الشيء الزائد عن حده ينقلب ضده... العلم يكشف لنا عدد ساعات النوم المثالي

تشير التقارير الحديثة إلى أن النوم لأكثر من تسع ساعات قد يكون أسوأ على صحتك من قلّة النوم.
ينصح الخبراء والأطباء باستمرار، في المقالات الإخبارية ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، بضرورة الحصول على قسط أكبر من النوم، ويقولون إن قلّة النوم ضارّة بدماغك، وقلبك، وصحتك العامة، فضلاً عن بشرتك، وحتى الرغبة الجنسية.
ولكن ماذا عن النوم «الزائد»؟ إذ تشير التقارير الحديثة إلى أن النوم لأكثر من تسع ساعات قد يكون أسوأ على صحتك من قلّة النوم.
ولكن ما مقدار النوم الذي نحتاج إليه؟ وماذا يمكن أن يخبرنا النوم الكثير عن صحتنا؟

لماذا النوم ضروري لصحتنا؟
إلى جانب التغذية والنشاط البدني، يُعد النوم ركيزة أساسية للصحة.
أثناء النوم، تحدث عمليات فسيولوجية تُمكّن أجسامنا من العمل بفعالية عندما نكون مستيقظين. وتشمل هذه العمليات استعادة العضلات، وتقوية الذاكرة، وتنظيم المشاعر.
ويوصي الأطباء والباحثون البالغين بالحصول على ما بين سبع وتسع ساعات من النوم كل ليلة. ولكن بعض الناس يعانون قلّة النوم بطبيعتهم، ويمكنهم العمل بشكل جيد بأقل من سبع ساعات.
مع ذلك، بالنسبة إلى معظمنا، فإن النوم أقل من سبع ساعات له آثار سلبية. قد تكون هذه الآثار قصيرة المدى. على سبيل المثال، في اليوم التالي لنوم سيئ قد تشعر بانخفاض في الطاقة، وسوء في المزاج، وزيادة في التوتر، وصعوبة في التركيز في العمل.
وعلى المدى الطويل، يُعد عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد عامل خطر رئيسياً للمشكلات الصحية، فهو يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، واضطرابات التمثيل الغذائي، بما في ذلك داء السكري من النوع الثاني، وضعف الصحة العقلية، مثل الاكتئاب، والقلق، والسرطان، والوفاة.

هل يمكن أن يكون الإفراط في النوم ضاراً؟
في دراسة حديثة، راجع الباحثون نتائج 79 دراسة أخرى تابعت المشاركين لمدة عام على الأقل، وقاست مدى تأثير مدة النوم في خطر تدهور الصحة أو الوفاة، لمعرفة ما إذا كان هناك اتجاه عام.
وجد الباحثون أن الأشخاص الذين ناموا لفترات قصيرة - أقل من سبع ساعات في الليلة - كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 14% خلال فترة الدراسة، مقارنة بمن ناموا ما بين سبع وثماني ساعات. وهذا ليس مفاجئاً، بالنظر إلى المخاطر الصحية المعروفة لقلة النوم.
ومع ذلك، وجد الباحثون أيضاً أن أولئك الذين ناموا كثيراً، والذي عرّفوه بأكثر من تسع ساعات في الليلة، كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 34% مقارنة بمن ناموا من سبع إلى ثماني ساعات.
ويدعم هذا بحثاً مشابهاً من عام 2018، جمع نتائج 74 دراسة سابقة تابعت نوم المشاركين وصحتهم على مدار فترة زمنية، تراوحت بين عام واحد، وثلاثين عاماً، ووجدت الدراسة أن النوم لأكثر من تسع ساعات كان مرتبطاً بزيادة خطر الوفاة بنسبة 14% خلال فترة الدراسة.
وأظهرت الأبحاث أيضاً أن النوم لفترة طويلة جداً (أي أكثر من اللازم قياساً بعمرك) يرتبط بمشكلات صحية، مثل الاكتئاب، والألم المزمن، وزيادة الوزن، واضطرابات التمثيل الغذائي.
قد يبدو هذا مثيراً للقلق. لكن من الضروري تذكّر أن هذه الدراسات لم تجد سوى رابط بين النوم لفترة طويلة وسوء الحالة الصحية، وهذا لا يعني أن النوم لفترة طويلة هو سبب المشكلات الصحية، أو الوفاة.

ما هي صلة كثرة النوم بسوء الحالة الصحية؟
قد تؤثر عوامل متعدّدة في العلاقة بين كثرة النوم وسوء الحالة الصحية.
من الشائع أن ينام الأشخاص الذين يعانون مشكلات صحية مزمنة لفترات طويلة باستمرار. قد تحتاج أجسامهم إلى راحة إضافية لدعم التعافي، أو قد يقضون وقتاً أطول في السرير بسبب الأعراض، أو الآثار الجانبية للأدوية.
وقد لا يحصل الأشخاص الذين يعانون مشكلات صحية مزمنة أيضاً على نوم جيد، وقد يمكثون في السرير لفترات أطول في محاولة للحصول على قسط إضافي من النوم.
إضافة إلى ذلك، نعلم أن عوامل خطر سوء الحالة الصحية، مثل التدخين وزيادة الوزن، ترتبط أيضاً بسوء النوم. هذا يعني أن الناس قد ينامون أكثر بسبب مشكلات صحية قائمة، أو سلوكات نمط حياة، وليس لأن النوم الزائد هو سبب تدهور الصحة.
ببساطة، قد يكون النوم عرضاً لتدهور الصحة، وليس سبباً له.
ما هو العدد المثالي لساعات النوم؟
تعتمد أسباب نوم بعض الناس قليلاً، ونوم آخرين كثيراً، على الفروق الفردية، وهي اختلافات لم يفهمها العلماء تماماً بعد.
قد ترتبط احتياجاتنا من النوم بالعمر. وغالباً ما يرغب المراهقون في النوم أكثر، وقد يحتاجون إليه جسدياً، حيث تكون توصيات النوم للمراهقين أعلى قليلاً من توصيات البالغين، من ثماني إلى عشر ساعات. قد ينام المراهقون أيضاً ويستيقظون في وقت متأخر.
وربما يرغب كبار السن في قضاء وقت أطول في السرير. ومع ذلك، ما لم يعانوا اضطراباً في النوم، فإن كمية النوم التي يحتاجون إليها ستكون هي نفسها كما كانت عندما كانوا أصغر سناً.
لكن معظم البالغين يحتاجون من سبع إلى تسع ساعات من النوم، لذا فهذه هي الفترة الصحية التي يجب أن نسعى لتحقيقها.
ولا يقتصر الأمر على كمية النوم التي ننامها فحسب، بل إن النوم الجيد، ومواعيد النوم والاستيقاظ المنتظمة، لا تقل أهمية - إن لم تكن أكثر - لصحتنا العامة.
مراجعة سريعة
بما أن العديد من البالغين لا يحصلون على الكمية الموصى بها من النوم، يجب أن نركز على كيفية التأكد من حصولنا على قسط كافٍ من النوم، بدلاً من القلق من أننا نحصل على الكثير.
لمنح نفسك أفضل فرصة لنوم هانئ ليلاً، تعرّض لأشعة الشمس، وحافظ على نشاطك خلال النهار، وحاول الحفاظ على مواعيد نوم واستيقاظ منتظمة. في الساعة التي تسبق النوم، تجنب الشاشات، وافعل شيئاً مريحاً، وتأكد من أن مساحة نومك هادئة، ومظلمة، ومريحة.
إذا لاحظت أنك تنام بانتظام لفترة أطول من المعتاد، فقد تكون هذه طريقة جسمك لإخبارك بوجود مشكلة أخرى. وإذا كنت تعاني صعوبات في النوم، أو تشعر بالقلق، فتحدث إلى طبيب.
اقرأ أيضاً:
- هذا ما يحدث لجسمك بسبب ليلة واحدة من دون نوم... فماذا عن ليلتين وأكثر؟
- تعاني الأرق؟... تمارين المقاومة ستساعدك على النوم