نلاحظ جميعاً مدى التطور الحاصل في كاميرات الهواتف المحمولة في السنوات الأخيرة، من ناحية دقة تصويرها ووضوحها. وبما أن هذه الهواتف باتت منتشرة للغاية، بدأ الأطباء بالتركيز عليها لاستخدامها كأداة لإنقاذ حياة الناس في كل مكان، حتى توصلوا أخيراً إلى أن كاميرا الهاتف قادرة على كشف علامات قرب إصابة الشخص بالسكتة الدماغية.
طور باحثون خوارزمية يمكنها تقييم عرض الشرايين في رقبتك. ويعمل هذا البرنامج على إجراء مسح فيديوي مدته ثلاثين ثانية لعنق الشخص بالاعتماد على هاتف ذكي حديث. والشرايين المتضيقة في العنق هي حالة طبية تسمى «تضيق الشريان السباتي» وتعتبر واحدة من الأسباب الرئيسية للسكتة الدماغية.
دقة تشخيص لا تصدق
أجرى هذه التجربة باحثون في تايوان، حيث صوروا فيها مشاهد فيديو لأكثر من 200 عنق مريض كبير بالسن وذلك باستخدام هاتف ايفون6.
في البداية طلب من كل مشارك في التجربة الاستلقاء على ظهره ثم وضع رأسه داخل صندوق مثبت فوقه هاتف نقال لتصويره.
ونجحت الخوارزمية التي ابتكرها الباحثون في الكشف عن أن حوالي تسعة بين كل عشرة مرضى لديهم شرايين متضيقة وبالتالي هم معرضون لخطر السكتة الدماغية.
من جانبه، يقول الدكتور هيسن لي كاو، قائد الدراسة من مستشفى جامعة تايوان الوطنية في تايبيه، إن هذه النتائج «من أعظم الاكتشافات اللامعة». إذ ما هو معهود به في الوقت الراهن أن يتم ملاحظة الأعراض، مثل ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول، قبل أن يقرر الطبيب إرسال المريض للخضوع للأشعة المقطعية (السكانر).
غير أن الطريقة الثورية الجديدة، طريقة تصوير الفيديو، سهلة للغاية بحيث يمكن أن يجريها أي شخص، ومن الممكن، من الناحية العملية، تطويرها إلى تطبيق هاتف قادر على إجراء مسح للسكتة الدماغية وإنقاذ الملايين من البشر.
وفي موازاة ذلك، تتمثل أهمية هذا الاكتشاف في أن الطرق الحالية المعتمدة لتقييم مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية تتطلب استخدام أجهزة أشعة مقطعية وأجهزة موجات فوق الصوتية وآلات أشعة الرنين المغناطيسي، وهي مكلفة للغاية، علاوة على تجهيزات خاصة وكوادر طبية مدربة عليها.
لذلك فإن طريقة التصوير بالهاتف المحمول يمكن أن تقلص كل هذه الاحتياجات بحيث لا يتطلب التشخيص سوي طبيب واحد يستخدم هاتفاً ذكياً وتطبيقاً للوصول إلى التشخيص الدقيق خلال خمس دقائق فقط.
السكتة الإقفارية
السكتة الدماغية هي حالة طارئة تهدد حياة الشخص، وتحصل عندما ينقطع وصول الدم إلى جزء من الدماغ. وتعتبر السكتة واحدة من الأسباب الرئيسية للوفاة أو الإعاقة في الكثير من بلدان العالم.
أما السكتة الإقفارية، التي تصيب حوالي 85% من جميع مرضى السكتة الدماغية، فسببها خثرة دموية في الشرايين التي تغذي الدماغ فتحرمه من الأوكسجين. وهذه الخثرة الدموية تكون عادة ناجمة عن تراكم الصفائح الدهنية داخل الشرايين التي تتفتت فتسبب الانسداد، الأمر الذي يودي إلى إعاقة دائمة أو حتى الموت.
على هذا الأساس، يؤكد الدكتور هيسن لي كاو، وهو أيضاً طبيب قلب، أنه لهذه الأسباب يكون التشخيص الجيد والمبكر لمخاطر الإصابة بالسكتة أمراً حيوياً للغاية. ويشير إلى أن ما بين 2 إلى 5 بالمئة من السكتات الدماغية التي تحدث سنوياً تصيب أشخاصاً لم تكن تظهر عليه أي أعراض لها.
ومن أجل إجراء هذه التجربة المذهلة، استعان الباحثون بـ 202 مريض راقد في مستشفيات تايوان، أعمارهم في المتوسط 68 عاماً، يعاني نصفهم سكتة دماغية إقفارية، وهذا يعني أن شرايينهم متضيقة إلى حد نصف حجمها بسبب تراكم الدهون فيها.
أما البقية فلم يكن لديهم هذه المشكلة. طلب الباحثون من كل مريض الاستلقاء ووضع رأسه داخل صندوق يحد من حركته، وكان هناك هاتف ذكي مثبت على الصندوق صور مقطع فيديو للعنق مدته 30 ثانية.
بعد الانتهاء، عرض الباحثون الفيديو بالحركة البطيئة من خلال خوارزمية تحليلية تفحص الجلد المحيط بالشرايين في العنق، كل نقطة (كل بيكسل فيها)، بحثاً عن علامات متناهية الصغر تدل على محاولات مضنية لإيصال الدم بسبب تراكم الدهون.
بينت النتائج، التي نشرت في مجلة جمعية أطباء القلب الأمريكية، أن الفيديوهات اكتشفت 87 بالمئة من حالات السكتة الدماغية الاقفارية، وهي حالات يصفها الدكتور كاو «صامتة للغاية حتى تحدث السكتة فعلاً»، ويضيف «ولكن مع هذه الطريقة بإمكان الأطباء تسجيل فيديو لعنق مريضهم بواسطة الهاتف الذكي وتحميله من أجل تحليله ثم تسلم تقرير في غضون خمس دقائق.
فالكشف المبكر للسكتة الدماغية الإقفارية يمكن أن تحسن من علاج المريض».
أشار الباحثون إلى أن الدراسة أجريت فقط على عدد قليل من المشاركين.
السكتة النزفية.. نوع آخر من السكتات الدماغية
نوع آخر من السكتات الدماغية، تحدث عندما يتمزق الوريد الدموي فيغرق جزء من الدماغ بكميات كبيرة من الدم بينما تحرم أجزاء أخرى من الإمدادات المناسبة والضرورية منه.
ومن المعلوم أن مخاطر السكتة ترتفع مع تقدم العمر حيث إن الشرايين تتضيق بصورة طبيعية، ومع ذلك هناك عوامل أخرى يمكن أن تسرع هذه العملية. على سبيل المثال، التدخين، التغذية السيئة ونقص التمارين والنشاط البدني يمكن أن تزيد من مخاطر السكتة الدماغية من خلال مساهمتها في ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول.
وتشير التقارير إلى حدوث أكثر من 100 ألف سكتة دماغية سنوياً في بريطانيا وحدها فتسبب وفاة 38 ألف شخص، بينما ينجو من هذه السكتات في بريطانيا أيضاً سنوياً حوالي 1.3 مليون شخص.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية، يعاني أكثر من 795 ألف شخص سكتة دماغية سنوياً، ويتوفى 137 ألفاً منهم.
انتبه لأعراض السكتة الدماغية!
العمر، ارتفاع ضغط الدم، التدخين، السمنة، أسلوب الحياة الخامل، السكري، الرجفان الأذيني، تاريخ العائلة وتاريخ أي سكتة سابقة (أو سكتة مصغرة).. جميعها عوامل خطورة للإصابة بالسكتة.
لذلك، احذر من هذه الأعراض: