كيف تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز الثقة بالنفس أو زعزعتها؟

كل يوم، تطالعنا على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات يطرح فيها صانعوها موضوعات عدّة، بعضها جيد، وبعضها الآخر مجرّد كلام وثرثرة...هم أحياناً يريدون حصد الإعجابات، وزيادة عدد المتابعين، ولو بكلام سخيف، أو غير واقعي، أو بمعلومات نسجت من وحي الخيال. وبمتابعة الفيديوهات التي تتدفق كالسيل، والتي ترغمنا، في أغلب الأحيان، على متابعتها كأنها سحر يعمل على جذب الناس، كباراً وصغاراً، تأثر الكثير منا بها، وتزعزعت ثقة البعض بأنفسهم، وعلى وجه الخصوص الشباب الذين يعيشون مرحلة اكتساب المعرفة، وخوض تجارب الحياة؛ فهذا يريد أن يقلّد، وذاك ينفي كل ما يقال، وآخر يساوره الشك في نفسه، وفي قدراته، وهنا تبدأ رحلة التحدّي بين الذات، وبين الاقتداء بالنماذج التي نراها ونسمعها.
كيف تؤثر مواقع التواصل في ميزان الثقة بالنفس؟
تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دوراً مزدوجاً، فمن ناحية، هي توفر مساحة للتعبير عن الذات، ومواجهتها بالقدرة على التواصل مع الآخرين، لكنها من ناحية أخرى، تضع المتابعين تحت سوط المقارنة، والرغبة في التقليد، فالمظاهر فيها تلعب دوراً قوياً، وقد تؤدي المعلومات والتجارب السلبية الواردة فيها، وأساليب طرحها مع مرور الوقت، إلى زعزعة الثقة بالنفس.
تعزيز الثقة بالنفس
مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتطوّرها، برزت قدرة الناس على التعبير عن أنفسهم، وعن إبداعاتهم، مع اختلاف أشكال اهتماماتهم، سواء في الفن، أو الحرف اليدوية، أو العلوم، أو الرحلات والأزياء، مع إمكانية العثور على أشخاص لديهم الاهتمامات ذاتها، والتواصل معهم بكل يسر، وسهولة، والتعلم منهم، ومشاركتهم في هواياتهم وأفكارهم، ولو كانوا في مشارق الأرض ومغاربها.

من الخجل والانطواء إلى الثقة والانطلاق
قد يشعر من يعاني الخجل بطبيعته بثقة أكبر عند التعبير عن نفسه أمام الكاميرا، حيث لا يلتقي مباشرة بالجمهور الحقيقي، وهذا يتيح له مشاركة آرائه وشغفه، من دون أن يشعر بالقلق والتوتر. و قد تنمو الثقة بالنفس مع الوقت، فيتعلم الشاب الخجول مواجهة الآخرين، وعرض رأيه، وتطلعاته أمامهم، والتفاعل معهم.
الرغبة في التطور وتحقيق الطموح
يرغب الكثير من الشباب في أن يكونوا بارعين في ما يجيده أصدقاؤهم، وتتيح لهم مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال الاطّلاع على عالم واسع، اكتشاف آلاف المهارات والهوايات الأخرى، وبالتالي، اكتشاف مهاراتهم الخاصة التي كانت تنتظر إشارة، مثل مواقع التواصل، لتخرج إلى النور. وعندما يجد أحدهم ما يلفت نظره، ويثير اهتمام،ه قد يمنحه ذلك اندفاعاً ليملك المهارات ذاتها، أو ربما التفوق على مهارات الآخرين.

تراجع الثقة بالنفس وتدنّي تقدير الذات
تبيّن الدراسات أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي قد يؤثر سلبياً في الثقة بالنفس، خصوصاً عند مقارنة الذات المستمرة بالآخرين. وقد يؤدي هذا التأثر إلى تدني احترام الذات، وإلى القلق، وحتى إلى الاكتئاب أحياناً. فما هي هذه التأثيرات السلبية التي تجعل الشباب في قلق مستمر؟
المقارنة الاجتماعية
قد تعرض تطبيقات التواصل الاجتماعي، من «إنستغرام»، و«سناب شات»، و«يوتيوب»، وغيرها، صوراً ومشاركات مثالية، الأمر الذي يضع المتابعين في مقارنة ما يشاهدونه بأنفسهم، وقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالنقص، وعدم الرضا.

حالة من الإدمان والهوس
تتيح تطبيقات التواصل الاجتماعي للمستخدمين مشاركة الصور ومقاطع الفيديو، وأيضاً تحرير الصور، وتمريرها باستمرار، وتشير الأبحاث إلى أن قضاء وقت طويل على مواقع التواصل قد يضر بثقة المستخدم بنفسه، خصوصاً لدى النساء، والفتيات المراهقات، إذ يمكن لمستخدمي «إنستغرام»، مثلاً، مشاهدة منشورات أصدقائهم، والتعليق عليها، والإعجاب بها، وعندما يحصل أحدهم على إعجاب بمنشور ما يجد في ذلك «مكافأة» ينتج الجسم على أثرها هرمون الدوبامين، وهو مادة كيميائية مرتبطة بالمتعة. لذا قد يسبب عدم الحصول على المكافآت نوعاً من الحزن والاكتئاب، فيلجأ الشخص إلى متابعة ذلك بهوس شديد. وقد تحمل تطبيقات مثل «إنستغرام»، و«تيك توك»، صوراً غير واقعية، تؤثر في رضا المستخدمين عن أنفسهم.
من جهة ثانية، قد تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة للتنمّر، والتعليقات السلبية التي تضعف الثقة بالنفس، خصوصاً لدى المراهقين.
كيفية تعزيز الثقة بالنفس وتجنب التأثيرات السلبية لمواقع التواصل
ثمّة طرق عدّة للسيطرة على الآثار السلبية لمواقع التواصل، من أجل تعزيز الثقة بالنفس، والتخفيف من التأثيرات السلبية التي تقود، غالباً، إلى اعتلالات في الصحة النفسية، قد تؤثر في الحالة الاجتماعية، والعلاقات مع الآخرين:
تقليل استخدام الإنترنت
ينصح الخبراء بتقليل الوقت الذي يقضيه المستخدم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتركيز على الأنشطة الواقعية، مثل الرياضة، والتطوع، والأعمال الفنية... إلخ.
تحديد أهداف واقعية
إن بناء الشخصية والثقة بالنفس عملية مستمرة تتطلب جهداً، واهتماماً بالذات، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحديد الشخص لنقاط القوة والضعف لديه، وأيضاً من خلال وضع أهداف واقعية، وتطوير المهارات، والتعامل بصورة منطقية مع الأفكار السلبية، والاهتمام بالصحة الجسدية والعقلية من خلال ممارسة الرياضة، والنوم الجيد، والتغذية السليمة، والاسترخاء.
وفي حال لم يتمكن الشخص من الوصول إلى هدفه، فيمكنه حينئذ الاستعانة بأصحاب الاختصاص الذين يوجهونه إلى الطريق الصحيح.
نصائح هامّة لبناء الشخصية وتعزيز الثقة بالنفس:
1- اكتشف ما يهمك في الحياة وحدّد قيمك.
2- طوّر مهاراتك الاجتماعية، وتعلّم كيفية التواصل بفاعلية مع الآخرين، والتعبير عن نفسك بوضوح.
3- تحلَّ بالمرونة، وكن مستعداً للتكيف مع المواقف المختلفة والتغيرات في الحياة.
4- كن صادقاً مع نفسك ومع الآخرين، وتصرف بأمانة في جميع المواقف.
5- تحمّل مسؤولية أفعالك وقراراتك.
6- احترم نفسك والآخرين، وتقبّل الاختلافات بينك وبينهم.
7- تجنب مقارنة نفسك بالآخرين وركّز على إنجازاتك الخاصة.
8- احتفل بنجاحاتك مهما كانت صغيرة.
9- كن صبوراً، فبناء الشخصية والثقة بالنفس عملية مستمرة تحتاج إلى الصبر.
10- عِش بسعادة واستمتع بالحياة.