23 يونيو 2025

الانكسار العاطفي صدمات وآلام شديدة.. فهل من دواء؟

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

عندما تنكسر النفس، وينزف القلب بصمت تبقى المشاعر بعيدة عن الأعين، فلا طبيب نقصده ولا دواء نطلبه... نبحث عن العزلة حيث تهاجمنا الأفكار السلبية وتزيد في الجروح ألماً.

ثمة أوقاتٌ في حياتنا نغوص فيها في بحر الأفكار المحزنة، فهذا قريب خذلنا، وذاك شريك كسرنا، وتلك وظيفة لم تعطنا حقنا، وذاك ابن لم يراعِ مشاعرنا.. نشعر بالاستنزاف العاطفي والانكسار، وتمر الأيام بين قدرة على النسيان ومداواة الجراح، وتراجعٍ أمام المشاعر القاسية، فنضعف ونزداد عزلة.

كيف يتجلى الشعور بالانكسار عاطفياً؟

1- البكاء بسهولة أو بكثرة.
2- الشعور بالفراغ.
3- قلق لا يمكن السيطرة عليه.
4- شعور بالحزن والاكتئاب أو شعور باللامبالاة واضطراب المزاج.
5- الشعور بالتنميل والخدر في الأطراف.
6- الشعور بالقنوط أو اليأس أو الاستسلام.
7- عدم الشعور بالسعادة مهما توفرت الأسباب.

مجلة كل الأسرة

الانكسار الآتي من الداخل

تختلف أسباب الشعور بالانكسار من شخص لآخر، فبعض الناس يشعرون بالانكسار والهزيمة العاطفية عند تذكر تجارب عاشوها في الطفولة، أو بعد أحداث صادمة كفقدان قريب أو صديق أو عزيز. وقد يشعر آخرون بالانكسار بعد فقدان وظيفة أو منزل، أو بعد الإصابة بمرض يهدد حياتهم.

علامات الانكسار العاطفي

يأتي الشعور بالحزن الشديد في الطليعة وقد يصاحبه توتر، أو تغير في العادات الغذائية كالشره أو الصدوف عن الطعام، وقد تحدث اضطرابات في النوم كالهروب من الواقع بكثرة النوم، أو بالأرق الشديد. وعندما تشتد هذه الأعراض قد تصحبها أعراض جسدية تتمثل في الآلام في أنحاء متفرقة من الجسم، أو في مشكلات هضمية. كما أن الشعور بالذنب أو الخجل أو صعوبة التركيز من علامات الضغط النفسي.

أشعر بالانهيار!

يصل بعض الأشخاص بعد الانكسار العاطفي إلى مرحلة يعبّرون فيها بجمل قصيرة ومتكررة عن أحزانهم وآلامهم، وكأنهم يستسلمون للمشاعر التي اجتاحت كيانهم وتركتهم فريسة العزلة واليأس.

فإذا وصلت إلى مرحلة رحت تشكو فيها وتقول «أشعر بالانهيار»، فقد تلاحظ أن عقلك قد خزن الفكرة على شكل مزيد من الحزن يضطرب له جسدك، فتصاب بالصداع وآلام جسدية أخرى.. وقد تنهار باكياً، أو قد تشعر بالضياع، أو قد يحدث العكس فيزيد انفعالك. وليست هذه العلامات سوى بداية الطريق نحو الاكتئاب، فلا بد من التغلب عليها قبل أن تفتك بنفسيتك.

تدني تقدير الذات

قد يؤدي تدني تقدير الذات إلى الشعور بالانكسار، فقد تشكو من أمر سيئ مثلاً يسكنك وحدك دون سائر البشر، أو قد تشعر بأنك متفرد بعيب ما ولا يمكنك إصلاح هذا العيب. وهذا التفكير غير صحيح، فتقدير الذات يمكن أن يُعزّز مع الوقت من خلال اكتساب نظرة جديدة لذاتك مبنية على التفكير الإيجابي لشخصك.

ضعف مهارات التعبير والتواصل

إن عدم القدرة على التعبير عن الرغبات والاحتياجات أمر مرهق وصعب، فقد يؤدي ذلك إلى تراكم المسؤوليات وتحمّل ما لا تطيقه النفس، فتتولد عنه مشكلات في العلاقات الأسرية، والعلاقات المهنية والاجتماعية، وقد تظهر الأعراض على شكل استياء وتذمر دون الوصول إلى التعبير عن جذور المشكلة والسعي إلى حلها. وقد يؤدي ذلك إلى اضطراب عاطفي ربما يصل إلى مرحلة الاكتئاب والعزلة.

صعوبة التأقلم والتكيف

بعض الأشخاص يعانون صعوبة في مهارات التأقلم والتعامل مع متطلبات الحياة اليومية. وقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالانكسار العاطفي والإنهاك، وإلى اضطرابات أخرى مثل الشره المرضي، أو فقدان الشهية، أوصعوبات النوم.

مجلة كل الأسرة

التأثر بمواقع التواصل

تُظهر وسائل التواصل الاجتماعي للمتابعين حياة مثالية لبعض المؤثرين الذين يبدون وكأنهم قد وصلوا إلى قمة السعادة والنجاح؛ منازل جميلة، وأجسام رشيقة، وملابس أنيقة، ورحلات وسياحة مكلفة، وهدايا وعلاقات زوجية رائعة، وحب ووئام، وكأن الحياة خالية من أي مشكلة. وقد تنتقل هذه الصورة إلى أذهان بعض المتابعين، وخصوصاً الشباب الذين يشقون طريقهم في الحياة ويحاولون تحدي الصعاب، ومن هنا تبدأ المقارنة ومحاولة التقليد، فتفور العواطف والانفعالات حتى يستوطن الحزن في القلوب لعدم القدرة على استنساخ أنفسهم ليكونوا بالصورة التي صارت قدوتهم والتي تشغل تفكيرهم.

قد يكون الشعور بالإرهاق العاطفي أمراً شائعاً لدى الكثيرين ممن يجدون أنفسهم أدنى من أولئك الذين يظهرون وكأنهم ملكوا العالم والمشاعر الجميلة. ويزداد الأمر صعوبة كلما زادت المقارنات. ولو طرحنا على أنفسنا السؤال التالي: "هل يستطيع كل شخص أن يصل إلى الكمال؟ أو هل يملك كل شخص مفاتيح السعادة كلها؟ فسوف نعلم أننا جزء طبيعي من ذلك العالم الكبير الذي تتنوع فيه طرق استقبال المصائب والأحزان.

اضطراب ما بعد الصدمة

عندما يتعرض بعض الأشخاص لحدث صادم كوفاة عزيز، أو انفصال زوجي، أو فقدان وظيفة، أو خيانة وغدر، قد لا يظهرون ردوداً مباشرة، فيلجؤون إلى الصمت والانسحاب من الحياة الاجتماعية. وإذا استمر بهم الوضع على هذا الحال، فإنهم يعرّضون أنفسهم لمرض نفسي يطلق عليه اضطراب ما بعد الصدمة، وهو مرض نفسي حقيقي يستجيب فيه الجسم عاطفياً للحدث الذي تسبب في الصدمة، فتظهر علامات جسدية كالإرهاق وتراجع القدرة على القيام بالمهام اليومية.

مجلة كل الأسرة

هل من دواء؟

قد يكون من الصعب التعامل مع الشعور بالإحباط أو الانكسار، فالتغلب على القلق واستعادة العلاقات الاجتماعية الصحية يحتاجان إلى تغيير نمط الحياة، وقد يحتاج الأمر إلى الدعم من معالج نفسي متخصص. ولنعلم أن الشعور بالألم جزء طبيعي من تجاربنا الحياتية، فنحن نعيش في عالم متغير ومتسارع، وقد تحدث أمور كثيرة لا نتوقعها. وباتباع الخطوات التالية يمكنك السيطرة على هذا الشعور الذي يؤلم كل من تعرض له دون استثناء:

عبّر عن مشاعرك

حاول أن تعبّر عن مشاعرك سواء بالكلام، أو بالكتابة، أو بأي وسيلة أخرى. أنت في هذه المرحلة تحتاج إلى الدعم العاطفي وإلى رفع المعنويات، سواء بالبحث عن طرق ومداخل للتعبير عن ذلك الحزن الرابض على قلبك أو بالتواصل مع من يستطيع أن يخفف عنك الألم.

اعتنِ بنفسك

اهتم بصحتك الجسدية والعاطفية، ومارس الأنشطة التي تساعدك على الاسترخاء والتخلص من التوتر، مثل التمارين الرياضية الهوائية، وتمارين الاسترخاء والسباحة، أو الرسم والكتابة.

تواصل مع الآخرين

حاول التواصل مع أصدقائك وعائلتك واطلب الدعم منهم، وحاول أن تعبر عن مشاعرك الدفينة، فإن هذا الأمر يمدك بالراحة.

اصبر

قد يستغرق التعافي من الانكسار العاطفي وقتاً، فزوال هذا الشعور لا يكون بين ليلة وضحاها، وقسوة المشاعر أحياناً قد تكون خير دواء للمساعدة على المضي في الحياة ومواجهة التحديات. والزمن كفيل بتبديل المشاعر.

طلب المساعدة

إذا كنت لا تستطيع وحدك أو بمساعدة الأهل والأصدقاء التغلب على مشاعر الانكسار العاطفي فمن المهم طلب المساعدة من متخصص في الصحة النفسية.