تخيّل قلبك كفرقة طبول في أوركسترا تعزف بتناغم دقيق، وفجأة، يُصدر أحد الطبول ضربة قبل الموعد، فيربك الإيقاع للحظة، ثم تعود الأمور إلى مجراها، هذا بالضبط ما يحدث في حالة الانقباضات البطينية المبكرة، أو ما يُعرف بالنبضة الهاجرة، وهي من أكثر اضطرابات نظم القلب شيوعاً.
يوضح الدكتور عمر الفلاسي، استشاري أمراض القلب والفيزيولوجيا الكهربائية للقلب في مدينة الشيخ شخبوط الطبية، بأبوظبي، أسباب هذه الظاهرة ومدى شيوعها وخطورتها «الانقباضات البطينية المبكرة هي ضربات قلب غير منتظمة، تبدأ من البطينين بدلاً من الأذينين (ناظم ضربات القلب الطبيعي)، وتحدث هذه النبضات قبل النبضة الطبيعية المتوقعة، وقد يشعر المصاب بها وكأن قلبه «توقف لوهلة» أو«خفق فجأة»، ثم عاد إلى وضعه الطبيعي».
لماذا تحدث النبضة الهاجرة وما أسبابها؟
يُقسّم د. عمر الفلاسي أسباب هذه الحالة إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
محفزات نمط الحياة:
- الإفراط في تناول المنبّهات: مثل الكافيين والنيكوتين (التدخين)، أو الكحول.
- القلق والتوتر المفرط: يزيدان من تحفيز القلب بسبب استجابة «الكرّ والفر».
- قلة النوم: التعب والإرهاق الجسدي قد يربكان إيقاع القلب.
- تناول بعض الأدوية: مثل مزيلات الاحتقان وبعض أدوية الربو.
اضطرابات في توازن الجسم:
- نقص الكهارل: انخفاض مستويات المعادن الهامّة، مثل البوتاسيوم، أو المغنيسيوم، أو الصوديوم.
- فرط نشاط الغدّة الدرقية: يمكن أن يجعل نبض القلب أسرع وأكثر اضطراباً
- الجفاف: قلّة شرب الماء والسوائل قد يؤثر في توازن الجسم ووظائف القلب.
أمراض القلب الكامنة (أقل شيوعاً وأكثر خطورة):
- تلف في عضلة القلب نتيجة نوبة قلبية سابقة.
- ضعف عضلة القلب أو فشل القلب.
- مشكلات في صمّامات القلب تؤثر في تدفق الدم الطبيعي.
ويؤكد د. الفلاسي شيوع النبضة الهاجرة، أو الانقباضات البطينية المبكرة، وتصنف من أكثر اضطرابات نظم القلب انتشاراً، موضحاً «معظم الناس يصابون بها في مرحلة ما، سواء شعروا بها، أو لا، إذ تزداد احتمالية حدوثها مع التقدم في العمر، وغالباً ما يتم اكتشافها مصادفة أثناء فحوصات طبية روتينية، وهي في الأغلب غير ضارّة، إلا أن تكرارها بشكل مفرط، أو وجود مرض قلبي كامن، قد يجعلها أكثر خطورة، وتتطلب متابعة طبية».
ما هو علاج النبضة الهاجرة؟
- في الحالات الخفيفة أو غير المتكررة: غالباً ما تكون غير خطرة، وتستلزم تعديل نمط الحياة، والاهتمام بالتغذية الصحية، وتقليل الكافيين، وتحسين النوم، وتجنب التوتر، وشرب الماء.
- في حال وجود مرض قلبي أو أعراض مزعجة: لابد من علاج السبب الرئيسي أولاً (مثل فشل القلب)، واستخدام أدوية مثل حاصرات بيتا (ميتوبرولول) لتخفيف النبضات، حاصرات قنوات الكالسيوم، أو أدوية مضادة لاضطراب النظم (بحذر)، وأخيرا الاستئصال بالقسطرة، وهو إجراء دقيق يُستخدم في الحالات المستعصية، يهدف إلى إيقاف مصدر النبضات الشاذة.
وختاماً، يبين الدكتور عمر الفلاسي أن الانقباضات البطينية المبكرة تشبه «فواقاً كهربائياً» بسيطاً في القلب، وفي معظم الأحيان، تكون غير مقلقة، ولا تحتاج إلى علاج طبي، لكن في حال تكرارها، أو مرافقتها لأمراض قلبية، ينبغي استشارة طبيب مختص، مشدّداً على أهمية عدم القلق المفرط، والاهتمام بنمط حياة صحي، ومتابعة أيّ أعراض غير معتادة مع الطبيب المختص، لضمان صحة قلبك، وسلامة إيقاعه.