10 أغسطس 2025

في «دبي للرطب»... أطفال يستكشفون تراث الإمارات ويعيشون حكايات النخلة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

نجح «مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث»، أخيراً، في تحويل موسم حصاد الرطب من مجرّد وقت لجني ثمار النخيل، إلى مناسبة حيّة، يتعرف خلالها الأطفال إلى عالم ثري ارتبط دائماً بتاريخ الإمارات، وجذورها العميقة، حيث يكتشف الصغار حكايات النخلة التي كانت، ولا تزال، رمز العطاء والصبر، ويتعلمون كيف شكّل الرطب جزءاً من حياة الأجداد، ومجالسهم، ليكبروا وهم يحملون هذا الإرث في قلوبهم، ويورثونه للأجيال القادمة.

مجلة كل الأسرة

لا يُعدّ الرطب مجرّد ثمرة موسمية في حياة الطفل الإماراتي، بل هو طعم من ذاكرة البيت، ورائحة من مزارع الأجداد. في كل حبّة رطب، حكاية عن الأرض التي أنبتت النخلة، وعن قيم الكرم، والصبر، والعطاء، التي غُرست في وجدان الأجيال، منذ الصغر... هذا ما كشفه الأطفال الذين شاركوا في أسبوع دبي للرطب، في قلعة الرمال على طريق دبي - العين، حيث تعلّم الأطفال في الإمارات أن النخلة ليست مجرّد شجرة، بل رمز للهوية الوطنية، وركيزة للثقافة المحلية التي توارثها الآباء والأجداد، عبر مجموعة كبيرة من المسابقات والأنشطة، لكل ما يتعلق بأهل النخل، ما يجعله منصة متكاملة تربط الماضي بالحاضر، والمجتمع بتراثه الحي.

مجلة كل الأسرة

الرطب رمز الكرم والضيافة الإماراتية

فمن جهتها، تقول الطفلة فاطمة سلطان «عندما شاركت في أسبوع دبي للرطب، تعلمت شيئاً جديداً اسمه الناموس، وهو التكريم والفوز في المسابقات، وشعرت بالفخر وأنا أرى المزارعين يحصلون عليه. أدركت أيضاً أن الرطب ليس مجرد طعام، بل هو رمز للكرم والضيافة، وأن تقديمه للضيوف عادة إماراتية أصيلة ورثناها عن أجدادنا. وكلما أرى صواني الرطب المزينة في البيوت والمجالس، أشعر بأنني أنتمي إلى وطن يفتخر بتاريخه، ويعتز بتراثه».

مساعدة الأب يخلق جيلاً يفهم ثقافة الرطب

منذ كان سعيد طفلاً صغيراً وهو يساعد والده في ترتيب الرطب على المائدة في رمضان والأعياد، ويقول: «تعلّمت منه كيف أميّز بين أنواعه المختلفة، مثل الخلاص والبرحي. ومشاركتي في أسبوع دبي للرطب كانت فرصة لأري الزوار هذه الأنواع، وأشرح لهم كيف يعتني المزارعون بالنخيل، وأفتخر بأنني أسهم في الحفاظ على جزء مهم من تراثنا».

مجلة كل الأسرة

تجمع العائلات في موسم القيظ

كذلك شاركت الأم نصيفة المر في الفعالية لتعلّم الأطفال كل ما يتعلق بالرطب، منذ لحظة زراعة النخلة حتى موسم القيظ، وتبيّن «حينما تجتمع الأسرة كلها بجوار النخيل لجني ثماره، فإن هذا السلوك المتوارث يجعل الأطفال يدركون قيمة الرطب، ويتعرفون إلى أنواعه وطرق الاهتمام به، ليس فقط كغذاء، بل كقيمة مجتمعية وثقافية واقتصادية متجذرة في حياتنا، تحمل في طياتها روح العطاء، وروابط الانتماء للأرض والتراث».

مجلة كل الأسرة

ثقافة الرطب تنتقل من جيل إلى جيل

وفي تصريح «لكل الأسرة»، يقول عبد الله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث «نحرص دائماً على توريث أبنائنا الموروث الثقافي المرتبط بالتمور، فهذا إرث الأجداد وجزء أصيل من هويتنا. واليوم، رئيس لجنة أسبوع دبي للرطب هو ابن أحد أكبر خبراء النخيل، وهذا يبرهن أن هذه الثقافة تنتقل من جيل إلى جيل. أهل الإمارات يحرصون على التخصص في مجال النخيل ويعلّمون أبناءهم هذه المعرفة، لأن الرطب يمثل ركناً أساسياً من أسس مجتمعنا الأربعة: النخل، والمحمل، والأغنام، والجمال. ونحن على مدار العام نعزز ثقافة الرطب للحفاظ على جذورنا، ونرى تفاعلاً كبيراً من الأطفال الذين لديهم قابلية للتعلم، والتعرف إلى التراث، ليكونوا سفراء له في مختلف أنحاء العالم. كما أدخلنا تقنيات الذكاء الاصطناعي في زراعة النخيل، للاستفادة من التخصصات الحديثة في تحسين جودة الإنتاج وتوثيق المعلومات، بما يضمن استمرار هذه المسيرة بعطاء أكبر، وإتقان أعلى».

مجلة كل الأسرة

ويضيف «حوّلنا «دبي للرطب» إلى مساحة مجتمعية نابضة، تلتقي فيها النخلة، كرمز تراثي أصيل، مع حياة الناس اليومية، حاملة رسالة وطنية تعزز ارتباط الإنسان بأرضه، وهويته الإماراتية. وتأتي مبادرات هذا العام، مثل مزاد النخيل وشوط حلوة دبي، لتجسد هذا المعنى، فالنخلة ليست مجرّد شجرة، بل رمز للكرم والجذور، وامتداد الروابط بين الأجيال، حيث يجسّد «دبي للرطب» في نسخته الثانية توجهاً وطنياً يعكس رؤية إمارة دبي في دعم الموروث المحلي، وتفعيله كمصدر إلهام مجتمعي، وتحقيق الهدف الأسمى وهو تشجيع زراعة النخيل، والاهتمام بها على مستوى الأسرة، والمجتمع، والمؤسسات».