الطعام هو جسر بين الأجيال، ورمز للضيافة، وقصة تتناقل عبر النكهات. في تركيا، كل وجبة تُعد طقوساً تربط بين العائلات والأصدقاء، وحتى الغرباء. فأمر بسيط مثل كسر الخبز - سواء كان ذلك السيميت المغطّى بالسمسم والمخبوز حديثاً في شوارع إسطنبول، أو البازلاما الناعمة المتواجدة في أحد البيوت القروية - يحمل في طياته قروناً من التقاليد.
من مائدة العشاء التركية التقليدية (السفرة)، حيث تتوالى الحكايات على أطباق المقبّلات، إلى فن صنع القهوة التركية المقدس وقراءة الطالع من رواسب القهوة، وعقد الصداقات المتينة، يُقدم تراث تركيا في الطبخ رحلة غامرة في الثقافة والتاريخ والتواصل الإنساني.
ومع الخطوط الجوية التركية، تبدأ هذه الرحلة حتى قبل هبوط الطائرة، إذ تعكس كل وجبة على متنها تقاليد الطهو العريقة للمناطق التي على وشك أن تكتشفها.
الكشف عن جواهر المطبخ التركي الخفية
بالإضافة إلى أطباق إسطنبول وغازي عنتاب الشهيرة، تُعد تركيا موطناً لعالم من كنوز الطهي التي يمكن اكتشافها. فمن مطاعم البحر الأسود المشبعة بالأنشوجة، إلى تراث ولاية قَرْص الغني، تقدم هذه المناطق الأقل استكشافاً نكهات أصيلة وطقوساً غذائية متجذّرة في الإرث الثقافي للبلاد.
وللباحثين عن نكهة تركية أصيلة، إليكم أربع وجهات لا بدّ من زيارتها في هذا البلد، تقدم تجارب طهو مميزة وغير متوقعة:
ساحل البحر الأسود – الأنشوجة وخبز الذرة وثقافة شاي لا مثيل لها
على الرغم من أن كثيراً من المسافرين يربطون المطبخ التركي بالكباب والبقلاوة، إلا أن منطقة البحر الأسود تقدم تجربة مختلفة تماماً، ترسمها ملامح البحر والجبال وتلال خضراء يغمرها الضباب.
تجارب لا تُفوّت:
هامسي (أطباق الأنشوجة): السمك الرئيسي في المنطقة يُقدَّم بعدة طرق شهية، منها هامسي تافا (الأنشوجة المقلية المقرمشة)، وهامسيلي بيلاف المعطّر (الأرز بالأنشوجة)، وحتى خبز محشو بالأنشوجة.
الميهلاما: طبق جبن ذائب مرن مصنوع من دقيق الذرة المحلي والزبدة والجبن القديم - مثالي لتغميس الخبز الطازج.
شاي تشاي: رمز الضيافة التركية، يُقدّم هذا الشاي الأسود القوي على أفضل وجه في تشاي بهجيزي (حديقة الشاي التقليدية)، حيث تمتد حقول الشاي الخضراء الضبابية في مدينة ريزا إلى ما وراء الأفق.
لاز بورَيجي: حلوى تفاجئك؛ فهي أشبه بمعجنات البوريك، لكنها محشوة بكاسترد كريمي وتُسقى بشراب سكّري.
هاتاي – قلب المطبخ التركي الشرق أوسطي
تمثل هاتاي، بمزجها بين النكهات التركية والعربية والمتوسطية، واحدة من أغنى وجهات الطهو في تركيا، ومع ذلك غير مستكشفة. وتعترف اليونسكو بثقافتها الغذائية الفريدة، ويتميز مطبخ هاتاي بكونه جريئاً، وغنيّاً بالروائح المميزة، ومتجذّراً في التراث.
تجارب لا تُفوّت:
الكُنافة: عجينة جبن ذهبية مغموسة في شراب سكّري، تُخبز حتى تصبح مقرمشة، وتُقدَّم ساخنة من فرن الحطب مباشرة.
تبسي كباب: طبق شعبي يتكوّن من لحم مفروم بالثوم والفلفل، يُخبز في صينية ويُقدَّم عادة مع خبز اللافاش.
جبن السورك: جبن حار مجفف تحت الشمس ومُتبّل بالزعتر ورقائق الفلفل الأحمر وحبّة البركة، يتميز بنكهته الجريئة والمختلفة عن الأجبان التركية التقليدية.
سمك محشي: طبق من السمك الكامل المحشو بالأرز المُتبل بالأعشاب مثل الشبت والبقدونس، والمغلّف بورق العنب، ويُطهى ببطء حتى ينضج تماماً ويمنح نكهة لذيذة تعبّر عن تراث هاتاي الساحلي العريق.
أقرب مطار: مطار هاتاي الدولي (HTY)
بيبازاري – موطن البقلاوة ذات الثمانين طبقة والمأكولات المصنعة بحرفية
في قلب ريف أنقرة، تقع مدينة بيبازاري، المعروفة ببراعتها في صناعة البقلاوة وتقنيات الطهو البطيء العريقة. إنها وجهة كل طبق فيها يعتبر عملاً فنياً يدويّاً متوارثاً عبر الأجيال.
تجارب لا تُفوّت:
بقلاوة الثمانين طبقة: على عكس بقلاوة الفستق في غازي عنتاب، تصنع بقلاوة بيبازاري بالجوز، ويتم وضع طبقاتها الرفيعة جداً فوق بعضها البعض تتكسر برقة كالزجاج الهش مع كل قضمة منها.
باي بازاري غوفيشي: طبق مكوّن من لحم الضأن والأرز يُطهى ببطء في قدر فخاري مغلق ويُترك طوال الليل في فرن يعمل بالحطب، ما يمنح اللحم طراوة استثنائية.
مهرجان الجزر: تشتهر بيبازاري بإنتاج بعض من أحلى أنواع الجزر وأكثرها قرمشة في تركيا، حيث تُحوّل محاصيلها إلى عصائر طازجة، ومربى، وحتى بقلاوة مبتكرة.
باي بازاري طرطور: مزيج من الزبادي المنعش مع الجوز المهروس والثوم وزيت الزيتون، يُقدّم هذا الطبق الكريمي اللاذع عادةً مع الخضراوات أو اللحوم، وهو مثال رائع على مطبخ باي بازاري البسيط واللذيذ.
أقرب مطار: مطار أنقرة إيسنبوغا (ESB)
قَرْص – كنز المطبخ التركي الخالد
في أقصى شمال شرق تركيا، تبدو قَرْص كمنطقة توقف فيها الزمن. وتشتهر بالأجبان، واللحوم المدخنة، وتقنيات الطهو العريقة، وتقدّم تجربة طعام فريدة لا مثيل لها في أيّ مكان آخر في البلاد.
تجارب لا تُفوّت:
قَرْص غرافييري (جبنة غرويير): جبنة عتيقة بنكهة الجوز، تُصنع في مراعي مرتفعة، وتضاهي جبنة غرويير السويسرية، ولكن بنكهة تركية مميزة.
كاز إيتي (لحم الإوز المدخن ): طبق شتوي شهي، حيث يخضع لحم الإوز للتمليح والتجفيف ثم يُدخن باستخدام طرق حفظ تعود لقرون.
بيتي: يخنة لحم الضأن تطهى ببطء، مغموسة بالزعفران والحمص في أوانٍ فخارية منفصلة لعدة ساعات.
قَرْص بوغتشا مانتي: نسخة فريدة من الزلابية التركي (مانتي)، تأتي بحجم أكبر من المعتاد، ومحشوة باللحم ومرشوشة بالزبدة وتقدم مع زبادي بالثوم.
أقرب مطار: مطار قرص هاراكاني (KSY)
من الرشفة الأولى للشاي التركي في صالة رجال الأعمال بمطار إسطنبول، إلى وجبة معدّة بعناية على يد طهاة محترفين على متن الرحلات الجوية، تجعل الخطوط الجوية التركية من رحلتك امتداداً لثقافة الطعام التركي الغنية.
استمتع بمذاق المقبّلات التقليدية قبل الإقلاع، وتلذذ بفطيرة البيدا الطازجة في الجو، واختتم رحلتك بحلوى لوكوم الكلاسيكية قبل أن تخطو إلى أرض النكهات المتنوعة في تركيا.
لعشاق الطعام، كل وجهة هي بمثابة مائدة تنتظر أن يتم تجهيزها، وكل قضمة تحمل في طياتها قصة. مع الخطوط الجوية التركية، انطلق في رحلة عبر نكهات تركيا الأصيلة تبدأ من السماء.
