفقا لنسب الدهون المطلوبة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، على سبيل المثال، يحتوي الحليب كامل الدسم على 3.25% دهون، بينما يحتوي الحليب قليل الدسم على 1%. أما الحليب منزوع الدسم، فهو خالٍ من الدهون.
ويبين الخبراء كذلك أن ارتفاع نسبة الدهون يعني أيضاً أن الحليب كامل الدسم يحتوي على سعرات حرارية أكثر لكل حصة: 152 سعرة حرارية لكل كوب، مقابل 106 سعرات حرارية في الحليب قليل الدسم.
العناصر الغذائية
الحليب كامل الدسم قد يحتوي على فيتامينات قابلة للذوبان في الدهون أكثر بقليل، مثل فيتامينَي أ و د، مقارنة بالحليب قليل الدسم غير المدعم. ومع ذلك، يُعزز المصنعون معظم أنواع الحليب بفيتامين د، ويضيفون فيتامين أ إلى الأنواع قليلة الدسم.
إلى جانب ذلك، وفقاً لمؤسسة الألبان الأمريكية مثلاً، تحتوي جميع أنواع حليب الأبقار على العناصر الغذائية الأساسية نفسها، بما في ذلك البروتين، والكالسيوم، والبوتاسيوم، والفوسفور، والريبوفلافين، وحمض البانتوثينيك، والنياسين، والزنك، والسيلينيوم، واليود، وفيتامينات أ، د، وب12.
حقائق غذائية: الحليب كامل الدسم مقابل الحليب قليل الدسم
إليك نظرة عن كثب على العناصر الغذائية في الحليب كامل الدسم وقليل الدسم:
حليب كامل الدسم (كوب واحد) - بالجرام حليب قليل الدسم (كوب واحد) - بالجرام
السعرات الحرارية: 152 106
إجمالي الدهون: 8 2.3
الدهون المشبعة: 4.3 1.4
البروتين: 8 8
الكربوهيدرات: 11.5 12.7
أيهما أكثر صحة؟
لطالما نصحت الإرشادات الغذائية الفيدرالية الأمريكية بالحد من تناول منتجات الألبان كاملة الدسم، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى محتواها من الدهون المشبعة، والتي قد تكون ضارة بالصحة، بما في ذلك زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتوصي جمعية القلب الأمريكية البالغين والأطفال من سنّ عامين فما، فوق بتجنب منتجات الألبان كاملة الدسم، واختيار الأنواع قليلة الدسم بدلاً منها.
ومع ذلك، تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن منتجات الألبان - سواء كانت قليلة الدسم أو كاملة الدسم - قد تكون لها آثار محايدة في صحة القلب والأوعية الدموية عند تناولها باعتدال. فالعلاقة بين دهون الألبان والنتائج الصحية أكثر تعقيداً مما كان يُعتقد سابقاً. ولا تزال هذه الفوائد قيد الدراسة، وقد لا يكون محتوى السعرات الحرارية والدهون المشبعة الأعلى في منتجات الألبان كاملة الدسم مثالياً للجميع.
وتشير نتائج مراجعة بحثية نُشرت عام 2025 إلى أن تناول الحليب والزبادي والجبن، بغضّ النظر عن محتواه من الدهون، يرتبط ارتباطاً محايداً بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وأشارت مراجعة بحثية نُشرت عام 2022 إلى عدم وجود ارتباط واضح بين تناول منتجات الألبان عالية الدسم ومرض السكّري من النوع الثاني.
كما بينت مراجعة بحثية نُشرت عام 2021 أن تناول كميات أكبر من الحليب عالي الدسم يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية. لكن الباحثين كتبوا أن الدراسات، بشكل عام، لم تُظهر ارتباطاً واضحاً بين إجمالي تناول الحليب قليل الدسم مقابل الحليب عالي الدسم، ومنتجات الألبان الأخرى، وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وهذا يتحدى النصيحة القديمة القائلة بأن منتجات الألبان قليلة الدسم أفضل دائماً.
قد تكون جودة النظام الغذائي عاملاً مؤثراً
يشير بعض الخبراء إلى أهمية ملاحظة أن الدهون المشبعة من الأطعمة الكاملة، مثل الحليب والزبادي والجبن، قد لا يكون لها نفس التأثير الصحي للدهون المشبعة من الأطعمة فائقة المعالجة، مثل الوجبات الخفيفة المقلية، أو المعجنات المعلبة.
ويضيفون أن العديد من الدراسات التي تربط الدهون المشبعة بسوء الصحة، تستند إلى أنظمة غذائية غنية بالأطعمة المصنعة، والسكريات المضافة، والكربوهيدرات المكررة، ولكن يبدو أن منتجات الألبان كاملة الدسم المُستهلكة كجزء من نظام غذائي متوازن لا تحمل المخاطر نفسها.
بيد أن هذا لا يعني أن جميع منتجات الألبان مفيدة بالقدر نفسه، ولكنه يعني أن هناك مرونة أكبر مما اقترحته الإرشادات السابقة، ويجب أن يكون التركيز على جودة النظام الغذائي بشكل عام، بدلاً من عنصر غذائي واحد فقط.
اختيار نوع الحليب المناسب
إن الاختيار بين الحليب كامل الدسم وقليل الدسم يعتمد على أهدافك وتفضيلاتك الصحية الشخصية.. إليك بعض العوامل التي يجب مراعاتها:
- قد يكون الحليب كامل الدسم أكثر إشباعاً من قليل الدسم نظراً لمذاقه الأغنى ومحتواه المريح، لذا قد تكتفي بشرب كمية أقل منه.
- قد يساعدك الحليب كامل الدسم على الشعور بالشبع لفترة أطول، ما يساعدك على التحكم في وزنك من خلال تقليل تناول الطعام بشكل عام.
- إذا كنت معرّضاً لخطر الإصابة بأمراض القلب، أو كنت ترغب في التحكم في مستويات الكوليسترول لديك، أو وزنك، فقد يكون الحليب قليل الدسم خياراً أفضل.
- يحتاج الأطفال الذين ينتقلون من حليب الأم، أو الحليب الصناعي، إلى حليب كامل الدسم للنمو والتطور.
لذا، يرى بعض الأطباء أنه يمكنك الاستمتاع بكوب من الحليب كامل الدسم إذا كان باقي نظامك الغذائي منخفض الدهون، فالأمر كله يتعلق بموازنة ما تأكله على مدار اليوم. وإذا كنت تتناول في الأغلب أطعمة صحية قليلة الدسم، فإن تناول كوب من الحليب كامل الدسم يمكن أن يتناسب جيداً مع نظام غذائي متوازن.
مراجعة سريعة
تشير بعض الأبحاث الحديثة إلى أن جميع منتجات الألبان، بغضّ النظر عن نوع الدهون أو محتواها، مرتبطة ارتباطاً «محايداً» بأمراض القلب.
ويقول خبراء التغذية إن الحليب كامل الدسم وقليل الدسم يمكن أن يكونا جزءاً من نظام غذائي صحي.
ولكن عند اختيار الحليب، ضع في اعتبارك التحكم في الكمية، وأهدافك الصحية، وجودة نظامك الغذائي بشكل عام.
اقرأ أيضاً: البقر والشوفان والصويا واللوز.. أيّ حليب أفضل للصحة؟ تعرّفوا إلى جواب خبراء التغذية
