بدأت مصممة الديكور اللبنانية ناتالي خوري مسيرتها المهنية في مجال التسويق، حيث عملت مع بعضٍ من أبرز العلامات التجارية العالمية. ومع ذلك، ظل شغفها الحقيقي دائماً في عالم التصميم الداخلي، بابتكار مساحات تروي قصصاً، من ثم قررت اتّباع هذا الشغف، وأسست Ralee Design Studio، الذي تطوّر ليصبح استوديو متخصص في تصميم المنازل الكاملة، وتجديد الفلل الفاخرة.
كيف بدأت رحلتك مع عالم التصميم الداخلي، وكيف اكتشفتِ شغفك بهذه المهنة؟
كانت رحلتي في التصميم الداخلي طبيعية جداً. أثناء عملي في مجال التسويق، كنت منجذبة دائماً إلى الأماكن، كيف تجعل الناس يشعرون، وكيف يمكن للضوء والمواد وتوزيع المساحات أن تؤثر في المزاج والسلوك. ومع مرور الوقت، أدركت أن شغفي الحقيقي هو بتشكيل البيئات أكثر، من ابتكار الحملات التسويقية. قادني هذا الفضول إلى دراسة الفنغ شوي، ثم إلى تأسيس استوديو Ralee Design Studio، حيث تمكنت من دمج الإبداع، وتدفق الطاقة، وسرد القصص، في ممارسة واحدة. ما بدأ كهواية شخصية تحوّل إلى شغف حياتي.
ما هو مصدر إلهامك في التصميم؟
الناس هم مصدر إلهامي الأكبر، كل عميل، وكل عائلة، وكل قصة. كل منزل نصممه يبدأ بفهم من يعيشون فيه، كيف يتحركون، ما الذي يمنحهم الراحة، وما الذي يعكس شخصياتهم. أستمد الإلهام من تلك التفاصيل الإنسانية، الطقوس الصباحية، تجمعات العائلة، والذكريات التي يرغبون في صنعها. وبالنسبة لي، التصميم هو ترجمة هذه المشاعر والاحتياجات إلى مساحات تعبّر عنهم بصدق ودفء. لا يوجد منزلان متشابهان، لأنه لا يوجد شخصان متشابهان.
ما هي الرسالة التي تسعين إلى إيصالها من خلال تصاميمك؟
التصميم الداخلي بالنسبة لي هو تحقيق رؤية العميل، وليس رؤيتي الشخصية. الأمر لا يتعلق بالأنانية، أو فرض أسلوب معين، بل بالاستماع العميق للعميل، وترجمة قصته إلى مساحة تشبهه. أؤمن بأن التصميم ليس غروراً، بل هو توازن وتعاون.
كيف تصفين أسلوبك التصميمي؟
أصفه بأنه فخامة هادئة بروح دافئة، بسيط لكنه غني، راقٍ لكنه شخصي. أدمج في عملي الخطوط المعاصرة مع المواد الملموسة، والضوء الطبيعي، والتفاصيل الحرفية. هناك دائماً إحساس بالهدوء والسرد القصصي، فكل مساحة تحمل حكاية خاصة بها.
ما هي أبرز التحدّيات التي تواجهينها أثناء تنفيذ المشاريع؟
من أبرز التحدّيات تحقيق التوازن بين الإبداع والتنفيذ، الحفاظ على الرؤية التصميمية مع إدارة الجداول الزمنية الصارمة، وتعدّد الموردين. كل مشروع يتطلب تنسيقاً دقيقاً مع المقاولين، والحِرفيين، والموردين، لضمان الجودة في كل مرحلة. وفي عالم التصميم الفاخر، حتى أدق التفاصيل لها أهمية كبيرة، لذا، من الضروري التعامل مع موردين موثوقين يلبّون المعايير العالية، ويسلّمون في الوقت المحدّد. إنها عملية تنسيق مستمرة، بين الجدول الزمني، والجودة، وتوقعات العميل، من دون المساس بالنتيجة النهائية.
كيف ترين تأثير الذكاء الاصطناعي في عالم التصميم؟
الذكاء الاصطناعي أداة، وليس بديلاً. يمكنه تسريع عملية التصور، والبحث، والتوثيق، لكن الإبداع والاتصال الإنساني يظلان جوهر التصميم. أستخدم التكنولوجيا لتحسين الكفاءة، غير أن جوهر التصميم يظل يعتمد على الحدس و الرؤية الشخصية للمصمم.
ماذا عن الاستدامة ودورها في التصميم؟
الاستدامة عنصر أساسي بالنسبة لي. لا تقتصر على اختيار المواد فحسب، بل تشمل أيضاً الاستمرارية الزمنية، وتصميم مساحات تعيش طويلاً، وتزداد جمالًا مع مرور الوقت من دون الحاجة إلى إعادة تجديد متكررة. نحاول إعادة الاستخدام، وإعادة التدوير، والاعتماد على المصادر المحلية قدر الإمكان. وبالنسبة لي، التصميم الزمني الخالد هو أكثر أشكال الاستدامة صدقاً.
ما هي أهم المشاريع التي تعتزّين بها؟
من أكثر المشاريع التي أفتخر بها فيلا جزيرة الجبيل، في أبوظبي، وهو أول مشروع لنا هناك. كان تعاوناً جميلاً مع زوجين رائعين، من البداية إلى النهاية، وقد منحانا الثقة الكاملة في كل خطوة. هذه الثقة سمحت لنا بأن نكون مبدعين، ودقيقين في كل تفصيلة، من التخطيط إلى الأثاث المصمم خصيصاً لهما. النتيجة كانت منزلاً دافئاً وراقياً وخالداً في جماله. هذا المشروع ذكّرني بقوة التصميم عندما يُبنى على الثقة والرؤية المشتركة بين المصمم والعميل.
ما هي أهم النصائح التي تقدمينها إلى المصممين الجدد؟
كونوا فضوليين، راقبوا، سافروا، وتعلّموا باستمرار. لا تتسرعوا بتحديد أسلوبكم التصميمي مبكراً؛ دعوه يتطور مع التجربة. افهموا المواد والنسب قبل التركيز على الاتجاهات السائدة. والأهم، صمّموا بتعاطف، فكّروا في الأشخاص الذين سيعيشون في هذه المساحات، ويتنفسون فيها
