عادة ما يقضي المقبلان على الزواج، ومعهما عائلتيهما، الكثير من الوقت لتخطيط تفاصيل الزفاف، وبالتالي يغفلان الجانب الأهم الذي على أساسه ترتكز حياتهما المستقبلية، وهي الفحوص الطبية قبل الزواج. لماذا هذه الفحوص مهمة للغاية؟ وهل إهمالها يفضي حقاً إلى خراب الأسرة أحياناً؟
تهدف فحوص ما قبل الزواج إلى تقديم معلومات عن الجينات والالتهابات، والتحقق من وجود أمراض وراثية أو معدية في الجسم يمكن أن تنتقل إلى شريك حياتك أو طفلك لاحقاً، لذلك من المهم للغاية أن يتم إجراء هذه الفحوص قبل 6 أشهر من موعد الزفاف كي تكون النتائج أفضل.
يعرف الخبراء اليوم الفحوص قبل الزواج لشريكي الحياة على أنها خط الدفاع الأول لسعادة الزوجين. فالتخطيط للأسرة لا يعني فقط وضع الخطط المالية واتخاذ قرار الإنجاب، لأن هناك ظروفاً وحالات أقوى تفرض كلمتها ويمكن أن تقلب حياة الزوجين الجديدين رأساً على عقب. لذلك فإن الفحوص قبل الزواج تساعد على تحديد مجموعة واسعة من الحالات مثل الاضطرابات الوراثية والأمراض المنقولة بالدم والأمراض المعدية، وبالتالي سيتمكن الزوجان من توفير العلاجات ذات الصلة في الوقت المناسب عند اكتشاف أي خلل أو تشوهات. علاوة على ذلك، يمكن لفحوص الخصوبة قبل الزواج اكتشاف الحالات غير الطبيعية التي من المحتمل أنها ستقلل فرص الحمل بعد الزواج، وبالتالي يمكن معالجة مشاكل الخصوبة بالسرعة اللازمة دون التعرض للصدمات النفسية والاجتماعية والعاطفية غير الضرورية المرتبطة بالعقم.
1- تساعد على بناء علاقة صحية وموثوقة بين الزوجين:
يقوم الفحص الصحي قبل الزواج بتثقيف الأزواج بمعلومات صحية غير متحيزة ضرورية لمستقبلهم؛ إذ يسهم التاريخ الطبي للعائلة والعوامل الوراثية وأنماط الطعام والتمارين الرياضية والوزن والإدمان في مدى تمتعهم بالصحة واللياقة البدنية.
2- تمنع الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي:
فالمشاكل الصحية، مثل فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد والزهري والسيلان والهربس، هي أمراض يمكن أن تدوم مدى الحياة وتضعف الجسم. وإذا لم يتم اكتشافها أو السيطرة عليها، فقد تؤثر سلباً في الحياة الزوجية. كما يمكن أن يؤدي عدم تشخيص الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي وعلاجها مبكراً إلى مضاعفات صحية وعقم، وضياع الجنين، والحمل خارج الرحم، والسرطان و/ أو الوفاة المبكرة.
3- تجنب انتقال الأمراض الوراثية إلى الأبناء:
حالات مثل الهيموفيليا (اضطراب ولادي نادر) والثلاسيميا ومتلازمة مارفان ومرض هنتنغتون والخلايا المنجلية، تنتقل جميعها عن طريق الدم ويمكن أن تؤثر في طول العمر. والأهم أن هناك فرصاً كبيرة لانتقال هذه الحالات إلى الأبناء.
4- تساعد على تنظيم الأسرة والعناية بصحة الأطفال:
تمنحنا الفحوص قبل الزواج معلومات وافرة عن خصوبة كل شخص. كما أنها تساعد على فهم عامل الـ Rh الخاص بهم. وهذا العامل هو نوع من البروتين الموروث الذي ينتقل من الآباء للأبناء، ويوجد خارج خلايا الدم الحمراء. إذا كان لديك البروتين فالعامل الذي تحمله إيجابي، وإذا لم ترثه فهو سلبي. غالبية الناس، نحو 85% منهم، لديهم عامل Rh إيجابي. وإذا ما اختلف هذا العامل بين الأم وجنينها فستعاني مضاعفات خطِرة عند الحمل.
قبل بدء اختبار الفحص الشامل قبل الزواج، سيتم أخذ التاريخ الطبي والمعلومات الصحية ذات الصلة من قبل الأطباء، وتشمل اختبارات الفحص للزوجين خمس مجموعات أساسية، على النحو التالي:
1- اختبار الأمراض المعدية
الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي الحالية مثل التهاب الكبد أ، والتهاب الكبد ب، وفيروس نقص المناعة البشرية، وفيروس الورم الحليمي البشري... هي أمراض تحدث بصمت مع أعراض غير واضحة، لذلك يصعب ظهورها في مرحلة مبكرة. إذا دخل المرض إلى مرحلة خطِرة، أو انتشر إلى أحد الزوجين، أو انتشر من الأم إلى الطفل، فسيؤثر بشكل كبير في الصحة وجودة الحياة الأسرية.
إذا كان أحد الزوجين مصاباً بهذه الأمراض، فلا يزال بإمكان الأزواج منع انتقال العدوى من خلال اختبار ما قبل الزواج. علاوة على ذلك، وبناء على نتائج الاختبار، سيقدم الطبيب خطة العلاج وتعليمات حول كيفية حماية شريكي الحياة لبعضهما بعضاً. بفضل الاكتشاف والعلاج المبكر، يعد هذا الاختبار عاملاً مهماً للمساعدة على تقليل مخاطر العقم أو الإجهاض، لأنه سينجح في التحكم فيه بشكل فعال مبكراً.
2- اختبار الصحة الإنجابية
طبقاً للإحصاءات الطبية عالمياً، فإن سبب العقم يكمن في الرجال بنسبة الثلث والنساء الثلث، والباقي ناتج عن الجمع بين الأب والأم أو بسبب غير معروف عند عدد قليل. إضافة إلى العوامل التي تسبب العقم الناجم عن الجينات الخلقية، فإن الظروف المعيشية غير الملائمة والتلوث البيئي هي أيضاً من الأسباب المؤثرة في الصحة الإنجابية للرجال والنساء. لذلك، لا يجب على الرجل والمرأة التفكير بالاهتمام بصحتهما قبل الزواج فقط؛ بل عليهما حتماً إجراء فحوص قبل الزواج للتحقق من صحتهما. فبفضل التقدم الطبي الحديث بات من الممكن للآباء الذين يعانون العقم أن ينعموا بالذرية، لكن عليهما أولاً الاهتمام باختبارات ما قبل الولادة وتقييم الخصوبة لزيادة فاعلية العلاج.
3- تحاليل الدم
اختبار الدم هو أحد الاختبارات الأساسية، وذلك من خلال عملية أخذ عينات بسيطة وسريعة، لكنها تلعب دوراً مهماً في صحة المرأة والأجنة في المستقبل. فمن خلال فحص الدم يمكن للطبيب معرفة كمية ونوعية خطوط خلايا الدم وتقييم فقر الدم لدى الأم، ووضع خطط للاستعداد الجيد للحمل القادم. ليس ذلك فحسب؛ بل يمكن لفحص الدم أيضاً تقييم توافق فصيلة دم الزوج.
4- فحص المشاكل الجينية والتشوهات الخلقية في الجنين
تهتم هذه الفحوص بالكشف عن الأمراض الوراثية التي يمكن أن تنتقل إلى الجنين، مثل الثلاسيميا. ففي الحالات التي يعاني فيها أحد الوالدين مرضاً وراثياً، فإن معدل الأطفال المولودين وهم يواجهون خطر الإصابة بالمرض يمثل 50%. وفي الحالات التي يكون فيها أحد الوالدين يعاني اضطرابات متنحية عندها يولد الطفل بنسبة 25% من خطر الإصابة بالمرض.
بالنسبة للمشاكل المتعلقة بعلم الأمراض الوراثي، ستكون هناك معدلات إصابة لأمراض مختلفة في المواليد الجدد الذكور والإناث، بحسب كل حالة، مثل الهيموفيليا أو عمى الألوان. هذه كلها أمراض مرتبطة بطفرة جينية على الكروموسوم الجنسي.
5- التقييم الصحي العام
يساعد هذا التقييم على تقييم الحالة الصحية العامة للأزواج. يشمل التقييم الوزن والطول وضغط الدم والوظائف التنفسية ووظائف القلب والأوعية الدموية وكذلك فحص الثدي وفحص البطن. كما يتم أيضاً عالمياً الاهتمام بفحص عنق الرحم للمرأة للمساعدة على الكشف عن أي أمراض نسائية مثل الأورام الليفية، التي يمكن أن تحد بشكل كبير من فرص الحمل وتحتاج إلى علاج مناسب.
يعتبر فحص ما قبل الزواج إلزامياً للأشخاص المقبلين على الزواج في دولة الإمارات، وذلك للتأكد من خلوهم من أمراض الدم الوراثية والمعدية والمنقولة جنسياً ضماناً لصحتهم وسلامتهم وعدم انتقال العدوى بينهم، أو على الأجيال المقبلة. وهناك اختبارات جينية اختيارية تندرج أيضاً في إطار الوقاية التي تحرص الدولة على تطبيقها لحماية صحة المجتمع، مثل الاختبار الجيني المطبق حديثاً في أبوظبي ويغطي 570 حالة طبية، يتعرف من خلالها الأزواج إلى الجينات المسببة للأمراض والتي قد يحملها الأبناء مستقبلاً. وتتوفر باقات الفحوص في جميع الإمارات للمواطنين والمقيمين.