
الماء هو جوهر الحياة. فنحن نعتمد على الماء يومياً للشرب، والطهو، والتنظيف. وتناول كوب من الماء البارد المنعش في يوم صيفي حار، يبدو كأنه هدية، ولكن ماذا لو كان شيء ضروري للغاية، مثل الماء، قادراً على أن يجعلنا مرضى من دون أن نعرف؟
يحدث أحياناً، بخاصة خلال فصل الصيف، أن يؤدي سوء الصرف الصحي إلى تضخيم مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، مثل التيفوئيد، والكوليرا، والتهاب الكبد، والتي تؤثر في الآلاف، إن لم يكن الملايين كل عام.
ويمكن أن تؤدي هذه الأمراض إلى إحداث فوضى في جهازك الهضمي، والتسبب بالجفاف الشديد، وفي بعض الحالات، تؤدي إلى مضاعفات تهدّد الحياة، إذا تركت من دون علاج. ولكن الخبر الجيد هو أنه على الرغم من المخاطر الكبيرة التي تسببها، فإن معظم الأمراض المنقولة بالمياه يمكن الوقاية منها.
نستعرض في ما يلي الأمراض الأكثر شيوعاً التي تنتقل عبر المياه، وكيفية انتشارها، والأهم من ذلك، ما يمكنك فعله للبقاء آمناً منها:

ما هي الأمراض المنقولة بالمياه؟
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تؤثر الأمراض المنقولة بالمياه في أكثر من 1.8 مليون شخص سنوياً، في جميع أنحاء العالم، وبعض هذه الأمراض مميت.
الأمراض المنقولة بالمياه تحدث بسبب الكائنات الحية الدقيقة الضارة التي تنتشر من خلال المياه الملوّثة.و تنتشر هذه العدوى عندما يستهلك الأفراد المياه الملوثة، أو يستخدمونها لإعداد وجبات الطعام، أو لغسل ملابسهم، من بين أشياء أخرى. وتفتقر العديد من البلدان النامية، بخاصة في المناطق الريفية، إلى مرافق كافية لمعالجة المياه. وفي بعض الأماكن، تكون المياه محدودة للغاية، لدرجة أن السكان لا يملكون المال الكافي، أو الوقت، للاستثمار في أجهزة تنقية المياه، أو غيرها من طرق معالجة المياه.

لماذا تكون هذه الأمراض أكثر شيوعاً في الصيف؟
يشكل فصل الصيف الظروف المثالية لانتشار الجراثيم، والفيروسات، والطفيليات. وتعمل درجات الحرارة المرتفعة على تعزيز نمو البكتيريا في المياه الراكدة، وتسريع تحلل الأغذية. وعلاوة على ذلك، فإن إمدادات المياه غير الموثوقة، والصرف الصحي غير الكافي في بعض الأماكن، تدفع الناس إلى الاعتماد على مصادر مياه محفوفة بالمخاطر، وهذا يثير احتمال التلوّث، وانتشار الأمراض. وخلال هذا الموسم، قد تسهم مياه الشرب الملوثة، والفواكه والخضراوات غير المنظفة بشكل كافٍ، والأطعمة غير الصحية، في انتشار الأمراض.
أنواع شائعة من الأمراض المنقولة بالمياه
حمّى التيفوئيد
حمى التيفوئيد تسببها بكتيريا السالمونيلا التيفية، وتنتقل عن طريق المياه الملوّثة. ويعاني المرضى، عادة، الحمى لمدة طويلة، وفقدان الشهية، والغثيان، والصداع، والإمساك، وفقدان الوزن. ويجب معالجة التيفوئيد على الفور حتى يتم شفاء المريض، ووقف انتشار المرض.

الكوليرا
تُعد بكتيريا ضمّة الكوليرا، وهي بكتيريا موجودة في الأغذية والمياه الملوّثة، مسؤولة بشكل رئيسي عن هذا المرض. وتشمل بعض الأعراض الإسهال، والقيء، والحمى، وتشنجات البطن، وعادة ما يصيب مرض الكوليرا الأطفال، لكنه قد يصيب البالغين في بعض الأحيان. ومن بين العديد من الأمراض المنقولة بالمياه، فإن معدل الوفيات بها مرتفع للغاية. والأشخاص الذين يعانون ضعف المناعة، مثل أولئك الذين لديهم سوء تغذية، أو مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، هم أكثر عرضة للوفاة بسبب العدوى البكتيرية.
التهاب الكبد «أ»
التهاب الكبد الوبائي «أ» هو عدوى فيروسية تؤدي إلى تلف الكبد، وتنتقل عن طريق المياه، والطعام الملوث. ويمكن أن تشمل أعراض هذا المرض اليرقان، والإرهاق، والغثيان، وفقدان الشهية. وعلى الرغم من أن معظم حالات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي «أ» تختفي من تلقاء نفسها، إلا أن كبار السن والأطفال معرّضون لخطر الإصابة بأعراض شديدة.
داء البريميات
يحدث مرض الليبتوسبيروسيس بسبب بكتيريا الليبتوسبيرا الموجودة في المياه الملوّثة ببول الحيوانات. ويزداد خطر التعرّض لهذه البكتيريا خلال موسم الرياح الموسمية، بخاصة أثناء المشي عبر مياه الفيضانات، أو المشاركة في الأنشطة المرتبطة بالمياه.
التهابات الأمعاء
يحمل فصل الصيف خطراً أكبر للإصابة بالزحار، وأمراض الجهاز الهضمي الأخرى، بخاصة في الأماكن التي تعاني سوء الصرف الصحي. وتشمل أعراض هذه الأمراض الحمّى، والغثيان، والقيء، وتشنجات البطن، والإسهال الذي قد يكون دموياً في بعض الأحيان. وتشكل المياه والأغذية الملوثة بيئة خصبة لتكاثر مسببات الأمراض هذه، التي تزدهر في الظروف الحارة، والرطبة.
كيفية الوقاية من الأمراض المنقولة بالمياه؟

اشرب مياهاً آمنة
تأكد من أن الماء الذي تستهلكه نقي، وآمن للشرب. وللشرب، استخدم الماء المغلي، أو المعالَج، بخاصة إذا لم تكن متأكداً من مدى جودته. وللتخلص من الجراثيم والفيروسات الخطرة، فكّر في تركيب فلتر، أو جهاز تنقية المياه في المنزل.
تأكد من سلامة الغذاء
قبل تناول أو تحضير الفواكه والخضراوات، اغسلها جيداً بالماء النظيف. وتجنب تناول الأسماك النيئة، أو غير المطبوخة جيداً، لأنها قد تحتوي على طفيليات، أو جراثيم تنتقل عبر المياه، بخاصة إذا كانت تأتي من مصدر مشكوك فيه.
اخزن المياه بشكل صحيح
حتى المياه النظيفة يمكن أن تصبح ضارة إذا لم يتم تخزينها بشكل صحيح. ولتقليل خطر إعادة التلوث في المنزل، احرص على إبقاء مياه الشرب في حاويات مغلقة ونظيفة، وتجنب غمس اليدين، أو الأواني المتسخة فيها.

نظف يديك بشكل كافٍ
إحدى أسهل الاستراتيجيات، وأكثرها فعالية لوقف انتشار الأمراض المنقولة بالمياه في منزلك، أو مجتمعك، هي غسل يديك جيداً بالماء والصابون، بخاصة قبل تناول الطعام، وبعد استخدام المرحاض.
اهتم بالتلقيح
يمكن أن توفر اللقاحات الحماية ضد العديد من الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا، وحمى التيفوئيد. وقبل زيارة الأماكن التي تشتهر بمخاطر الأمراض المنقولة بالمياه، تحدث إلى طبيبك حول اللقاحات الموصَى بها.
مراجعة سريعة
الماء هو الحياة، ولكن إذا كان نظيفاً وآمناً فقط. ففي فصل الصيف، يزداد خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، ولكن مع اتخاذ بعض الاحتياطات، يمكنك تقليل خطر الإصابة بالمرض. والمياه النظيفة، والنظافة، والوعي هي دروعك العظيمة. وإذا كنت أنت، أو أحد أفراد أسرتك يشعر بأعراض مثل الإسهال، أو الحمى، أو الجفاف، فاطلب مشورة صحية على الفور. يمكن أن يساعد التشخيص والعلاج المناسبَين على تجنب المضاعفات، وتعزيز التعافي السريع.
اقرأ أيضاً: أمراض الصيف.. 4 مشاكل صحية يتعرض لها طفلك في العطلة الصيفية