
يُعد القلب أقوى عضلة في الجسم. وسواء كنت مستيقظاً، أو نائماً، أو تمارس الرياضة، أو تستريح، فإن قلبك يعمل دائماً. يضخ الدم عبر الشرايين لتوصيل الأوكسجين إلى الأعضاء والأنسجة في جميع أنحاء الجسم، وعبر الأوردة لإعادة الدم «المُستهلك» إلى القلب.
يقع القلب بالقرب من منتصف الصدر، بين الرئتين، ويميل قليلاً إلى اليسار. ويتكوّن هذا العضو العضلي من أربعة أقسام، تُسمى «حجرات»، وهي مصنوعة من نسيج خاص يسمى عضلة القلب. وتتحكم الإشارات الكهربائية في ضربات القلب، فتسرّعها أو تبطئها، حسب احتياجات الجسم، وما إذا كنت متوتراً، أو مسترخياً.
يغذي القلب جهاز الدورة الدموية، الذي يتضمن شبكة من الأنابيب التي تنقل الدم عبر الجسم؛ وهذا بدوره يوصل هذا الجهاز الأوكسجين والمغذيات والخلايا المكافحة للأمراض، إلى الأعضاء والأنسجة.

خمس حقائق سريعة عن القلب
- ينبض قلب الشخص البالغ أكثر من 100,000 مرة يومياً.
- ينبض قلب المرأة أسرع من قلب الرجل بنحو ثماني نبضات في الدقيقة، في المتوسط.
- إيقاع النبض هو توقف وبدء تدفق الدم عبر الشرايين.
- في 60 ثانية فقط، يضخ قلب الشخص البالغ نحو 1.5 جالون (5.7 لتر) من الدم.
- تُظهر الأشعة السينية للمومياوات المصرية القديمة أن الناس كانوا يعانون أمراض القلب منذ أكثر من 3000 عام.

ما هو شكل القلب؟
لا تشبه رموز القلب، في الرسوم المتحركة والرموز التعبيرية، قلب الإنسان الحقيقي. في الواقع، يكون شكل القلب كروياً أكثر، إلا أنه أضيق في الأسفل منه في الأعلى. ومع ذلك، يمكن أن يختلف شكله من شخص لآخر. فشكل قلوب بعض الناس يكون أشبه بالكرة، بينما يكون شكل قلوب آخرين أطول، وأضيق. ويمكن أن يتغيّر شكل القلوب مع مرور الوقت، فالتقدم في السّن، وبعض أنواع أمراض القلب، تجعله أكثر استدارة.
يبلغ حجم قلب المولود الجديد حجم حبة جوز تقريباً. أما قلب البالغ، فيبلغ حجمه حجم قبضة اليد تقريباً، ويزن ما بين 7 ـ 15 أونصة (200 إلى 425 جراماً) - أي ما يعادل تقريباً وزن علبة صودا عادية.
ويتكون القلب من أربعة أقسام، تسمى حجرات. الحجرتان العلويتان هما الأذينان، والحجرتان السفليتان هما البطينان. ويفصل جدار عضلي عمودي بين الجانبين الأيمن والأيسر للقلب. وتتصل بالقلب أنابيب تسمى الأوعية الدموية الرئوية. وتعني كلمة «رئوية» أنها مرتبطة بالرئتين، اللتين تزوّدان الدم بالأوكسجين من الهواء الذي نتنفسه. وتحمل الشرايين الرئوية الدم المحمّل بالأوكسجين إلى القلب، بينما تنقل الأوردة الرئوية الدم الذي يفتقر إلى الأوكسجين بعيداً عنه.
وفي أعلى يسار القلب، يقع الشريان الأورطي، وهو شريان رئوي وأكبر وعاء دموي في الجسم. يبلغ قطره في جسم الإنسان البالغ تقريباً قطر خرطوم الحديقة. وينحني الجزء العلوي من الشريان الأورطي، كعلامة استفهام. يحمل الدم الغني بالأوكسجين من القلب إلى باقي أنحاء الجسم. وفي أعلى يمين القلب، يوجد وعاء دموي كبير آخر، وهو الوريد الأجوف العلوي. يحمل هذا الوريد الكبير الدم قليل الأوكسجين إلى القلب، الذي يضخّه بدوره إلى الرئتين لتزويدهما بمزيد من الأوكسجين.
كيف ينبض القلب؟
يوجد نوعان من الخلايا في القلب يتحكمان في نبضاته، «خلايا عضلة القلب» التي تقوم بعملية الضخ، و«الخلايا الموصلة» التي تحمل الإشارات الكهربائية، حيث تحفز هذه الإشارات انقباضات عضلة القلب، أي أنها تسبب انقباض عضلات القلب.
وتحافظ الكهرباء على ضخ القلب بوتيرة ثابتة، ويمكنها أن تسرّعه، أو تبطئه. وتنتقل النبضات الكهربائية حول القلب عبر شبكة من مجموعات خلايا متخصصة تسمى «العقد». ويمكن أن يؤدي انقطاع تدفق الكهرباء عبر هذه العقد إلى عدم انتظام ضربات القلب، وهي حالة تعرف باسم «عدم انتظام ضربات القلب».
وتبدأ الإشارات الكهربائية للقلب من «جهاز تنظيم ضربات القلب»، وهو عقدة خلوية محدّدة. ويقع جهاز تنظيم ضربات القلب هلالي الشكل في الأذين الأيمن العلوي، ويبلغ طوله نحو نصف بوصة (13.5 ملم) لدى البالغين. ويولّد عادة نبضة كهربائية على فترات منتظمة، من 60 إلى 100 مرة في الدقيقة، فيؤدي ذلك إلى انقباض الأذينين.
ثم تنتقل هذه الإشارة الكهربائية من جهاز تنظيم ضربات القلب إلى عقدة أخرى على نفس جانب القلب، ولكن في اتجاه أدنى قليلاً. وبمجرد أن يفرغ الأذينان الدم في البطينين، تمرر هذه العقدة الثانية النبضة الكهربائية إلى الأعصاب المحيطة بأسفل القلب. وترسل هذه الألياف الإشارة إلى البطينين، ثم ينقبض البطينان، ويضخان الدم إلى الجسم.
كم مرة ينبض القلب في اليوم؟
يقاس معدل ضربات القلب بالنبضات في الدقيقة. ومع أداء الجسم لمهام مختلفة على مدار اليوم، يتكيف معدل ضربات القلب تلقائياً حسب الحاجة، بمساعدة الدماغ والأعصاب.
ويصف مصطلح «معدل ضربات القلب أثناء الراحة» مدى سرعة نبضات القلب أثناء النشاط الطبيعي والاسترخاء. ويمكن أن تؤثر مستويات النشاط البدني، والعواطف، والعمر، واللياقة البدنية، والصحة العامة في معدل ضربات القلب. وعادة ما يكون معدل ضربات القلب أقل قليلاً أثناء النوم.
يتراوح معدل ضربات القلب أثناء الراحة لدى البالغين الأصحاء عادة بين 60 و100 نبضة في الدقيقة. أما الأطفال حديثو الولادة حتى عمر 4 أسابيع، فيتراوح معدل ضربات قلبهم أثناء الراحة بين 100 و205 نبضات في الدقيقة. والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و12 عاماً، يتراوح معدل ضربات قلبهم أثناء الراحة بين 75 و118 نبضة في الدقيقة، ويساوي معدل ضربات القلب لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 13 عاماً فأكثر، معدل ضربات قلب البالغين.
وفي المتوسط، ينبض قلب الشخص البالغ أكثر من 100,000 نبضة في اليوم، حتى في حالة الراحة. كل هذا الضخ يرسل أكثر من جالون (5 لترات) من الدم عبر الدورة الدموية. وفي السنة، ينبض قلب الشخص البالغ نحو 37 مليون مرة. وبحلول الوقت الذي يصل فيه الشخص إلى أواخر السبعينيات من عمره، يكون قد سجل ما يقرب من 3 مليارات نبضة قلب.

ما الذي يمكن أن يسبب تسارع نبضات قلبك؟
من الطبيعي تماماً أن يتسارع، أو يتباطأ معدل ضربات قلب الشخص، حسب ما يفعله. وتسبب الأنشطة التي تجبر الجسم على العمل بجهد أكبر زيادة في معدل ضربات القلب. وأثناء التمرين، تحتاج العضلات إلى المزيد من الأوكسجين، ما يصل إلى أربعة أضعاف ما تحتاج إليه أثناء الراحة. ونتيجة لذلك، ينبض القلب بشكل أسرع. وهذا ينقل الدم المؤكسج إلى العضلات المجهدة بشكل أسرع. وكلما زادت شدّة التمرين أو النشاط، زادت سرعة وقوة ضخ القلب.
ويمكن أن تؤثر أنشطة أخرى أيضاً في معدل ضربات قلبك. بعد تناول الطعام، يضخ قلبك بقوّة أكبر لإرسال المزيد من الأوكسجين إلى جهازك الهضمي، للمساعدة على تكسير الطعام. وشرب الكافيين (مثلاً، القهوة، أو المشروبات الغازية، أو بعض أنواع الشاي) يحفز الجسم على إفراز هرمون يسمى النورإبينفرين، ما يسرع ضربات القلب. ولدى الحوامل، اللواتي تعمل أجسامهنّ بجهد أكبر لدعم نمو الجنين، قد يرتفع معدل ضربات القلب أثناء الراحة بنحو 10 إلى 20 نبضة في الدقيقة.
كما يمكن أن تؤدي المشاعر الشديدة والتوتر، إلى زيادة معدل ضربات القلب. فعندما يكون الشخص متوتراً، أو غاضباً، أو خائفاً، أو محبطاً، أو منزعجاً، يفرز الجسم هرمونات التوتر، مثل الأدرينالين والكورتيزول. وتسبب هذه الهرمونات تسارع ضربات القلب، وتسريع تنفسه. ويعرف هذا التأثير باسم استجابة «القتال أو الهروب»، أو «الكر أو الفر»، وقد تطور لدى أسلافنا القدماء للمساعدة على حمايتهم من الأذى. ويهيئ تسارع ضربات القلب الجسم للدفاع عن نفسه، أو الهروب من الخطر.

ماذا يحدث أثناء النوبة القلبية؟
النوبة القلبية حالة طبية طارئة تهدّد الحياة. يحدث ذلك عندما تُسدّ الشرايين التي تغذي القلب بالدم والأوكسجين، وغالباً بسبب تراكم الدهون والكوليسترول، وهي مادة تشبه الشمع.
وبمجرّد أن يقطع الانسداد تدفق الدم إلى القلب، تبدأ أنسجته بالموت. ويمكن أن تسبب النوبات القلبية الشديدة انفجار الأوعية الدموية المحيطة بالقلب، ما يؤدي إلى موت المزيد من أنسجة عضلة القلب.
ومع تطوّر النوبة القلبية، يزداد الضغط في القلب، ما يسبب تراكم السوائل في الرئتين، فيُؤدي هذا إلى ضيق التنفس. في هذه الأثناء، لا تحصل أنسجة أجزاء أخرى من الجسم على كمية كافية من الأوكسجين، ما يسبب ألماً عضلياً ينتشر من الصدر إلى الذراعين، ثم إلى الكتفين، أو الفك، أو الرقبة، أو الظهر. كما يمكن أن يؤدي نقص تدفق الدم إلى الدوخة، أو ألم البطن، أو الغثيان، أو القيء. وقد يسبب انخفاض تدفق الدم تورماً في الكاحلين أو القدمين، أيضاً.
وقد يكون الشعور بضيق، أو ضغط في الصدر أول علامة على الإصابة بنوبة قلبية. ومع ذلك، قد تختلف الأعراض اختلافاً كبيراً باختلاف الشخص، ويشمل نحو نصف النوبات القلبية ألما في البطن. وبالنسبة إلى النساء، غالباً ما تكون الأعراض الأولى للنوبة القلبية هي صعوبة التنفس، أو اضطراب المعدة، أو ألماً في مكان آخر غير الصدر.
كما أن بعض النوبات القلبية «صامتة»، أي أنها لا تسبب أعراضاً واضحة أثناء حدوثها، لكنها قد تسبب مشكلات خطرة لاحقاً.
اقرأ أيضاً:
- علامات لا تعرفها عن مرض القلب... من ضمنها في قدميك
-أعراض أمراض القلب وأسبابها وطرق علاجها... مع الأستاذ الدكتورعبدالله شهاب