20 أكتوبر 2025

الزراعة في المستقبل... إنتاج أكثر ومساحات أقل وتوفير للطاقة

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تحسين زراعة النباتات 365 يوماً في السنة، وحمايتها من تقلبات الأحوال الجوية، من دون استخدام المبيدات الحشرية؟ هذا ما تطمح إليه شركة Futura Gaïa الفرنسية، ذات النظرة المستقبلية الواعدة في الزراعة العمودية.

مجلة كل الأسرة

ما الزراعة العمودية؟

الزراعة العمودية لا تستخدم الأسمدة التقليدية مثل الزراعة الأرضية، فهي تعتمد على أنظمة الزراعة المائية، أو الهوائية، بحيث يتم توفير العناصر الغذائية للنباتات من خلال محاليل مغذية يجري التحكم فيها بدقة. وفي هذه الأنظمة، تُزرع الجذور في محلول سائل غني بالمغذيات، أو تُرش برذاذ منه ، الأمر الذي يضمن نمو النباتات من دون الحاجة إلى التربة والأسمدة الكيميائية.

إنتاج أكبر ومساحات أقل:

تكتسب الزراعة العمودية زخماً متزايداً في قطاع الزراعة ، ذلك أنها تحتاج إلى مساحة أقل من الأرض مقارنة بالزراعة التقليدية، وهي تضمن زيادة في نمو المحاصيل، وتخفف من الهدر.

 وتتميز الزراعة العمودية بخصائص الاستدامة البيئية، فهي لا تتطلب بيئة تتحكم فيها الأسمدة، والمبيدات الحشرية، كما يمكن زراعة النباتات بالقرب من المناطق الحضرية، وهذا يُقلل من تأثير الانبعاثات، ويخفف من تكاليف النقل.

ومن المتوقع أنه بحلول عام 2050، سيكون هناك حاجة متزايدة إلى الزراعة المستدامة التي تُنتج أكثر ضمن مساحات أقل. ويكشف تقرير للأمم المتحدة أن النمو السكاني في هذه المناطق الحضرية سيؤدي إلى زيادة الطلب على الغذاء.

طموح أكبر وتطور أكثر:

بفضل تقنياتها الزراعية المتطورة والدقيقة، تُقدم Futura Gaïa مجموعة واسعة من خيارات زراعة النباتات، من الأكثر تقليدية إلى الأكثر ندرة، من دون المساس بالأراضي الزراعية، مع مراعاة البيئة والتنوع البيولوجي. ويقول باسكال توماس، المؤسس المشارك للشركة: «أرى أن زراعة المستقبل التي نطمح إليها هي امتداد للزراعة الحالية، وليست بديلاً عنها. والمزرعة العمودية تمثل فرصة لإعادة تثقيف سكان المدن حول ماهية الزراعة، من خلال تقريبها من المدن، وجعلها أكثر واقعية».

زراعة متنوعة، على مدار السنة ومن دون مبيدات حشرية:

 وتقدم الشركة حلولاً لإنتاج النباتات الداخلية لقطاعات الأغذية، ومستحضرات التجميل، والأدوية، والمكملات الغذائية. وهي تعِد بتأمين مصادر نباتية من خلال مزارع صديقة للبيئة توفر أفضل الظروف المناخية للنباتات، وتتيح الإنتاج على مدار السنة، في بيئة محمية من العوامل الجوية، من دون استخدام المبيدات الحشرية.

وعملياً، تنمو النباتات في صوانٍ دائرية تدور ببطء حول ركيزة محورية في وسطها ، الأمر الذي يضمن تعرّضها بالتساوي للضوء والمغذيات. ويُدار النظام بواسطة خوارزميات تراقب باستمرار درجة الحرارة، والرطوبة، وتركيبة التربة، واستهلاك المياه. وهذا يسمح بإنتاج مستقر قابل للمتابعة.

مجلة كل الأسرة

حماية التنوع البيولوجي والمياه والطاقة:

ويُعد ضمان حماية المياه كمورد حيوي للمستقبل، أحد التحدّيات الرئيسة التي تواجهها شركة Futura Gaïa. ويوضح باسكال توماس: «نحن نُزوّد ​​النبات بالماء الذي يحتاج إليه، للنمو فقط، ولا نهدر أياً منه في عملياتنا». وحسب قوله ، تستهلك الشركة ماء أقل بعشرين مرة مما يُستهلك في الزراعة الخارجية. كما تُتيح مزارعها للأنواع النادرة، أو البرية، أو المهدّدة بالانقراض، استعادة مكانتها في صناعة مستحضرات التجميل أو الأدوية، من دون التأثير في النظم البيئية الطبيعية.

من ناحية أخرى، تسعى شركة Futura Gaïa أيضاً إلى تقليل الإضاءة، التي تُمثل قرابة 60% من استهلاك الطاقة في مزارعها العمودية، فمن خلال تكييف دورات الضوء مع الإيقاع اليومي للنباتات، خصوصاً مع تقليل الإضاءة في نهاية اليوم، يُمكن توفير استهلاك الكهرباء بنسبة 12.5% ​​تقريباً، لمحصول الخس، وحتى 30% لمحصول الريحان.

مجلة كل الأسرة

التوأم الرقمي حجر الزاوية لمزرعة المستقبل:

لتصميم وإدارة هذه البنية التحتية من الجيل التالي، اعتمدت الشركة على تقنيات التوأم الرقمي. وتتيح هذه النسخة الافتراضية تصوّر المزرعة قبل بنائها، ومحاكاة سيناريوهات مختلفة، بهدف دمج العالمَين، الواقعي والافتراضي، لتحسين الأداء مع تقليل الأخطاء. ويجسد هذا النهج المتكامل مفهوماً للزراعة تتفاعل فيه البيانات والكائنات الحية، لبناء أنظمة أكثر مرونة وكفاءة.