23 يوليو 2025

حمّامات الثلج قد تكون ضارّة أكثر من نافعة

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

كشف بحث هولندي عن جانب سلبي مفاجئ للغطس في ماء مثلّج بعد التمرين لمن يسعون لنمو العضلات. إذ تنتشر حمّامات الثلج في كل مكان في ثقافة اللياقة البدنية الحديثة، من الرياضيين المحترفين إلى ممارسي رياضات نهاية الأسبوع، على أمل أن يخفف الشعور بالبرودة من الألم، والالتهاب، ويساعد أجسامهم على استعادة عافيتها بشكل أسرع. لكن هذا البحث وجد جانباً سلبياً مفاجئاً: قد يؤدي الغطس المتجمد في الماء إلى إبطاء نمو العضلات.

عند تعريض جسمك للبرد، كما هو الحال أثناء حمّام الثلج، تنقبض أوعيتك الدموية. ويمكن أن يقلل هذا من التورم، ويطرد الفضلات الناتجة عن التمرين، ويخفف من ألم العضلات الذي يحدث بعد يوم أو يومين، من التمرين المكثف. إذ يُعد ألم ما بعد التمرين علامة على أن عضلاتك تتعافى. لذلك عندما يزول، تشعر كأنك مستعد للعودة إلى صالة الألعاب الرياضية مرة أخرى، ما يساعد على تفسير سبب شيوع حمّامات الثلج.

ولكن، هناك جانب آخر كان خافياً لحد الآن. الالتهاب الذي يسبب الألم هو أيضاً جزء من كيفية شفاء عضلاتك، ونموّها. إذا توقفت عن التمرين مبكراً، فقد تعيق تقدمك.

في دراسة حديثة، اختبر باحثون في جامعة ماستريخت تأثير درجات الحرارة الباردة في توصيل العناصر الغذائية، وإشارات بناء العضلات. وقام اثنا عشر شاباً يتمتعون بصحة جيدة بتمرين قوة باستخدام ساق واحدة فقط. بعد ذلك مباشرة، غمر كل منهم ساقه في ماء بدرجة حرارة 8 درجات مئوية لمدة 20 دقيقة، بينما غمر الساق الأخرى في ماء بدرجة حرارة 30 درجة مئوية (مجموعة التحكم). ثم قام العلماء بقياس تدفق الدم، وتتبعوا كيفية استخدام العضلات للبروتين لمعرفة تأثير البرد في عمليات التعافي وبناء العضلات.

كانت النتائج واضحة: بعد حمّام الثلج مباشرة، انخفض تدفق الدم في الساق المعرّضة للبرد بنسبة 60% تقريباً، مقارنة بالساق المعرضّة للماء الدافئ.

وحتى بعد ثلاث ساعات من التمرين، ظل تدفق الدم إلى العضلة التي تم تبريدها أقل بشكل ملحوظ. وبما أن العضلات تعتمد على الدم لتوصيل العناصر الغذائية، مثل الأحماض الأمينية والأوكسجين، فإن هذا يعني أنها تحصل على كمية أقل مما تحتاج إليه للنمو. وفي الواقع، وجد الباحثون أن العضلات تستخدم كميات أقل من البروتينات بنسبة 30% تقريباً. وبعد تمارين القوة، يزداد تدفق الدم إلى عضلاتك عادة، وهي استجابة تُعرف باسم احتقان الدم. ويحمل هذا التدفق الدموي عناصر غذائية هامة، مثل الأحماض الأمينية والأوكسجين والأنسولين، وكلها تساعد على تحفيز عملية بناء العضلات.

ولكن عند تعريض عضلاتك للبرد مباشرة بعد التمرين، تتقلص الأوعية الدموية، وهو رد فعل يُسمى تضيق الأوعية الدموية، ما يحدّ من وصول هذه العناصر الغذائية. هذا يعني أن عضلاتك قد تفوّت فرصة هامة للنمو والتعافي.

بعد التمرين، يُعدّ حدوث القليل من الالتهاب أمراً جيداً، إذ يُشير إلى جسمك لبدء عملية الإصلاح. وتُطلق الخلايا المناعية بروتينات خاصة تُسمى السيتوكينات، وهي رسل كيميائية تُساعد على تحفيز إصلاح العضلات. لكن تبريد العضلات في وقت مبكر جداً، كما هو الحال مع حمّام الثلج، يُمكن أن يُضعف هذه الاستجابة الطبيعية، حيث يُضعف الإشارات ويُبطئ تنشيط خلايا الإصلاح، ما قد يؤدي إلى بطء التقدم، ونمو عضلي أقلّ، مع مرور الوقت.

مجلة كل الأسرة

توقيت حمّام الثلج هو الأهم

يبدأ معظم الرياضيين الذين يستخدمون حمّامات الثلج بالغطس في غضون دقائق بعد التمرين، وعادة ما ينقعون أنفسهم في ماء بدرجة حرارة تتراوح بين 8 و15 درجة مئوية، لمدة تتراوح بين 10 و20 دقيقة. هذا هو البروتوكول القياسي، مع أنه غالباً ما يعدّل المدرّبون والرياضيون التوقيت ودرجة الحرارة، بحسب أهدافهم.

قد يكون الانتظار لمدة ساعة على الأقل، قبل أخذ حمّام الثلج خطوة ذكية، إذ يمنح الجسم وقتاً لإطلاق إشارات بناء العضلات الهامّة، وامتصاص العناصر الغذائية من دون أي تداخل. كما أن استخدام الماء البارد المعتدل (نحو 15 درجة مئوية)، ألطف على عملية تدفق الدم، مقارنة بالماء شديد البرودة. هذا يعني أنه لا يزال بإمكانه المساعدة على تخفيف الألم من دون إبطاء نموّ العضلات، كما قد تفعل درجات الحرارة المنخفضة.

مجلة كل الأسرة

تكرار استخدام حمّامات الثلج

يُحدث تكرار استخدام حمّامات الثلج فرقاً أيضاً. وفي دراسة ماستريخت ودراسات أخرى مشابهة، استخدم المشاركون غطسات باردة بعد كل تمرين، ما أدى إلى نمو عضلي أقلّ، مع مرور الوقت. ولكن إذا خصص الرياضية مثلاً حمّامات الثلج للأيام الصعبة، مثل المنافسات أو أسابيع التدريب المكثف، يمكن حينذاك تجنب بعض هذه الآثار السلبية مع الاستفادة من فوائد التعافي عند الحاجة إليها.

وإذا كان الهدف هو الحفاظ على لياقتك البدنية والتعافي السريع، بدلاً من بناء أقصى قدر من العضلات، فقد يكون من الأفضل تقبّل الانخفاض الطفيف في نمو العضلات مقابل الشعور بالانتعاش والتعافي بشكل أسرع.

ولا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن حمّامات الثلج ونموّ العضلات. فقد ركزت معظم الدراسات حتى الآن على الشباب، لذلك ليس من الواضح ما إذا كان النساء، أو كبار السن، أو الأشخاص الذين يعانون فقدان العضلات بسبب ظروف صحية، يستجيبون بنفس الطريقة. هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم كيفية تأثير العلاج بالبرودة في فئات مختلفة من الناس.

كما ركزت معظم الأبحاث حتى الآن، على نقع ذراع، أو ساق واحدة فقط، لكن حمّامات الثلج لكامل الجسم قد تُسبب ردود فعل مختلفة في الجسم، مثل تغيّرات في هرمونات، مثل الأدرينالين والكورتيزول، والتي قد تؤثر في كيفية تكيّف العضلات. وهناك حاجة إلى دراسات أوسع نطاقاً أيضاً لمعرفة التوقيت الأمثل، ودرجة الحرارة، وكيفية استجابة الأشخاص المختلفين للعلاج بالبرودة.

مراجعة سريعة

جاذبية حمّامات الثلج مفهومة، فمن منا لا يرغب في الشعور بألم أقل بعد جلسة تدريب شاقة؟ لكن البيانات الحالية يجب أن تكون بمثابة تحذير، فالعضلات تحتاج إلى الدم والمغذيات، وحتى الالتهاب لتنمو. وبالغطس فوراً في الماء المثلج، يُخاطر الرياضيون بتثبيط الإشارات التي تُحفز نمو العضلات.

وبالنسبة إلى لأشخاص الذين يرغبون في زيادة حجم العضلات وقوّتها، قد يكون من الأفضل تجنب حمّام الثلج، أو تأجيله لمدة ساعة، على الأقل. أما بالنسبة إلى الرياضيين الذين يواجهون جداول منافسات صعبة، ويحتاجون إلى التعافي بسرعة، فإن حمّامات الثلج المُحدّدة التوقيت بعناية، يمكن أن تكون أداة مفيدة. وفي النهاية، يجب على كل رياضي أن يزن فوائد الشعور بألم أقلّ مقابل إمكانية نمو العضلات بشكل أبطأ، وتعديل كيفية استخدام العلاج البارد بناء على أهدافه الشخصية، ومتطلبات التدريب.