مشاهدة مباريات كرة القدم لعلاج الاكتئاب... وأطباء يصفونها كـ«دواء»

ضمياء فالح

محررة ومترجمة متعاونة

لا يوجد ما يضمن أن تُحسّن المباريات على أرض الملعب من معنويات مرضى الاكتئاب، ولكن من المقرر وصف مباريات كرة القدم المباشرة للمرضى الذين يعانون الاكتئاب بموجب خطة رائدة جديدة في بريطانيا.

ستتيح هذه المبادرة، التي طورها النائب العمالي الدكتور سيمون أوفر، ومالك شركة إيكوتريسيتي ديل فينس، للمرضى في عيادات غلوسترشاير، فرصة حضور مباريات فريق فورست غرين روفرز، أحد فرق الدوري الوطني، وهو نادٍ يملكه فينس منذ عام 2010.

وأيد الدكتور أوفر، وهو طبيب عام سابق ونائب حالياً عن سترود، الوصفات الاجتماعية كبديل لمضادات الاكتئاب للأفراد الذين يعانون اكتئاباً خفيفاً، أو متوسطاً.

وشملت وصفاته السابقة أنشطة أخرى مثل تمثيل مواقف كوميدية، والبستنة.

وأشار الدكتور أوفر إلى أن نحو أربعة من كل خمسة مرضى، في المتوسط، يميلون إلى الالتزام بهذه الأنشطة الموصوفة، مشدّداً على أن إحدى أهم فوائدها هي التغلب على الشعور بالوحدة.

وأضاف الدكتور أوفر «أعتقد أن مشاهدة كرة القدم تمنحك شعوراً بالانتماء للمجتمع. وأعتقد أن إحدى أكبر مشكلات مجتمعنا هي العزلة الاجتماعية، في الواقع إنها سامة للغاية، وقد خلقتها وسائل التواصل الاجتماعي في عالمنا الحديث. المقاهي ليست شائعة، فنحن لا نخرج كثيراً، ولا نعيش في عائلات ممتدة، وهذا أمر سيئ للغاية. يمكنك قياس ذلك، إنه نفس الخطر الصحي لتدخين نحو 20 سيجارة يومياً. إنه أمر سيئ للغاية. أحد الأمور الجيدة التي يجب أن تحدث هنا هو مجرّد إخراج الناس، والتواصل الاجتماعي».

وواصل القول «كرة القدم ليست للجميع. لا شيء كذلك، لكننا بحاجة إلى مجموعة من الخيارات. كرة القدم هي التواصل الاجتماعي، والتشجيع لفريقك، والحماس، وإخراج نفسك من حياتك الخاصة لفترة قصيرة، وعيش شيء آخر».

الجدير بالذكر أنه سبق للدكتور أوفر أن أعرب عن مخاوفه بشأن الإفراط في وصف مضادات الاكتئاب. وقال إنه لا يعتقد أنه ينبغي إعطاؤها للمرضى الذين يعانون أعراضاً متوسطة، أو خفيفة. جاء هذا الاهتمام والتنبيه بعد أن ارتفع عدد الأشخاص الذين يتناولون مضادات الاكتئاب في بريطانيا بنسبة 2.1% العام الماضي، مقارنة بعام 2023/2022.

وأشار الدكتور أوفر «إذا كنت تعاني اكتئاباً حاداً، فإنني أنصح دائماً بتناول مضادات الاكتئاب، لكن الأغلبية العظمى من الناس يعانون ما يُسمى اكتئاباً خفيفاً، إلى متوسط، والاتجاه السائد حالياً هو إعطاؤهم أقراصاً، نظراً لعدم وجود دعم نفسي حقيقي، وقد يستغرق الحصول عليه ستة أشهر، ويشعر المريض بالحاجة إلى اتخاذ إجراء ما. ولهذا السبب وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها 8.7 مليون شخص يتناولون مضادات الاكتئاب، لذا علينا تجربة علاج آخر».

وبموجب هذه المبادرة، يتاح للمرضى في اثنتي عشرة عيادة جراحية في المقاطعة القريبة من ملعب «ذا نيو لاون»، التابع لنادي فورست غرين، في نايلزوورث، فرصة إحالتهم لحضور مباراة.

ومن المقرر أن تستمر هذه المبادرة طوال الموسم، بدءاً من أول مباراة للفريق على أرضه ضد يوفيل تاون في 16 أغسطس الماضي. وسيتبرع فورست غرين بالتذاكر مجاناً.

لا يوجد ما يضمن أن تُحسّن المباريات على أرض الملعب من معنويات مرضى الاكتئاب، حيث عانى فورست غرين خيبة أمل كبيرة بسبب ركلات الجزاء في التصفيات الموسم الماضي، وخسر أمام ساوثيند.

والجدير بالذكر أن فينس اشترى النادي عام 2010، ومنذ ذلك الحين حوّله إلى أول نادٍ لكرة القدم نباتي، وخالٍ من الكربون في العالم.

وفي عهده، وصل النادي، الذي كان يلعب في دوريات الهواة منذ فترة طويلة، إلى دوري الدرجة الأولى، قبل أن يُعاني هبوطين متتاليين.

ويشتهر فينس بتأسيسه شركة إيكوتريسيتي للطاقة الخضراء. وقد تبرعت الشركة سابقاً بمليون جنيه استرليني لحزب العمال.

وقال: «أعتقد أنه سيكون أمراً رائعاً، أتمنى أن تتواصل أندية كرة القدم في جميع أنحاء البلاد مع الناس، وتفعل ذلك. عادة ما لا يتحدث الرجال عن مشكلاتهم، وهذا هو الواقع، ويشعرون بالوحدة، وما شابه. مررتُ بفترات من حياتي شعرتُ فيها ببعض السأم والاستبعاد... كنتُ أشعر بالإحباط من حين لآخر، ومن السهل أن أشعر بالضيق عندما لا أكون على تواصل مع الناس، وأردت أن أفعل شيئاً حيال ذلك فقط. كانت فوريست غرين من أفضل تجارب حياتي، وأنا حريص على مشاركتها».

بدأ الدكتور أوفر بتشككه تجاه انتشار وصف مضادات الاكتئاب بعد أن بدأ مسيرته المهنية كطبيب عام 1995. لكنه بدأ يرى الكثير من الناس يعانون الاكتئاب، وانخفاض الحالة المزاجية، فشرع في وصف مضادات الاكتئاب لهم، أو إحالتهم إلى عيادات الصحة النفسية. عدد كبير منهم، واحد من كل أربعة، وربما أكثر، يعودون من دون تحسّن، بل بمشكلات مستعصية. وأكد أن ما أدركه هو أن الأقراص لم تُجدِ نفعاً، ولم يكن لديهم ما يُساعدهم، وهنا فكّر في أنهم بحاجة إلى تجربة شيء مختلف، واتّباع سلوك مختلف.

وبالنسبة إلى الأشخاص الذين نجح الأمر معهم، كان الأمر تحولاً في نمط حياتهم، كما أنهم توقفوا عن زيارته، وهذه علامة رائعة.