إذا كنت من الأشخاص الذين يقعون فريسة الجوع بين الوجبات، فما عليك سوى تناول حفنتين من اللوز! فإنهما مشبّعتان، ونافعتان، وتحميانك من العديد من الأمراض، وتبطئان من زحف الشيخوخة.
هذا ما جاء به باحثان إيرانيان، أثبتا أن اللوز لا يهدّئ من الشعور بالجوع فحسب، وإنما قد يحمي أيضا الخلايا من التلف الذي تسببه الجذور الحرة، ويقوّي دفاعات الجسم على محاربتها.
ما الجذور الحرة؟
الجذور الحرة جزيئات غير مستقرة، شديدة التفاعل ينتجها الجسم بشكل طبيعي، ولكنها عندما تتراكم في الجسم قد تؤدي إلى ما يعرف بالإجهاد التأكسدي، الذي يسبب تلف الخلايا، والبروتينات، والحمض النووي، فيتعرض الجسم بالتالي للإصابة بأمراض مثل السرطان، والسكري، وأمراض القلب.
يساعد اللوز على محاربة الشيخوخة بفضل محتواه الغني بفيتامين E، ومضادات الأكسدة التي تعمل على مكافحة الجذور الحرة التي تسبب تلف الخلايا، وظهور علامات التقدم في السن. كما يسهم في تعزيز إنتاج الكولاجين الذي يزيد من مرونة البشرة، ويرطّبها بعمق، ويعمل على التخفيف من ظهور التجاعيد، الأمر الذي يمنح البشرة مظهراً أكثر شباباً، وحيوية، وإشراقاً.
كيف يبطئ اللوز عوامل الشيخوخة؟
اللوز غني بالألياف، والأحماض الدهنية غير المشبّعة المفيدة، والبروتين، والبوليفينولات، وفيتامين هـ، والمعادن (المغنيسيوم، والكالسيوم، والبوتاسيوم). وهو يشعر الشخص بالشبع، ويحد من زيادة الوزن، ويُعزّز عمل ميكروبات الأمعاء النافعة، كما يساعد على مكافحة التوتر، والتدهور المعرفي.
ليس هذا كل شيء، فوفقاً لتحليل تلويٍّ نُشر في مجلة «التقرير العلمي»، يُمكن للّوز أن يحمي حمضنا النووي، ويقوّي دفاعاتنا المضادة للأكسدة.
ولمعرفة مدى الإجهاد التأكسدي، يمكن قياس بعض المؤشرات الحيوية في الدم، مثل تلف الدهون، والحمض النووي، وتلف الإنزيمات المضادة للأكسدة التي ينتجها الجسم.
واللوز قد يلعب دوراً في مكافحة الإجهاد التأكسدي، بفضل احتوائه على نسب عالية من مضادات الأكسدة، مثل فيتامين هـ، والبوليفينولات، إضافة إلى الألياف التي تُعدُّ مصدراً لمضادات الأكسدة عند تخميرها بواسطة البكتيريا المعوية.
وقد حللت دراسات عدّة، تأثير تناول اللوز في الإجهاد التأكسدي، ولكن حتى الآن، لم يُجمع أحد على نتائجها لمعرفة الحقيقة كاملة.
8 تجارب سريرية
اختار فريق الباحثين الإيرانيين تجارب سريرية عشوائية مُحكمة، أُجريت على بالغين تناولوا مكمّلات اللوز، وسُجلت نتائجها باستخدام المؤشرات الحيوية للحالة التأكسدية. وأجروا 8 تجارب سريرية شملت 424 متطوعاً، تراوحت كميات اللوز التي تناولوها يومياً بين 5 و168 غراماً، على مُدد تراوحت بين 4 و124 أسبوعاً.
في البداية، كشفت حسابات الباحثين أن التأثيرات المضادة للأكسدة في اللوز تعتمد، جزئياً، على الكمية المتناولة. فتناول القليل من اللوز كان له تأثير ضئيل، لكن تناول 60 غراماً، أو أكثر يومياً (ما يقارب حفنتين كبيرتين) أدى إلى تحسن ملحوظ في بعض المؤشرات الحيوية الرئيسة، خصوصاً تلك التي تعكس مقدار تلف الخلايا. كما تحسنت بشكل عام دفاعات الجسم المضادة للأكسدة.
اللوز، نعم، ولكن ليس أيّ لوز!
لاحظ الباحثون أن تناول اللوز قد أدى أيضاً إلى انخفاض طفيف، ولكنه هام، في مستويات حمض اليوريك، الذي قد يكون له علاقة بتثبيط نشاط الإنزيم الذي يشكل مصدراً رئيساً لأنواع الأوكسجين التفاعلية.
ويرى الباحثون بعض التناقض في النتائج التي تم الحصول عليها في مختلف التجارب السريرية. وبتسليط الضوء على هذا التناقض، وجدوا أنه لا يتعلق فقط باختلاف الدراسات التي أجريت على اللوز حتى الآن، وإنما كذلك باختلاف أنواع اللوز، وطرق تحضيره (خام أو محمّص، مبيض أو غير مبيض، مقشور أو غير مقشور...)
ولتحقيق أقصى فائدة، يؤكد الباحثون أنه يجب تناول اللوز بقشره ومن دون تحميص، للمحافظة على البوليفينولات التي يقلل التحميص مثلاً 26% من توافرها الحيوي.
بانتظار المزيد من الدراسات
بالنسبة إلى الباحثين، يُؤكد هذا التباين بين الدراسات على الحاجة إلى مزيد من الأبحاث من خلال إجراء تجارب أكثر توحيداً لتحديد كمية اللوز ونوعه، كي يعزز بفوائده المضادة للأكسدة دفاعات الجسم ضد الإجهاد التأكسدي، بما يتناسب مع مستوى ذلك لدى كل شخص.